الرئيس الصيني يقوم بزيارة قصيرة الى المغرب    طنجة..12 سنة سجنا نافذا في حق المتورطين في الإعتداء على فتاة الكورنيش    يوم دراسي حول تدبير مياه السقي وأفاق تطوير الإنتاج الحيواني    مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"        MP INDUSTRY تدشن مصنعا بطنجة    بينهم من ينشطون بتطوان والفنيدق.. تفكيك خلية إرهابية بالساحل في عملية أمنية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    جمهورية بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع 'الجمهورية الصحراوية' الوهمية        مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    حكيمي في باريس سان جيرمان حتى 2029    أمريكا تجدد الدعم للحكم الذاتي بالصحراء    تعيينات جديدة في المناصب الأمنية بعدد من المدن المغربية منها سلا وسيدي يحيى الغرب    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    فاطمة الزهراء العروسي تكشف ل"القناة" تفاصيل عودتها للتمثيل    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    الرابور مراد يصدر أغنية جديدة إختار تصويرها في أهم شوارع العرائش    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    مواجهات نارية.. نتائج قرعة ربع نهائي دوري الأمم الأوروبية    ولد الرشيد: رهان المساواة يستوجب اعتماد مقاربة متجددة ضامنة لالتقائية الأبعاد التنموية والحقوقية والسياسية    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    المنتخب الليبي ينسحب من نهائيات "شان 2025"    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    تفكيك شبكة تزوير وثائق السيارات بتطوان    لأول مرة في تاريخه.. "البتكوين" يسجل رقماً قياسياً جديداً    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    المجر "تتحدى" مذكرة توقيف نتانياهو    ما صفات المترجِم الناجح؟    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    زَمَالَة مرتقبة مع رونالدو..النصر السعودي يستهدف نجماً مغربياً    التنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب تدعو الزملاء الصحافيين المهنيين والمنتسبين للتوجه إلى ملعب "العربي الزاولي" لأداء واجبهم المهني    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    وهبي: مهنة المحاماة تواجهها الكثير من التحديات    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !        تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء    تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    جامعة عبد الملك السعدي تبرم اتفاقية تعاون مع جامعة جيانغشي للعلوم والتكنولوجيا    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صناعة السينما بالمغرب : صناعة المستقبل بامتياز
نشر في طنجة الأدبية يوم 11 - 10 - 2011

قديما قالوا : " إن مرآة تقدم الشعوب هي مستوى منتوجاتهم السينمائية "، ونحن في المغرب، البلد النامي، الذي يصارع من أجل التقدم والإزدهار، وإذ نعيش السنة السابعة والسبعون لميلاد المركز السينمائي المغربي، يحق لنا أن نتساءل: ما حصيلة هذا المركز بعد هذه العقود من الإشتغال؟ وهل فعلا أصبحت لدينا صناعة سينمائية بالشكل المتفق عليه عالميا؟ وما نوعية المنتوجات السينمائية التي تفرزها النخبة السينمائية المغربية؟ وما الأثر الذي تتركه سينمانا المغربية ضمن المنظومة السينمائية العالمية لدى المتلقي؟ وما هو واقع المؤهلات السينمائية الوطنية وكيف يعول عليها لخلق صناعة سينمائية متميزة؟ وما هو أثر السينما المغربية لدى وسائل الإعلام داخليا وخارجيا؟
إن المركز السينمائي المغربي الذي أسس سنة 1944، إبان الحماية الفرنسية على البلاد، ورغم تمتعه بصفة المؤسسة العمومية وبالإستقلالية التامة، يظل هو الوحيد الذي ينظم هذا القطاع ويهتم بتطبيق القوانين التي تنظم صناعة السينما في المملكة، والتي تقوم على كاهل القطاع الخاص بشكل أكبر، ويذكر هنا أن أول شريط سينمائي مغربي تم إنتاجه من طرف هذا المركز وذلك سنة 1946، بعنوان "الباب السابع"، وكان هذا الشريط في الأصل ناطقا باللغة الفرنسية، وقام بتجسيد الأدوار فيه ممثلون مغاربة، وعرض في مجموعة من دور العرض في المغرب وفرنسا..إلا أن الموثقين للفعل الفيلمي بالبلاد يشهدون للمخرج محمد عصفور بأنه صاحب أول فيلم مغربي بعنوان "الإبن العاق" والذي أنتج سنة 1958 ...وبعد ذلك اكتفى المركز بإنتاج عدد قليل من الأفلام الطويلة والقصيرة، كما أنتج أفلاما وثائقية وأخرى تربوية.
إلا أن إرادة المشتغلين في الميدان الفيلمي بالمغرب، برزت في حقبة الثمانينات والتسعينات على وجه الخصوص، مع موجة من الفاعلين الشباب الذين أخذوا على عاتقهم العمل من أجل فرض الوجود وإخراج الرغبة بالدفع بالسينما المغربية من القمقم الذي أريد لها أن تدفن فيه، وهكذا ومع حلول العهد الجديد بالبلاد، تم تنظيم هذا القطاع بمأسسة المركز السينمائي المغربي من جديد وإعطائه صلاحيات أكبر، وتخويله البحث وتشجيع ودعم المبادرات الجادة، وهكذا أصبحنا أمام جيل من المخرجين الشباب الذي استطاعوا أن يمثلوا بأفلامهم المغرب في العديد من المحافل الدولية، كما اعتمد المركز في سياسته على تشجيع القطاع الخاص قصد الإستثمار في هذا القطاع، وتم خلق مؤسسات أخرى إضافية، كمؤسسة المهرجان السينمائي الدولي لمراكش برئاسة فعلية للأمير مولاي رشيد والتي استطاعت أن تبرز عالميا وأن تجد لمهرجان مراكش موطئ قدم وسط باقي المهرجانات الدولية المعروفة كما استطاعت أن تستقطب من خلاله مجموعة من الأسماء السينمائية الكبيرة والمعروفة على المستوى العالمي، كما نفعت سياسة الورشات التكوينية الموازية لفعاليات المهرجان في تكوين وتأهيل مجموعة الموهوبين الشباب في مختلف المجالات التقنية المرتبطة بعالم السينما.
المهرجان الوطني للفيلم بطنجة كذلك أصبح محطة سنوية مهمة، يتنافس المخرجون ودور الإنتاج على التحضير لها والمشاركة فيها بأفلامهم الجديدة، مما يخلق تنافسا وحيوية قطاعية تدفع لا محالة بالقطاع إلى الأمام، هذا بالإضافة إلى مهرجانات نوعية وثيمية أخرى، كالمهرجان الدولي للفيلم الإفريقي بخريبكة ومهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط ومهرجان الرباط لسينما المؤلف والمهرجان الوطني للفيلم الأمازيغي بورزازات ومهرجانات الفيلم الأمازيغي "اسني وورغ" والفيلم الوثائقي والفيلم والهجرة بمدينة أكادير، والمهرجان الدولي لفيلم المرأة والذي تحتضنه مدينة سلا، وكذلك مهرجانات الفيلم التربوي التي تنظم غالبا بشراكات مع الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين (مهرجاني فاس وكلميم مثلا) ومهرجانات الفيلم القصير (مهرجاني مكناس وتيزنيت على سبيل المثال) التي تشجع الشباب الصاعد على إبراز الذات وفرض الوجود والإبداع.

دور الإعلام في صنع سينما مغربية متميزة
إنه لا يخفى على أي أحد الدور الأساس الذي يلعبه الإعلام في التعريف بالسينما المغربية ، كوجه من أوجه الإبداع والثقافة المغربيتين، بحيث أصبحت المجتمعات الآن ترى حركيتها من خلال وسائل الإعلام المختلفة، حتى أصبحنا في عالم إذا أراد أي أحد التعرف على بنية مجتمع ما يلجأ إلى مكوناته الثقافية من خلال سينماه وأفلامه المصورة.

صورة الفيلم السينمائي المغربي في وسائل الإعلام المختلفة :
للأسف الشديد، فضعف مخزون الأفلام المغربية الموجود الآن على الساحة أثر على تتبعها وتغطتيها بالشكل الذي يمكن من التعريف بها أكثر وإيصالها الى شريحة أكبر من المتلقين، بحيث، تخلو المكتبات وأرشيف الصحف والمواقع الإلكترونية من بحوثات وتقارير حول منظومة الفيلم المغربي، إلا من قليل، ذلك أن المتابعات الموجودة الآن قليلة جدا، نذكر منها متابعات ومقالات تنشر بمجلة "الفوانيس السينمائية" الإلكترونية وببعض المواقع الأخرى وقراءات نقدية ومتابعات بمجلة "طنجة الأدبية" الورقية، ومقالات متفرقة في بعض الجرائد اليومية والأسبوعية، لكنها على العموم تظل غير منتظمة ومرتبطة بحدث معين فقط، وبالتالي فمهمة وسائل الإعلام في التعريف بالسينما الوطنية تبقى غير كاملة، خصوصا إذا ما اعتبرنا أن عدد النقاد السينمائيين البارزين والمعترف بقراءاتهم الموضوعية للأعمال يبقى في عدد الأصابع، خصوصا أمام التهكم والحرب العفوية التي تتعرض لها بعض الأعمال المغربية تحت ذريعة القيم أو الدين أو التقاليد والعادات.
الفيلم الأمازيغي كنموذج لفيلم مغربي ينمو ويتطور
للأسف الشديد، فضعف مخزون الأفلام الأمازيغية الموجود الآن على الساحة أثر على تتبعها وتغطتيها بالشكل الذي يمكن من التعريف بها أكثر وإيصالها إلى شريحة أكبر من المتلقين، بحيث، تخلو المكتبات وأرشيف الصحف والمواقع الالكترونية من بحوثات وتقارير حول منظومة الفيلم الأمازيغي، إلا من قليل، ذلك أن المتابعات الموجودة الآن قليلة جدا، نذكر منها متابعات ومقالات الأستاذ محمد بلوش (صاحب مدونة الكشكول السينمائي 130000 زائر وهو ينتظر نشر كتابين حول الفيلم الأمازيغي) وكتابات الناشط الأمازيغي عمر اذثنين (الذي يعتبر أول كاتب يخرج كتابا حول الفيلم الأمازيغي: "الفيلم الأمازيغي :مقالات وأراء") وفيلمولوجيا الدكتور جميل حمداوي الذي استقى بعض محتوياتها اعتمادا على كتابات محمد بلوش وحسناء زوان.
وفي هذا الصدد لا بأس أن نتطرق لنماذج من التصورات الواقعية لأهم النقاد الذين تابعوا مسيرة الفيلم الأمازيغي :
تصور محمد بلوش :
الناقد محمد بلوش يرى أن الفيلم الأمازيغي بعيد عن واقعه ، ولا يتطرق إلى القضايا التي تهم الإنسان الأمازيغي، حيث إن هذه الأفلام لا تشتغل على " سيناريوهات محبوكة وفق قواعد الكتابة الدرامية. بحيث تكثر التناقضات ويعم التسطيح في معالجة قضايا أغلبها مستوحى من اللاواقع المعاش. حيث الهروب إلى الفكاهة والتهريج باسم التراث، والنهل من التراث الشعبي الأمازيغي. وهو ما يقدم البادية الأمازيغية في صور كاريكاتورية فجة.،لا علاقة لها بالواقع المعاش، بل وأكثر من ذلك، يكون اختيار فضاءات تلك البادية للتصوير مجرد حيلة فنية للاشتغال وفق شروط غير مكلفة ماديا " .
ومن هنا، ينبغي للفيلم الأمازيغي أن يختار سيناريوهات جيدة وموضوعات إنسانية مصيرية وهامة تخدم الإنسان الأمازيغي ، وتدافع عن هويته ووجوده وكينونته، وتستعرض مشاكله الاجتماعية والواقعية بطريقة جادة ومثيرة للرصد والتفرج والمشاهدة.
تصور مصطفى مسناوي :
ويعني هذا أن الفيلم الأمازيغي بسيط من حيث البنية والصناعة ، وذلك على مستوى الحبكة الدرامية و التصوير والتشخيص والكتابة السينارستية والإخراج والمونتاج والميكساج. ويقول في هذا السياق مصطفى المسناوي:" أستطيع القول بأن الأعمال الأمازيغية ضعيفة، وبأنها ظلت حبيسة الحكاية الشعبية على مستوى المواضيع المختارة، وكذا كتابة السيناريو وأداء الممثلين الذين يكونون هواة في الغالب، وهذا مرده إلى أن البداية كانت من منطقة سوس (أكادير وتارودانت) حيث كانت الأفلام عبارة عن أشرطة فيديو ليس إلا.
تصور جميل حمداوي :
الأفلام الأمازيغية لا تختلف في طريقة تصويرها عما يعتمد في الأعراس، إلى جانب أنها لا تطرح قضايا تتعلق بالواقع المجتمعي المغربي. وأنا أصف هذه النوعية من الأفلام الأمازيغية بما يسمى ب" الكيتو". حيث يشاهدها الأمازيغ فقط، وبالأخص الذين يتحدثون ب" التشلحيت"، ولذلك لم تستطع أن تفرض نفسها كعينة متميزة بجمالية إبداعية خاصة.
ويجب التنويه هنا بفيلم " إمزورن" وفيلم" إموران" اللذين تم تصويرهما بشكل فني متطور وبمعالجة جيدة للموضوع، وما عدا ذلك يبقى مجرد محاولات خجولة وعديمة المفعول، من قبيل 30 تيلي فيلم التي أخرجها نبيل عيوش، والتي اعتبرها مشروعا تجاريا يهدف منتجوه البعيدون كل البعد عن السينما والأمازيغية إلى جني الأموال الطائلة، والدليل أن لا أحد يراها لكونها عديمة التأثير حتى على المشاهد الأمازيغي الذي لا يتجاوب معها."
وهكذا، فمازالت الأفلام الأمازيغية ضعيفة من حيث الجماليات الفنية والتقنيات التصويرية ، تحتاج إلى معالجات سينماتوغرافية محكمة وجيدة ومضبوطة.
تصور فوزية بندادة:
وهي كاتبة سينارستية أمازيغية ، والتي تقول بكل جرأة وصراحة :" بغض النظر عن الأفلام الناطقة باللغة الأمازيغية أو العربية ، فإن المشهد السينمائي المغربي عموما مايزال ضعيفا، ولا يرقى إلى مستوى تطلعات المشاهد المغربي، والدليل على ذلك أننا لا نجد في الغالب غير المواضيع التي جعلت من الإباحية المجانية رسالتها الأولى.
أما فيما يخص الأفلام الأمازيغية، فيمكن القول بأنها ما تزال تحبو في خطواتها الأولى، ومن الطبيعي أن تكون متعثرة، وكل الآمال معقود على القناة الأمازيغية التي ستحدث طفرة نوعية، وتعطي انطلاقة حقيقية لمختلف الإنتاجات الإبداعية الأمازيغية.
ورزازات : عاصمة للصناعة السينمائية بامتياز
يلقبونها بهوليود المغرب، إنها مدينة ورزازات الساحرة، بطبيعتها التي تجمع بين الجبال والسهول والصحاري، هي المدينة التي يعول عليها المغرب لبناء صناعته السينمائية، وذلك بعد أن أصبحت قبلة مهمة لدور الإنتاج العالمية، قصد تصوير أفلامهم بها، ويكفي أن نشير هنا إلى أفلام مثل "بابل"، "الاسكندر الأكبر"، "كلادياتور" و"كليبواترا" و..
إذن، فلا يمكن الحديث عن صناعة سينمائية بدون ذكر اسم ورزازات، وذلك لما تحتضنه من مدارس خاصة تخرج أجيالا من التقنيين والأيادي المؤهلة للعمل في هذا الميدان، وكذلك لما تتوفر عليه من استوديوهات بمواصفات عالمية، أستوديو "الاطلس" وأستوديو "كان زمان" وأستوديو "كلا" وهي استوديوهات شهدت إنتاج أزيد من 400 عمل سينمائي تتوزع بين أفلام طويلة (60 عملا) وقصيرة (32 عملا) ومسلسلات تلفزيونية وأغاني مصورة وبرامج وربورتاجات وأفلام وثائقية، وكلفت استثمارا ماليا يقدر بمليار و 507 ملايين و 470 ألف درهم.
ويؤكد المسؤولون على هذا القطاع على ضرورة تطوير هذا الجانب بالنسبة للمغرب، لما يلعبه من أدوار اقتصادية هامة، سواء في المغرب أو في منطقة ورزازات، ذلك أن الإقبال المتزايد للفنانين على تصوير أفلامهم في المغرب، وأساسا مدينة ورزازات، يساعد في إبراز الصورة المشرقة للمغرب، والتعريف به في الخارج، بشكل يدعم السياحة التي تعد أهم أعمدة الاقتصاد المغربي وموردا أساسيا للعملة الصعبة.
كما تلعب الصناعة السينمائية في مدينة ورزازات، دورا مهما في تحقيق الرواج الاقتصادي والتجاري لمنطقة مدينة ورزازات، إذ تشكل موردا اقتصاديا مهما لسكانها، وساهمت بقدر كبير في سد الفراغ الاقتصادي القائم وخلق رواج سياحي ساعد الصناعة التقليدية بالمنطقة على الانتعاش وتشغيل أزيد من 20 ألف نسمة، وتوفير 31 وحدة فندقية مصنفة تبلغ طاقتها الإيوائية 4919 سريرا، و 50 وحدة فندقية غير مصنفة، و11 دارا للضيافة و 10 مخيمات و 30 مأوى. كما وفرت مناصب شغل تقدر بأزيد من 95 ألفا و554 فرصة عمل.
وتعتبر تكاليف تصوير الأفلام بالمغرب أقل بأكثر من ثلث تلك التي تصور بها في الاستوديوهات الأوروبية، وهي التي تعتبر بدورها أقل كلفة من نظيراتها الأمريكية. ولا يتردد المغرب، وعيا منه بالدور الأساس، الذي يمكن أن يقوم به مثل هذا القطاع في مجال التنمية، في أن يقدم كل التسهيلات للانتاجات السينمائية. وتتجسد الإجراءات المتخذة على الخصوص في تبسيط الإجراءات الإدارية، من أجل الحصول على رخص التصوير، وتبسيط الإجراءات الجمركية. ويقوم المركز السينمائي المغربي بعمليات العبور (ترانزيت) في استيراد مؤقت لمختلف أدوات التصوير.
وتجدر الإشارة أيضا إلى ان ورزازات توفر فرقا ريق من التقنيين الأكفاء وإمكانية تأجير أجهزة التصوير والعربات، وتبسيط مسطرة الاستيراد المؤقت للأسلحة والمتفجرات، التي تستعمل في تصوير الأفلام، والمساعدة في مجال اللوجيستيك، عبر توفير الموارد البشرية والمادية من أجل تصوير الأفلام.
رغم الاكراهات، صيت السينما المغربية يكبر رويدا رويدا
نعم، فرغم كل الإكراهات التي تتعرض طريق السينما المغربية، إلا أنها تتطور شيئا فشيئا، وأصبحت بالمهرجانات التي تنظم في هذه المدينة وتلك وبجو التنافس الذي يسود فيها وبسياسة التشجيع والتحفيز التي ينهجها القيمون على الشأن السينمائي بالبلاد، تحظى بسمعة طيبة ضمن بقية سينما العالم، إن لم نقل أنها أصبحت تضاهي سينما بعض البلدان الرائدة، ويكفي أن نشرت يومية الأهرام المصرية الذائعة الصيت قبل أسابيع مقالا عن السينما المغربية تعتبر فيه أن المغرب قطع أشواطا جد مهمة في هذا الميدان، كما أعلن صاحب المقال بصراحة: " أن المغاربة يهتمون بالسينما بطريقتهم الخاصة " حيث يتوزع على مدار العام عدد لا تخطئه العين من المهرجانات السينمائية تتنوع في أشكالها ومحتواها ومستواها بشكل بات يهدد بسحب البساط من مصر من حيث الريادة في المجال السينمائي عربيا".
واستفاضت صحيفة الأهرام في أن المهرجانات السينمائية التي ينظمها المغرب وخاصة مهرجانات مراكش وتطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط والرباط لسينما المؤلف وأكادير لسينما الهجرة وغيرها، ترقى إلى حد التميز والعالمية، مسجلة أن ما لا يقل عن 25 مهرجانا سينمائيا تنظم في المغرب كل سنة تصب كلها في خانة مبادرات حب السينما والبحث عن إشاعة ثقافة الفرجة وإتاحة الفرصة أمام صناع السينما فى المغرب للإطلاع على ما ينتج في العالم فى مجال الفن السابع.
وتابعت أن هذه المهرجانات تساهم أيضا في تحقيق الكثير من الأهداف مثل توفير مصادر تمويل إضافية للأفلام المغربية وتسويق المنتج المحلي على نطاق واسع.
وأبرزت أن حالة الإهتمام السينمائي لدى المجتمع المغربي مكنت من الوصول بعدد الأفلام الروائية المنتجة سنويا إلى 19 عملا سينمائيا وهو رقم يضع المغرب فى المرتبة الثانية من حيث حجم الإنتاج في العالم العربي بعد مصر وبفارق كبير عن باقي الدول العربية...واعتبرت "الأهرام" أن الفضل الأساس في زيادة عدد الأفلام المغربية يعود إلى عاملين، يتعلق أولهما بصندوق دعم الإنتاج الذي يتبناه المركز السينمائي المغربي منذ أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، بينما يرتبط العامل الثاني بحالة الإنفتاح السينمائي التي تشهدها المدن المغربية على السينما العالمية حيث أصبح المغرب قبلة لشركات الإنتاج السينمائي الكبرى في العالم ومركزا لتصوير الكثير من الأفلام الأجنبية التي تصل إلى 20 فيلما سنويا.
وأشارت إلى أن تحول المغرب إلى وجهة مفضلة لصناع السينما العالميين ساهم بشكل عام في فتح فرص للإنتاج المشترك بالإضافة لإتاحة الفرصة لما يقرب من 16 ألف مغربي من المشاركة في هذه الأعمال السينمائية الضخمة وصقل مهارتهم في مجال التمثيل بالإضافة إلى استفادة عدة آلاف من المغاربة من العمل في المهن غير المباشرة والمرتبطة بصناعة الأفلام.
ودعت الصحيفة المصرية إلى الاستفادة من التجربة المغربية في مجال التسهيلات التي تمنحها الدولة للمنتجين العالميين حتى تتمكن مصر من الحصول على حصتها الطبيعية من تصوير الأفلام العالمية على أراضيها، معتبرة أن الحكومات السابقة وقفت على الدوام حاجزا أمام هذه التسهيلات بسبب جهلها لقيمة وأهمية صناعة السينما وهو ما جعل أفلاما عالمية تدور أحداثها التاريخية في مصر تصور في وجهات أخرى من ضمنها المغرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.