توصلت "طنجة الأدبية" برسالة المديرة العامة لليونيسكو إيرينا بوكوفا بمناسبة اليوم العالمي للشعر، ننشرها كما توصلنا بها : لكل لغة شعرها الخاص ولكل إنسان في أعماقه شاعر مرهف الحس. ويجسد الشعر، سواء كان بسيطا أو مزخرفا، أدق التفاصيل في بحور التجربة البشرية. فالشعر يعبر عما تعجز عن وصفه الكلمات، وعما يشكل الكنز المكنون للبشرية جمعاء. فلنتذكر في هذا اليوم العالمي للشر لعام 2010 أن الشعر موطن عالمي يستطيع فيه كا فة الناس التواصل عبر كلمات مختلفة الألوان والأوزان والألحان، كلمات تستمد بريقها من جوهر الذات البشرية وصميم الكرامة الإنسانية، أيا كانت اللغة. ولما كانت اليونسكو ملتزمة بموجب ميثاقها التأسيسي بنشر " المثل العليا للديمقراطية التي تنادي بالكرامة والمساواة والاحترام للذات البشرية"، فإنها ترى في الشعر معينا لا ينضب، إذ يكشف الشعر في كل زمان ومكان عن مكنونات النفس البشرية التي لايمكن التعبير عنها بوسائل أخرى. لقد أعلنت الأممالمتحدة أن سنة 2010 هي السنة الدولية للتقارب بين الثقافات. ووقع الاختيار على اليونسكو لتكون الوكالة الرائدة لتنسيق الاحتفالات طوال العام داخل منظومة الأممالمتحدة. ويحتل الشعر موقعا بارزا في هذه السنة الدولية التي يراد لها أن تكون دافعا لتعزيز التنوع الثقافي وإحياء الحوار بين الثقافات. فالشعر حلقة وصل فريدة من نوعها تقرب الثقافات على صعيد مختلف بعيدا عن كل الشوائب. الشعر مجموعة من الأصداء العالمية. ولكن لابد أن يكون قريبا إلى قلوب الناس وعقولهم، ولابد أن ينزل من عليائه لكي يشغل مكانته في صميم الحياة. ويتطلب هذا الأمر تعزيز المساعي الرامية إلى جمع الشعر ودراسته ونشره وترجمته. وستعمل اليونسكو في فترة العامين 2010-2011 و من خلال برنامجها الجديد المعروف باسم " رابندراناث طاغور وبابلو نيرودا وإيميه سيزير من أجل منظور عالمي يسوده الوئام " على تشجيع جميع الوسائل المتعددة التخصصات التي ستجعل الشعر أقرب إلى قلوب الناس وعقولهم وأكثر قدرة على التأثير في النفوس بفضل القوة الكامنة في أعمال هؤلاء الشعراء الثلاثة الكبار. ويمدنا التنوع الشعري بطريقة أخرى للحوار، إذ يجعلنا نكتشف أن كافة الناس في جميع أرجاء المعمورة لديهم نفس الشكوك ونفس المشاعر. وهذا أحد مظاهر حريتنا، وهذه طبيعتنا البشرية. ولذلك يجب أن يتبوأ الشعر المكانة التي تليق به في البرامج التعليمية الجيدة. ويسمح تمكين الشباب من الغوص في بحور الشعر العالمية بإعطائهم وسيلة إضافية ومختلفة ورقيقة وسلسة للتعرف على الآخر وفهمه بشكل أفضل. فاكتشاف قصيدة جديدة هو التبحر في عالم اللغة، وفي عواطف وأحاسيس الآخر مهما كان بعيدا عنا. إن الشعر صدى يتردد من مكان لآخر ويتجاوز جميع الحدود و الحواجز. وهو وسيلة للتواصل والتعارف واكتشاف الآخر، فلنجعله سبيلا جديدا إلى السلام.