قالت:"أراك مغازلا سيل الجراحْ و كأنّما الدّنيا تفان في النّواحْ و أراك تلثمها بلهفة عاشق ضمّ الحبيب ولم يدع درب الكفاح فطفا عليه العطف عمرا ساهما في اليأس مزروعا يجازف في الرّياح يا أيّها الشّاكي ابتسم فالأمس لا يُنسى إذا ما ظلّ متروك الجماح فيدمّر الأحلام في روض أتى من رحلة الأعمار مبتهج الجناح جوناؤك ارتاحت على زهر الشّذا يا ناقما ما قد أراح و لا استراح لا الشّمس وجهك قطّبت في لوعة و اللّيل لا يُغفيك مهدا للصّباح عجبا جريح أنت في أكفانه لا زال ريبا في تآويل المزاح غرّد و غرّد أنت لحن أغارد و امرح فأيّام الدّنا فيض انشراح صرت التّشاؤم في فؤاد طارف و غدوت قفل الدّهر في زمن انفتاح و تركت عمرك يحتويه تذمّر و لقد تولّى العمر في طيّ الرّواح هلاّ ابتسمت فإنّ ضِحكك قد صبا لرؤاك شوقا في فم يأبى البواح مذ يكتم السّرّ المرير بعمقه لم يستطب قولا مخافة الافتضاح و جميع ما يُخفي فؤادك قد بدا للكلّ حزنا أسودا بالوجه ساح بل أنت ثغر أطمست شفتاه أع ماق اللّيالي بالأساطير الصّحاح " فسمعتها و تركتها في لغوها: " اللّهوُ ما لي طاب يا ذات الوشاح ما الورد لولا الشّوك يحجب حسنه ما الشّمس لولا اللّيل في الظّلّ استباح ما الحبّ لولا الشّوق هيّج ناره ما الوصل لولا البين كان له سلاح و أنا و إن يعتادني عنت الأسى فلأنّ روحي أُشغفت طهرا صُراح فتقوم للدّاني بغير سعادة و تشيد بالنّائي طموحا أو جناح أشتاق للعلياء حُفّت روضة بالغيث و الإنداء ما حُفّت قراح و لبلسم الوجدان ريحا ساقني للحبّ و الأنسام بستان ارتياح فإذا شممت أنا العبير استبشرت روحي فما مسّ الضّنى تلك النّفاح أمّا ابتسامي فالعجيب بأنّه جهل بشوك اليأس في ورد الأقاح قد ذرّ في أرض السّلام بذوره لتطول شوكا في غد خِلنا انشراح فيصيب في الأقدام عزم حثيثها و تعلّق الخطوات أعيى الإجتراح و يميت في تلك الوجوه جمالها و يبيد في تلك النّفوس ذرى النّجاح " قالت: " لم الأحزان ما والت سوا. ك كأنّما في السّرّ قد والتك صاح " فأجبتها:" أنّ الحقيقة كلّها سرّ عظيم ما دنا نحو البواح ما كلّ من حولي يتوق تطلّعا في غاية الأجيال من غير اقتراح هي مهجة قد أُلهمت كأس المنى عذبا زلالا فاض من نهر السّراح و الحزن محراب أنا أجثو بهللعزم يبعدني عن القوم القِباح فيكون فيهم ثائرا بزئيره لمّا أبوا أن يسلكوا درب انتصاح " قالت و حيرتها تطاول أمرها ظلّت زمانا حيرتي ترنو اتّضاح : " لكن دماء الأمس و هْي مراقة لم تنتعش بعبيرها يشدو اللّياح بل لم تسل عن بائد لمّا دنا أم كنت نِسيا ساهما ذكر الشِّحاح " فأجبتها: " أنّي حديث العهد لم أُفطم و ما زادي سوى نوح الصّياح في ظلمة الأيام و هْي سخيّة قد جئتها و حديثها ألمٌ أناح أمشي بها ليلا بغير بدائر مثل الغريب و قد جفا أرض الفساح لكنّني أبليت ما قد شاقني فرُميت سهما زاد أحشائي جراح لو تسألي عنّي أنينا صامتا لرأيت ما قد لاح كالوشم المُلاح أو تسألي عنّي عذابي لم أذق يوما بهذا العمر من غير النّواح لسمعت أصداء المآسي تغتدي و تروح في القدَر الّذي بالحزن راح و علمت أنّ الجرح في أعماقنا و ملامح الأعماق جاثمة تُساح وُئدت بها أفراحنا فإذا بنا ال.. أشباح في سحر الدّجى تذِم النّباح قولي أهذا الحزن من أقدارنا أم أنّه من بدعة الزّمن الوَقاح!؟ بالله يا حسناء لا تتجمّلي بالصّمت إنّ الصّمت ما زان المِلاح ما لَلسّماء تكدّرت و غيومها ال سّوداء هاطلة على الدّنيا سجاح و الأرض غير الأرض هِين جمالها و الرّوضة الفيحاء لعنتها فواح و النّاس غير النّاس أُلهم ضيمها ألقا كعربون التّألق في مباح و الحبّ هيكل ماجن يعتاده شعر القنائع فيه قد غرس الرّماح بل كلّ ما فينا تعذّر وصلُه و العار فينا ماحق لم يمحُ ماح أ فبعدها في فيننا من ضاحك قلت ابتسم فاستغفري ذمّ الكفاح ما يضحك الولهان في هذا الزّما.. ن سوى اختلال العقل أو منُّ امتداح أم كيف يضحك و الدّنا صارت له كلسان نار كاذب يُدعى سِفاح أم كيف نأمل بهجة و هي الّتي أبدت لنا الأنياب في ليل الإباح أم ذاق مبتسم الشّفاه سعادة! كلاّ فكم من ضاحك أبدى انشراح و فؤاده آس كعارٍ قد مضى يهدي لنا ثوبا و عورته أباح صعْبُ ابتسامي قد تكبر عن دُنا صعْبُ ابتسامي، إنّه صعب البواح لكنّني قد عشت أشتاق العلا فإذا حباني نسمة بمنى الفواح وعلمت أنّ الجرح ضمّده الزّما ن لربّما استرجعت بهجات ارتياح و الرّوح إن سمت البريّةَ كلّها عن عينها و سؤالها و دُنا النّطاح عن سمعها و كلامها و سرابها و عن التّنابز بالرّموز و الانبطاح في عتمة الظُّلَم الخسيسة أمرها شيطانة قد حالفت غُرّ البطاح فأنا السّعيد و سنّتي متألّق بذرى التّحرّر من قيودي و الجراح روح السّعادة أدرب مُشْوكّة بتكاثف الأوراق في شجر الصّلاح "