مشاركة مغربية بصالون الفرانكفونية    بورصة وول ستريت تهوي ب6 بالمائة    سياحة المغرب تستعد لأمم إفريقيا    وقفة مغربية تدين الإبادة الإسرائيلية في غزة و"التنفيذ الفعلي" للتهجير    "لبؤات الأطلس" يهزمن تونس بثلاثية    شراكة ترتقي بتعليم سجناء المحمدية    ‪تبادل للضرب يستنفر شرطة أكادير‬    الوديع يقدم "ميموزا سيرة ناج من القرن العشرين".. الوطن ليس فندقا    الإعلام البريطاني يتغنى بحكيمي: قائد حقيقي يجسد التفوق والتواضع والإلهام    ضربة جوية مغربية تسفر عن مقتل أربعة عناصر من "البوليساريو" شرق الجدار الأمني    في منتدى غرناطة.. عبد القادر الكيحل يدعو إلى تعبئة برلمانية لمواجهة تحديات المتوسط    الطقس غدا السبت.. تساقطات مطرية ورياح قوية مرتقبة في عدة مناطق    حادث سير يُصيب 12 جنديًا من القوات المسلحة الملكية بإقليم شفشاون    حزب الحركة الشعبية يصادق على أعضاء أمانته العامة    مديونة تحتضن الدورة الرابعة من "خطوات النصر النسائية"    أسود القاعة ضمن الستة الأوائل في تصنيف الفيفا الجديد    ترامب يبقي سياسته الجمركية رغم الإجراءات الانتقامية من الصين    الممثل الخاص للأمين العام للحلف: المغرب شريك فاعل لحلف شمال الأطلسي في الجوار الجنوبي    مشاريع سينمائية مغربية تبحث عن التسويق في "ملتقى قمرة" بالدوحة    تطورات جديدة في ملف بعيوي والمحكمة تؤجل المحاكمة إلى الجمعة المقبل    الملياني يبرز أبعاد "جيتيكس أفريقيا"    الحكومة تمكن آلاف الأجراء من الاستفادة من التقاعد بشرط 1320 يوما عوض 3240    انطلاق أشغال الندوة الدولية بالسعيدية حول تطوير الريكبي الإفريقي    جلالة الملك يهنئ رئيس جمهورية السنغال بمناسبة الذكرى ال65 لاستقلال بلاده    رغم اعتراض المعارضة الاتحادية على عدد من مقتضياته الحكومة تدخل قانون العقوبات البديلة حيز التنفيذ في غشت القادم    إير أوروبا تستأنف رحلاتها بين مدريد ومراكش    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء سلبي    "البيجيدي" يطلب وزير التجارة إلى البرلمان بهدف تحديد تأثير رسوم ترامب التي بقيت في حدها الأدنى على صادرات المغرب    تعادل أمام زامبيا في ثاني مبارياته بالبطولة .. منتخب للفتيان يقترب من المونديال ونبيل باها يعد بمسار جيد في كأس إفريقيا    ثمن نهائي كأس العرش .. «الطاس» يحمل على عاتقه آمال الهواة ومهمة شاقة للوداد والرجاء خارج القواعد    عزل رئيس كوريا الجنوبية    الاضطرابات الجوية تلغي رحلات بحرية بين المغرب وإسبانيا    المغرب فرنسا.. 3    منظمة التجارة العالمية تحذر من اندلاع حرب تجارية بسبب الرسوم الأمريكية    الصحراء وسوس من خلال الوثائق والمخطوطات التواصل والآفاق – 28-    زيارة رئيس مجلس الشيوخ التشيلي إلى العيون تجسد دعماً برلمانياً متجدداً للوحدة الترابية للمغرب    على عتبة التسعين.. رحلة مع الشيخ عبد الرحمن الملحوني في دروب الحياة والثقافة والفن 28 شيخ أشياخ مراكش    الإعلان عن فتح باب الترشح لنيل الجائزة الوطنية للثقافة الأمازيغية برسم سنة 2024    "أتومان" رجل الريح.. في القاعات السينمائيّة ابتداء من 23 أبريل    الرباط: انطلاق اللحاق الوطني ال20 للسيارات الخاص بالسلك الدبلوماسي    برلين: بمبادرة من المغرب..الإعلان عن إحداث شبكة إفريقية للإدماج الاجتماعي والتضامن والإعاقة    تسجيل رقم قياسي في صيد الأخطبوط قيمته 644 مليون درهم    الصفريوي وبنجلون يتصدران أثرياء المغرب وأخنوش يتراجع إلى المرتبة الثالثة (فوربس)    أمين الراضي يقدم عرضه الكوميدي بالدار البيضاء    بعد إدانتها بالسجن.. ترامب يدعم زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبان    30 قتيلاً في غزة إثر ضربة إسرائيلية    بنعلي تجري مباحثات مع وفد فرنسي رفيع المستوى من جهة نورماندي    النيابة العامة تقرر متابعة صاحب أغنية "نضرب الطاسة"    تكريم المغرب في المؤتمر الأوروبي لطب الأشعة.. فخر لأفريقيا والعالم العربي    دراسة: الفن الجماعي يعالج الاكتئاب والقلق لدى كبار السن    دراسة: استخدام المضادات الحيوية في تربية المواشي قد يزيد بنسبة 3% خلال 20 عاما (دراسة)    خبراء الصحة ينفون وجود متحور جديد لفيروس "بوحمرون" في المغرب    بلجيكا تشدد إجراءات الوقاية بعد رصد سلالة حصبة مغربية ببروكسيل    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجرأة على النقد
نشر في طنجة الأدبية يوم 02 - 08 - 2010

الحق في الإبداع حق مشاع بين من يتولى إنجازه وبين من يتلقاه، والمشاعية هنا هي مشاعية أخلاقية تترجمها علاقة الحق بالواجب، وتشرحها جملة مبادئ، غايتها منح الثقافة منتوجا قابلا للتداول وحاملا لقيم تحفز الجدل والحوار ولو كان الحاصل معبرا عن اختلاف في درجة القبول أو الفهم، هي إذن أخلاقية بمفهوم لا تحكمه ثنائية الخير والشر، أوالحلال والحرام. ولكن بمفهوم يؤكد ضرورة الإبداع والقراءة في حقل الثقافة، باعتبارهما قدرتين إنسانيتين على ممارسة الخلق والاكتشاف، مقرونتين دائما بالحاجة إلى الجمال والحرية.
المشاعية هنا لا تعني الفوضى والزيف والعبث، إنما تعني وجود حق وواجب مشترك بين من يبدع ومن يتلقى. ومن ثم فالمبدع والمتلقي (القارئ عامة والناقد بخاصة) إذا لم يقدرا حدود تلك المشاعية لن يخدما الإبداع ولا القراءة (حين تتمثل كتابة أي نقدا): فهما مرآتان إحداهما تعكس الأخرى.
نعم كثير مما يسمى إبداعا لا يستحق الانتساب إلى الإبداع، كما أن الكثير مما يكتب باعتباره نقدا هو مجرد تطفل على الإبداع والنقد معا، والعبرة ليست بنزوات من يريد هذا أو تلك، ولكنها في أصل طبيعة الإبداع وتلقيه، وفي الأخلاقية التي تمكن الإبداع والنقد ليكونا حقا مشاعا، فالكاتب لا يكتب لنفسه، والناقد لا يكتب من أجل نفسه. الكاتب يكتب من أجل القراء (المجتمع) والناقد يكتب، قطعا، من أجلهم وقد وضع الكاتب نفسه ضمن القراء: والنقد حين يقدر أخلاقيته يجد نفسه قد جعل القارئ كاتبا والكاتب قارئا. هي أخلاقية تجعل الجدل والحوار - وهما في صلب الإبداع والنقد وبينهما في الآن نفسه - رافدين يغنيان الثقافة بمنتوج جدير بالتداول، ومنتج لتصورات وتصديقات ومفاهيم ومشاعر تتقاطع معرفيا وجماليا ووجدانيا. وتتمثل حاجات الإنسان وتطلعاته إلى امتلاك مكان في عالم يحلم به.
من أجل ذلك يصبح الجهل بالأخلاقية صانعا للرداءة في الإبداع والنقد معا، حيث يغيب عن المتطفلين أن لا وجود لإبداع دون نقد ولا وجود لنقد دون إبداع، ويغيب عنهم أن حقهم مشروط بالأخلاقية التي هي مبرر وجود المشاعية المتحدث عنها.
كيف؟؟؟
لاوجود لنص (شعرا أو قصة ورواية) إلا وكان هذا النص مسكونا بالنقد وقارئ يقول له النص ضمنا: هكذا يكون الإبداع، لغة وصورا ودلالة وموقفا، هكذا يكون تجاوز النص السابق أو تكريسه في الثقافة، ثم يكون للقارئ الفعلي الحق في الرد، أن يكون له رأي أو حكم، دون أن يكلف نفسه تقديم الحجة، حجته موجودة فيما يتضمنه النص أو يظهره.
إن النص دائما يثيره ويجعله مستفزا، سلبا أو إيجابا.
هذا النقد الذي يوصف بأنه نقد عفوي، هو ما يحقق أول مطلب للنص، إنه نقد يؤكد المشاعية التي تبرر رد أفعال من يتلقى الإبداع،، ولا ينظر إليها من منظور التطفل والنزق إنه جواب عن أسئلة القارئ الخاصة: ماذا أريد وماذا أجد في النص؟؟؟.
لكن مطلب النص الأهم يتحقق حين يجد من ينصت إليه، ويعيد إنتاجه من موقع النص نفسه، بتحويل ما تضمنه النص أو أخفاه وتحايل على كتمه وراوغه بالصور (المجازات، الكنايات والاستعارات والقرائن،،) ليجيب عن أسئلة هي التي حتمت وتحكمت في تكوين النص ودخوله إلى مجال الثقافة: ثقافة صاحب النص والناقد الذي يقرر ترجمته إلى نص آخر، نص على النص، لغة على اللغة: ثقافة مفاهيم المعرفة والعلم والقيم.
إذن، الحق المشاع له طبيعة أخلاقية، ميثاق يحكم علاقة الإبداع بالقراءة، ويرسم الحدود المشتركة بين النص والنقد، ليكون الإبداع نقدا والنقد إبداعا، لذا يتحتم أن تكون قوة النقد من قوة الإبداع، فلا نقد له جدارته يحاور إبداعا ضحلا فقيرا ولا قوة لإبداع إلا بنقد قوي.
المتطفلون على الإبداع والنقد يشوهون العلاقة: إذ هم يمارسون اللاأخلاقية ويلعبون خارجها بعقلية طفولية، وخاصة حين ينصبون أنفسهم أوصياء على الإبداع ويتطولون على التنظير، ويروجون القيم الزائفة بعد أن أعرض القراء عن نصوصهم الفقيرة.
هؤلاء لا يحسنون القراءة، لا يمكلون القدرة على الإنصات، يجهلون الموجود ويتعالون عن معرفته. ومع ذلك يكتبون، يكتبون عن نصوص وهمية، يجاملون أسماء بروح عادات أبناء الحواري، يعادون أسماء بذهنية مرضية، يركبون الموجة بروح كلبية، يركضون بالقلم وراء الراكضين.
نعم، إن الأخلاقية تبيح لكل من يحاول ممارسة الإبداع حق المحاولة، لأنها طريق الدخول إلى فضائها والتعلم من مكابدتها، لكنها في الوقت نفسه تمنع من يتنكر لها من امتلاك مأوى يغري بالإقامة فيه وقتا أطول مما يحتاج إليه لص أو ذبابة عابرة فوق مائدة الإبداع والنقد.
فمن يتطفل على النقد لينافق بعض الأسماء (الصديق والصاحبة وصاحب المنفعة،،،) ومن يعادي أسماء الذين ثقل ذكرهم في النفس بلا سبب، أو يتجاهل أسماء أخرى عمدا: فهؤلاء يغتنمون المشاعية بلا أخلاقية، ويحضرون في الثقافة حضور الخلل والتشويش ولا ينتفع بهم إبداع ولا نقد.
ملحوظة:
لا يتعلق الأمر هنا بالقارئ عامة ولكن بالناقد خاصة، أما الدارس الباحث في الإبداع، فهو مطالب بشروط إضافية تفرضها جملة قواعد ومبادئ العلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.