بعد غيبة طويلة نسبيا عن مهرجان مرتيل السينمائي ، الذي عايشت ميلاده عن قرب وواكبته إعلاميا في دوراته الأولى ، تلقيت دعوة كريمة من مديره الفني الصديق أيوب البغدادي الأنجري وحضرت دورة 2011 الحادية عشرة ، من 30 ماي إلى 4 يونيو ، ولاحظت أن هذه التظاهرة السينمائية والثقافية قد بلغت مستوى محترما من النضج والإحترافية في التنظيم بفضل مجهودات ثلة من الشباب ينتمون إلى نادي مرتيل للسينما والثقافة وإلى كلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة عبد المالك السعدي ، وخاصة طلبة الإجازة المهنية في السينما والسمعي البصري ، بتأطير من الباحث الجامعي حميد العيدوني رئيس مجموعة البحث في السينما والسمعي البصري التابعة لنفس الكلية ، التي يوجد على رأسها عميد متفتح على الفنون والثقافات المختلفة . وبغض النظر عن الفقرات المهمة التي زخر بها البرنامج العام لهذه الدورة 11 وأخص بالذكر منها المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة والوثائقية المغربية والإسبانية والأمريكولاتينية وندوة " السينما كشاهد على العصر " الدولية واللقائين المفتوحين مع المخرجين الكبيرين المصري خالد يوسف والفلسطيني ميشال خليفي ، فإن الشيء الذي استرعى انتباهي أكثر من غيره هو التألق الذي أبان عنه الطالب الشاب مهدي السويسي في مختلف الجلسات الصباحية لمناقشة أفلام المسابقة التي حضر مخرجوها . لقد كان تنشيطه لهذه الجلسات سلسا وهادئا وأظهر من خلاله تمكنا ملحوظا من تقنيات التواصل وقدرة كبيرة على الإنتقال من لغة إلى أخرى من اللغات الأربع المتداولة في هذه الجلسات وهي الإسبانية والفرنسية والعربية والأنجليزية ، عبر ترجمة فورية لأسئلة المتدخلين وإجابات المخرجين . إن الشاب مهدي يمكن اعتباره مكسبا كبيرا لمهرجان مرتيل وذلك لأنه جمع بين موهبة في اتقان عدة لغات وخبرة في تسيير جلسات النقاش وعشق للسينما وثقافتها وتكوين جامعي في السينما والسمعي البصري . وهذا ليس غريبا على شاب منحدر من أسرة سينمائية ، فأبوه المنتج والمخرج الطنجاوي جمال السويسي أحسن توجيهه منذ الصغر إلى تعلم اللغات الأجنية وتقنيات التواصل وزرع فيه حب السينما وذلك لأنه يعرف عن يقين ، بحكم احتكاكه بالإنتاجات الأجنبية المصورة بالمغرب ، أن اللغات الأجنبية الأكثر تداولا في العالم كالأنجليزية والإسبانية والفرنسية وغيرها ضرورية لكل من أراد الإنفتاح على عوالم السينما العالمية . فتحية لهذا الشاب المتألق وتحية لأبيه الصديق جمال وتحية لمن وضعوا ثقتهم فيه وفي قدراته ومزيدا من الإنفتاح على الشباب والمؤسسات العلمية.