أحس أن خيوط اللعبة تنسل من بين أصابعي. أنا الجالس تحت عتمة ظل ليلي. أحس أني اللعبة وأن الخيوط ليست بيدي. إني أنا الظل الليلي. لعلك تقرئين أفكاري، وعلى مقاسها ترسمين أفعالك وأفعالي . لعلي أفعالك وأنت أفعالي. إني -الآن- قصة من "ققنس" أو رواية لم يكتبها "الخوري". إني الآن حالة مستعصية لا تلامسها الكلمات. إني الآن لا شيء" فوحده اللاشيء ليس كمثله شيء"*. خمس وعشرون سنة وأنا أجري.. خلف الوهم، هاربا من الوهم. أحسني مقامرا فاشلا قايض عمره بانتكاس المغامرة. إنه البدء، أو لعله ليس البدء . إنه منتصف بداية الطريق. هو الصبا يحترق بين الأزقة، والابتسامات مقرفصة فوق الشفاه الكادحة، والأنوثة الملتهبة خلف حايك أسود، وبا عروب يوزع كؤوس الشاي (أتذكرين أن لديه أروع آتاي؟)، والملابس حين تطير من السطوح، والمعطي الحمق بجلبابه المثقوب، والحب الأول تحت رداء لعبة الغميضة، و انتظاراتنا بجانب شجرة الزيتون. إنه أنت زهرة الأشياء المتأبية. أقرأ عليك كتاباتي في مهد المسودة، فتقولين: هنا، الهمزة فوق الواو. لا أهتم، أقول: أحبك تنزح من وإلى القلب سواء فوق أو تحت الليف. تغضبين، فألعن الهمزة. في ليلة أذهلها اكتمال القمر(أكان يستعد لخلافتك؟) . صليت جنبا إلى جنب وسيد الكرمي. تنبجس الخواطر ساذجة من جمجمتي، قبل أن تقفز من مقلتي مع التقاء جبهتي بالحصيرة الزرقاء(لم تتغير حصيرة الجامع رغم كل هذه السنين). وبعد ما سلم الإمام ركضت إلى شجرة الزيتون وهناك قضيت ليلتي. لم أكن أعرف شيئا عن الرباط. في الحقيقة لم أكن أعرف شيئا خارج حدود قريتنا الصغيرة. لازلت أحتفظ بعلبة الفقوس التي أهديتني قبل رحيلك. حين رمت أمي بمحتواها بكيت. بحث في سطل الزبل، بحث أيضا في المزبلة العمومية. وحين لم أجده أمسكت عن أكله رغم حبي له. إنه ليس للأكل، إنه كالورد أو أحسن منه. ولم نعتد أكل الورد. كتبت لك رسالة كل يوم، ولم أرسل لك إلا ما تسمح به ثنائية أنا\أنت. فأنت التواجد الخفي الذي يشحذ الإرادة ويبعث في القلب دفء الحياة. في غيابك اكتشفت أصقاعا أخرى. منجذبا حد الهوس استحضر همساتك متفيئا ذاكرتي. ها أنت الآن أمامي وغشاوة انتصبت بيننا. لعلك تبلغين العشرين أو أكثر بقليل. لعلك أطول بقليل. لعل هضابك مكتملة الاستدارة. لعله ليس حبا حين تنفلت الشهوة من رحم الرغبة الساكنة. لعلك لست أنت. لم عدت؟ الأحلام تموت حين تغدو حقيقة. إني الآن كالمجنون إذ أتمايل بين من تخطو فوق حدقتي ومن تتوسد ذاكرتي. نحن الآن ثلاثة فوق سرير لشخصين. أنت الآن اثنتان بجلباب وتنورة. نتبادل نتف الكلام. ويعاودني صمتي فتكسرينه بفرقعة اللبان. فأستنجد بقول برادة(لا تعرفينه) في لعبة النسيان: وإيه يفيد الزمن************* مع إلي عايش في الخيال.