مراكش :حسن مروكن توصلت العلم بحكمين قضائيين إداريين ابتدائي واستئنافي، الأول بتاريخ 2005/02/11، رقم ملفه 2005/12/553 ش، والثاني تحت رقم 1.2008/6/332 بخصوص الدعوى التي رفعتها شركة «ستي وان» في مواجهة المجلس الجماعي لمدينة مراكش في شخص رئيسه. وتتلخص وقائع الدعوى التي رفعتها الشركة المدعية بناء على المقال الافتتاحي أن المجلس الجماعي لمراكش احتل جزءا بدون حق من العقار الذي تملكه الشركة المسمى ب«الجناح» ذي الرسم العقاري عدد 34164 / م الكائن بالمكان المدعو المنارة والبالغة مساحته 174 آر و3 سنتيار تقريبا، وهو عبارة عن أرض عارية، وأحدث به طريقا عموميا دون سلوك المسطرة القانونية، ملتمسة الحكم لفائدتها بتعويض مسبق قدره عشرة آلاف درهم وإجراء خبرة لتحديد المساحة المحتلة والتعويض المستحق عن فقدها مع حفظ حقها في تقديم مطالبها على ضوء الخبرة.. وكان جواب المجلس الجماعي بأن المدعية لم تقدم الدليل على وقوع الاعتداء على العقار المدعى فيه، وأنه لا يمانع في إجراء خبرة عقارية للتأكد من حصول الاعتداء، ولتحديد التعويض المستحق للمدعية. وبناء على المسطرة المعتمدة في القضية لدى القاضي المقرر حيث تبادل الأطراف خلالها المذكرات والتعقيبات، وبناء على جلسة البحث التي جرت على يد القاضي المقرر، وبعد المداولة طبقا للقانون، وتطبيقا لمقتضيات الفصول 1 - 3 - 32 - 50 - 59 وما يليه، و329 - 333 إلى 336 من قانون المسطرة المدنية والقانون رقم 90/41 المحدث للمحاكم الإدارية، بناء على ذلك قضت المحكمة الإدارية علنيا ابتدائيا وحضوريا بقبول الدعوى في الشكل، ورفض الطلب وإبقاء الصائر على رافعه من حيث الموضوع. إلا أن محكمة الاستئناف الإدارية بمدينة مراكش كان لها حكم آخر بناء على المقال المرفوع بتاريخ 2008/02/13 من طرف نفس الشركة، تستأنف بموجبه الحكمين الصادرين عن المحكمة الإدارية بمراكش، الأول تمهيدي بتاريخ 2006/02/24 قضى بإجراء خبرة، والثاني قضى برفض الطلب بتاريخ 2008/02/11 عللت محكمة الدرجة الثانية حكمها بناء على عدة حيثيات ومنها استقراء الوثيقة المعتمدة من طرف المحكمة في قضائها، حيث تبين لها أن الشركة المدعية وإن كانت قد أعربت عن استعدادها للتنازل بالمجان وبدون تعويض أو بفوائد لفائدة المجلس الجماعي عن الباقي من العقار موضوع الرسم 04/34/64 بعد خصم الأجزاء القابلة للبناء موضوع الملفات التي سيتم الترخيص لها من قبل المجلس والذي سيتكلف من جانبه بإنجاز الطريق والتجهيزات المتعلقة بالبنية التحتية، إلا أن المحكمة لا تعتد بالنوايا بدون حجج ووثائق. فالوثيقة المقدمة للمجلس لا تعتبر اتفاقا بالمفهوم القانوني تترتب عنه آثار مُلزمة لما فيه، لاسيما وأن ما تضمنته لا يعدو أن يكون مجرد اقتراح يتوقف نفاذه على التزام المجلس وقبوله بالشرط المعلق عليه صراحة. كما أن إدراج الأرض موضوع النزاع في إطار المنفعة العامة يستوجب نزع الأراضي اللازمة لتحقيق الأهداف المسطرة لها، ولا يعفي ا لإدارة المعنية من سلوك إجراءات نزع الملكية كما هي منصوص عليها بتوجب القانون رقم 5/7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة. وفي غياب ما تُثبت به البلدية ذلك يعتبرأن الطريق في العقار المشار إليه أعلاه اعتداء ماديا يجعل مسؤوليتها قائمة، ويلزمها تعويض الشركة المدعية عن فقد عقارها تعويضا كاملا. ولذلك قضت محكمة الاستئناف الإدارية بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والحكم تصديا على المجلس الجماعي لمراكش في شخص رئيسه بأدائه للمدعية تعويضا إجماليا قدره ثمانية وأربعون مليار ومائتان وأربعة آلاف درهم وبتحميله الصائر (حوالي خمسة ملايير السنتيم). إن قراءة وقائع القضية موضوع المنازعة يُستشف منها في بعدها القانوني دهاء القائمين على الشركة المعنية، واستغفال أو استغلال غفلة المستشارين القانونيين للمجلس الجماعي، وضعية حمّلت المجلس مسؤولية تقصيرية في تدبير الشأن المحلي إداريا وقانونيا وتاريخيا لا يُحسد عليها في هذا الظرف الذي تستعد فيه البلاد للاستحقاقات الجماعية المقبلة، وكلفته كذلك جزاءات مالية مهمة.