منكَ وإليكَ نظرت اإلى حفنة التراب التي احتوتها قبضتها وكأنها تُمسك برقبة قاتل زوجها، لتهمس في أذنه بتصميم: ها قد أرجعته اليكَ. يا من أورثته أمراضه المزمنة والتي مات بها غريباً.. فخذ.. دثّرهُ.. وارخت القبضة وبسطتها نحو التابوت القابع بالحفرة التي دفعت ثمنها للتو. . اِلتمعت عيناها وابتسمت بارتياح بالغ. تلفتت حولها متحدية عقولهم.. وكأنها مستعدة للإجابة عن سؤال خفيّ طالما تردد في نظرات المواسين منذ لحظة وصولها الى البلاد: أيّ معتوهه هذه لتتخلى عن مكتسبات الإقامة في بلاد الأحلام وتُبدد نتاج صبرهاعلى الشدائد التي رافقت سبيلها الوعر؟! حيرة كان ضيفاً ثقيلاًً على جامع وملجأً متاخم له بالأمس الدامي... واليوم صوت الصافرات المُبلّغة لدنو كرّة جديدة للحديد والنار بلبل صوت المكبرات على مآذن الجوامع وهي تعلن حلول ميعاد الخشوع... بعض الأقدام ساقت أجسادها من الجوامع نحو الملاجئ وترك آخرون ملجئهم ينشدون حِمى الجوامع. أما الصاروخ الجديد فلم يتردد... كان يدرك طريقه جيداً.. صرخة متأخرة في تلك الأصقاع النائية كان الدبّ يصرخ فتفزع الأيائل لتترك صغيراً أو مريضاً تلكأ قرباناً له.. وتتابعت مواسم صامتة تشبه أيامها ثوانيها.. شاخ الدبّ وحان أوآن موته. تجمّع حوله الأيائل بعيون شاردة.. حاول المحتضرأن يصرخ.. فلم ينجح.. حتى أن صرخ قائد القطيع فرَد عليه الرفاق بصرخة مدوية... ليسقط الدبّ ميتاً من الفزع..!