أنا مصري فمنْ أنتَ؟ على كفيَّ خطَّ الدهرُ قصتنا فقمتُ أعلم الدنيا حضارتنا على كتفي يحطُّ النسر في أدبٍ فتفزعُ من جناحيهِ بغاثُ الطيرِ رغم صراخها الهمجي فمن أنتَ؟
أنا مينا وأخناتونْ أنا أحمسْ أنا رمسيسُ في قادشْ أنا فجرُ الزمان أنير ظلمتهُ وأرحل في شعاع الشمسِ أدخل معبدي لأصالح الأيامَ في قلبي تذوِّبني تراتيلي فأرجع غيمةً تشتاق أهرامي وغيثاً يحتمي في حضن نيلي فمَنْ أنتَ؟
أنا شوقي وحافظُ عهد أجدادي أنا طهَ أنا العقادُ والمحفوظُ في أدبٍ فمَنْ أنتَ؟
هنا في مصرَ نغسل في ضفاف النيل شَعْرَ الليلِ نجلس تحت صفصاف القرى في ليلنا الوسنانِ نوقد نارنا للساهرينَ على بكاء النايِ نوقدها لفلاحينَ فوق وجوههم تعبُ النهارِ حكاية الأجدادِ صبرُ العارفينَ لحكمة الدنيا
هنا في مصرَ نزرع أرضنا نخلاً نهزّ النخلَ ينهمرُ السلامُ بكل مكانْ
هنا في مصرَ يقصدُ بيتنا ضيفٌ فنصبح ضيفَهُ في بيتنا الآمنْ وندعو العابرينَ بليلةٍ شِتويةٍ كي يحتسوا من شاينا الساخنْ
هنا في مصرَ نصبرُ حتى يشتكي من صبرنا الصبرُ
هنا في مصرَ نغفرُ للصغارِ وللمسيءِ ولا نردُّ سبابَهُ الهمجيَّ لكنا إذا ما فاض منا الكيلُ تزأرُ أُسْدُنا غضباً فيدخل كلُّ فأرٍ جحرَهُ هلعاً وترتعد الثعالبُ في صحاريها !
هنا في مصرَ ننظر للمسيءِ لنا نقولُ لهُ: أنا مصري فمن أنتَ؟!