أجرى الحوار: التهامي بورخيص لماذا فيلم زمن الرفاق في هذه المرحلة بالذات؟ فكرة فيلم زمن الرفاق لم تخلق الآن. وإنما كانت حاضرة من قبل، وخروج الفيلم آلان ربما هو من قبيل الصدفة، بعد أن توفرت لي الامكانيات اللازمة لتحقيقه، وقد كان من الممكن أن يتحقق في مرحلته التاريخية، لو أتيحت لي الظروف المناسبة. أليس الفيلم بمثابة تسليط الضوء على قوة الحركة الطلابية في تلك المرحلة مقارنة بما هي عليه الآن؟ لاأظن أن الحركة الطلابية منعدمة في الساحة، فالاعلام يطلعنا كل يوم بأخبار الجامعة، وبمشاكلها والصراع حاضر بقوة بين الفصائل وأيضا مع الادارة.. صحيح أنه ليست لي فكرة واضحة حول ما يقع في الجامعة اليوم، إلا أن هذا الفيلم هو استرجاع لمرحلة تاريخية معينة عشتها مع مجموعة من الاصدقاء، وهي امتداد للنادي السينمائي الذي تربيت فيه والذي كان حاضرا كحركة شبابية تنشط فيما هو سياسي ونقابي وثقافي، وهذا الفيلم هو أولا حنين إلى هذه المرحلة وثانيا رؤيا خاصة بي أتقاسمها مع الجمهور فشبيبة الحركة الطلابية كانوا يحملون هموم المجتمع المغربي والقضايا الكبرى في العالم والعالم العربي كقضية فلسطين وتحرير شعوب العالم، إذن فهذه النوستالجيا هي العودة إلى مجد الحركة الطلابية آنذاك لا أقل ولا أكثر. إذن هو حفر خاص تحركُه الاديولوجيا؟ لاتهمني الايديولوجيا التي كانوا يتبنونها، هل عندهم الحق فيها أم لا، أكثر ما يهمني هو أن هؤلاء كان لهم مشروع ضخم. وواجهوا به أعتى القوى في تلك المرحلة. ماهي الاضافة النوعية للفيلم في المشهد السينمائي؟ الفيلم أولا، بمثابة وثيقة في قالب سينمائي فرجوي، وهو أيضا لحظة تأمل لوقتنا الراهن، حيث نحصي ما الذي تحقق وما الذي لم يتحقق. وثانيا، هو تلبية رغبة نفسية لشريحة كبيرة في المجتمع المغربي لاسترجاع لحظة عاشوها. ومنه يجب طرح التساؤل الكبير: ما الذي تغير؟ وبلمحة بسيطة على الواقع، ترى كل شيء تغير، فعلاقات الحب تغيرت، وطريقة اللباس والقيم والعقلية وحتى طريقة العيش تغيرت، ومن خلال الفيلم يمكن طرح الأسئلة الآتية: أين نحن؟ وأين وصلنا؟ وإلى أين نسير؟ قلت في ندوة صحفية بمهرجان طنجة، أنك ضد الحركة الأصولية، كيف؟ أنا ضد، وبشكل عفوي، استغلال الدين فيما هو سياسي، فالأصوليون في الجامعة، يتكلمون مثل اليسار، ويبقون في النهاية علمانيين في نظري، في تسيير الشأن العام وقضايا الناس اليومية، فهم ليسوا خارج النسق العالمي، بل هم ضمن التموضعات العالمية واللعبة المتفاهم عليها. هذا يعني في العمق أنك تدافع عن اليسار المغربي؟ بل أدافع عن التوازن، بمعنى أن المد اليساري في المغرب والعالم العربي مازال يساهم في التاريخ، ومهم أن يكون هذا التوازن بحضور اليسار في الساحة، وهذا ليس رأيي وحدي، بل نجده حتى عند مسؤولي البلاد، بهذا المعنى نريد يسارا حقيقيا، ولديه الكلمة، وليس يسار الواجهة. ألا ترى معي أن السينما تهيمن عليها المدن الكبرى؟ صحيح، أن هناك إجحاف كبير في حق مجموعة من المناطق المغربية، ومغيبة في المشهد الإعلامي، وأعطي نموذج الشمال، فاللهجة السائدة في التلفزة تخص منطقة معينة، والشمال دائما يوضع في قالب كوميدي تطبعه الأنثوية أو هي جهة ليس فيها إلا التهريب والمخدرات والهجرة السرية وهذا ظلم في حق هؤلاء الناس الذين لهم تقاليد عريقة وثقافة خاصة، وساهموا بشكل كبير في تاريخ المغرب الحديث، ولو كانت هناك سياسة ثقافية، لتم الاهتمام بهذا التعدد الثقافي بالمغرب، ولن تبقى الدارالبيضاء هي المهيمنة، لماذا مثلا لا يكون سيتكوم بالحسانية أو بالفاسية بدون أن يكون في قالب فكاهي و(غير معمرين بيه)، من حقي كمغربي شمالي أن أنتج وأساهم في إغناء الثقافة المغربية بخصوصياتي وإلا لن أحس بمغربيتي أبدا، وخير مثال على ما قلت هو التجربة الإسبانية، فهي جميلة جدا، فبالرغم من الحساسية الثقافية لكل جهة من جهاتها تبقى كل منطقة لها خصوصياتها، ويصنع سينمائيوها أفلاما بلغتهم وفي منطقتهم، وليس كما هو عندنا، فأنا مثلا من الشمال، يجب علي التواجد بالدارالبيضاء لكي أصنع فيلما. ماهي القضية التي يدافع عنها الشريف طريبق في أفلامه السينمائية ؟.. قضيتي يمكن التعبير عنها بأنها ذاتية، بمعنى آخر كيف لي كذات فاعلة في الوسط الذي أعيش فيه، أن أشرح موقفي منه، وأسلط الضوء عليه وعلى جانب من انتمائي إليه، وهذا يجلعنا قريبا من الجيل الذي أعاصره فالسينما بالنسبة لي ليست وسيلة للتعبير فقط وإنما هي نمط حياة، هي 24 ساعة، هي كل لحظة أعيشها وأتفاعل معها يوميا، أتأثر بها وتؤثر في، بهذا أكون قد ساهمت في التعبير عن رؤيا، ليس في الافلام وحسب، بل كل ماهو موازي لها، وربما هذه هي قضيتي الكبرى وهومشروع ضخم في الحقيقة. هل يمكن للسينما المغربية أن يكون لها حضور بين قطبي هوليود وبوليود؟ بالتعدد الثقافي وبالهوية المغربية يمكن أن يكون لها مكانا جانبيا في السينما العالمية، ليس كصناعة فيلمية. وإنما بالهوية الخاصة بها في هذا الزخم من الهويات المختلفة . لماذا تم اختيارك على ممثلين غير محترفين في زمن الرفاق؟ أولا لطبيعة الفيلم، فأنا كنت أحتاج الى ممثلين شباب، في سن الطلبة، ثانيا لأن الكاستينغ استمر زهاء سنة، وهذا لن أجده في الممثل المحترف لكثرة انشغالاته ولن يلتزم معي كل هذات الوقت. هل أنت راض عن الفيلم؟ كل الرضى، لأن مع الامكانيات ومع اللحظة ومع كل الظروف التي اشتغلنا فيها، خرج الفيلم بهذا الشكل، وحتى لو اتيحت لي الفرصة من جديد وبإمكانيات أكثر، سأصنعه بهذا الشكل الذي خرج به. اختير الفيلم في المسابقة الرسمية بمهرجان تطوان الدولي للبحر الأبيض المتوسط ماهو إحساسك؟ أظن أن تطوان قدمت أحسن هدية للفيلم، بعدما احتضنته في التصوير وساهم فيه شبابها، وهو أيضا اعتراف بهؤلاء الممثلين المستقبليين وبإمكانياتهم، واختيار الفيلم في مهرجان دولي مثل هذا هو احتفاء خاص ليس لي وحدي وإنما للمدينة ككل.