محمد بلفتوح إذا كانت مخططات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تهدف إلى تنويع أشكال الطرب والموسيقى بالانفتاح على موجة الأنغام الجديدة التي بكل أسف تفتقد للنغمة الطربية التي تمتع الروح والأذن، فإن هذا الانفتاح لايمكن أن يأتي على حساب الطرب المغربي الأصيل بنوعيه الأندلسي والملحون على وجه الخصوص، ونحن نسجل شبه نقص في الحيز الزمني الذي كان مخصصاً لهذين النوعين من قبل، سواء على أمواج أثير الإذاعة الوطنية أم خلال البث التلفزي في القنوات ليظل التذكير بهذين الصنفين الممتعين في المناسبات الدينية من قبيل شهر رمضان والأعياد الأخرى ويبقى بشكل غائب باقي الأيام لسنا ندري دواعي ذلك إلا من بعض الإلتفاتات خلال السهرات الفنية التي يذوب فيها النوعان أمام طغيان الأنواع الأخرى من الغناء الذي أصبح يخلص بشكل مثير إلى مايقدم في الأعراس داخل البيوت. دون رقيب أو حسيب من لجن البرمجة والإستماع بالشركة والتي من المفروض أن تتفحص مايقدم للمشاهدين والمستمعين قبل الموافقة على بثه ومشاهدته رأفة بالذوق العام وحماية المنتوج الفني الذي بات مثار انتقاد من أبسط المتلقين فبالأحرى المتذوقين للفن الموسيقي. إننا ونحن نثير هذا الحديث عن الطربين الأندلسي والملحون فإننا نريد أن نذكر أنهما النوعان الذين تنفرد بهما بلادنا على الصعيد العربي والعالمي والتفريط فيهما هو هدر لهذه الخصوصية التي يجب أن نعمل على إيلائها أكبر الإهتمام لأنها جديرة بذلك في وقت يثير النوعان انبهارا لدى العلماء الموسيقيين في الخارج نظرا لاغتنائهما بالأنغام الفريدة والمقامات القوية وما إلى ذلك من الجمالية والطربية. وكون أن الخطاب في شأن هذين النوعين موجه للشركة الوطنية التي اتضح أنها مقصرة في حقهما حاليا عكس العهد السابق لنفس المؤسسة التي كانت تخصص لهما حصصا كبيرة للارسال والبث فإن الضرورة تفرض مراجعة فورية للبرمجة الحالية لإعادة المتعة لأذن المستمعين والمشاهدين في ذات الوقت. أخيراً لن أتحدث عن الإذاعات الخاصة فهذه الأخيرة يسجل أن ليس بينها وبين هذين النوعين العريقين (إلا الخير والإحسان) إلا من بعض الفلتات المفاجئة التي تسمح بها غزارة الإنتاج الأجنبي بمخستلف أصنافه.