في بيتي لا جديد يمكنني أن أقدمه إليك، سوى حاسوبٌ عجوز كلما شغَّلتهُ إلاّ وبدا كبغلٍ ينفضُ الغبار مِن على ظهره.. وفي بيتي كتبٌ مبعثرة وأخرى في الرفوف تُحارب أعشاش العناكب. وفراشي الذي نسيتُ آخر مرةٍ( خمَّلته)فيها.. وفي بيتي الموت الذي يدخل كل ليلة من النافدة ،ككلبٍ أسودٍ مسعور... ليَعْبَث بفردتي حدائي وواحدة من جواربي . و يذرع الحجرة جيئة وذهابا ،يشم الجدران ويغرس أنفه في كأسي الذي تصلبت فيه حثالة الشاي. وأنا ممدد تحت غطائي أراقبُ ، بطرف عيني، أنيابه البارزة وأسمع ضحكاته الزئقبية وأحيانا تطأني أقدامه الثلجية، وأنا أتغاضى عنه باستضافة نقاشات بيزنطية إلى ذهني :هل يمكنني تحويل أحلام نومي إلى قصص أطفال؟. ترى فيما كان يفكر هتلر في آخر لحظات عمره؟... وينصرف الموت عبر أشعة القمر المتدفقة من وراء( خامية) النافدة، بعدما تبين له أن لاشيء يمكن أن يأخذه معه،فكل شيء هاهنا ميت سوى الكلمات المسجونة بين ضلوع الكتب. وأ صير أكثر واقعية في تفكيري: لاشك أنه كان يزورني كل يوم ، لاشك أنه كان يتفادى الاصطدام بي في الممرات والطرقات لأنه يراني ولا أره.. كان علي أن أرافقه في هذه المرة التي رأيته فيها.. ضاعت مني هذه الفرصة.