المشتبه ظل الليل كله يتقلب في الفراش، لم ينم لحظة كأن به زيارة حمى..وفي ذهنه هواجس لا تنتهي. - ترى ماذا يريد مني القايد ولماذا استعجلني المقدم غدا للحضور فكر ولم يجد الجواب.أعاد كرات دون جدوى في الصباح الباكر..حملته رجلاه وخطاه تسارع خطاه في اتجاه المقاطعة. وقف ويداه إلى الخلف مترقبا ماذا ستنبس به شفتا القايد -" لقد تركت اللحية وأردت الصعود إلى الجبل.." قال القايد وقبل أن يجيب الرجل فاجئه بسؤال آخر أعقد من الاول - إلى أي جماعة تنتمي؟ قال ببرودة دم: جماعة عين الرجا القروية كحلم الجنة أو أقرب على شاطئ البحر جلست متأملا البحر في مده وجزره، في حركتين متقابلتين تشعراني بدورات الزمن وتقلبات الحياة. اخترت أن ألعب مع البحر لعبتي الأخيرة.فبدأت أفتح الصدفات و أصنع منها قلادة مختلفة ألوانها. كبرت القلادة وازداد اللعب متعة. وحين فتحت وجدتني معلقا والقلادة في عنقي والجموع حولي تهتف: إلى الجنة يا شهيد. الخريطة علق الاستاذ الخريطة على السبورة المهترئة. ونادى طارقا أنجب تلميذ في القسم للتقدم نحوها. - وطن يا طارق هذه المعطيات على الخريطة ولا تنس المفتاح أغمس الأستاذ رأسه في الكتاب وهو يسرد المعطيات. وحين رفع رأسه وجد الخريطة كلها حمراء - ما هذا يا طارق؟ - دماء الشهداء يا أستاذ. باب الزاوية 1 على باب الزاوية. اصطفوا جميعا. في أسمال رثة مرقعة، ألوانها تحزن الناظرين.. مدوا أيديهم وصمتوا. لا تسمع في المكان إلا سعال شيخ مقهور، أو دعاء بالرحمة على الوالدين و الأقربين. حضرت سيارة رباعية الدفع سوداء.. وخرج منها رجلان بلباس أسود.. نظروا إلى الجماعة مليا ثم انقضوا كالنمور على سليمة أصغرالموجودين في باب الزاوية. و ألقوها في السيارة، ثم انطلقو مسرعبن. 2 غرفة صغيرة مضاءة، رجل وامراتان بلباس أبيض.. تكلموا مرارا وبلغات مختلفة لم تفهم منها سليمة الملقاة على السرير شيئا. ثم غطت في نوم عميق.. حلمت فيه بأمها التي ماتت وتركتها لغطرسة زوجة أبيها التي طردتها من المنزل.. وتركتها مع وحوش الليل. 3 كان وقت الفجر. تعالى صياح الديك. وتعالى آذان المسجد الصغير..توقفت السيارة السوداء أمام باب الزاوية. ثم ألقت بسليمة في ثوب أبيض، وفي جيبها ظرف صغير، فيه خمس أوراق نقدية زرقاء.. التف حولها خلق كثير، فتحت عينيها ثم أغلقتهما في هدوء. الامتحان حضر مبكرا. وكانت قاعة الامتحان مكتضة بشباب وشابات حاملين مطبوعات المادة بين أيديهم. اليوم يوم امتحان وفيه يعز المرء أو يهان دقت الساعة وتقدموا الواحد تلو الاخر. وكل من يخرج لا بد وان يمر بلحظات استنطاق عن ما وقع داخل القاعة. حان دور ربابة فتحت الباب بلطف. وبعيد الجلوس أمام الاستاذ أخرجت مرآة صغيرة وصارت تعدل المكياج.. زمجر الدكتور وقال:أين تظنين نفسك با آنسة؟ - آسف دكتور - ما اسمك؟ - ربابة - أعربيها. فكرت مليا ولم تجد جوابا. أخذ الأستاذ قلمه الأحمر. ودون رقمه الهاتفي ومده إلى ربابة في لطف. ثم غادرت القاعة.