أيها الشعب العربي الطيب "" بلغني وأنا داخل قصري أنك تخرج في الشوارع لتقود المظاهرات نصرة لغزة، تملأ العالم بالصراخ وأنت ترفع صور الضحايا الأبرياء من أطفال فلسطين. لست اعترض. وبلغني أيضا أنك طيلة النهار تهدد الدنيا بالقيامة وأنت تطوح في الهواء بصواريخ بلاستيكية تشبه "القسام" ثم تعود في المساء إلى بيتك لتندس بين أولادك كأن شيئا لم يقع... لا تخف، خذ راحتك أيها الشعب الطيب واهتف كما تشاء، فلن أعترض. لكن حين ترفع صور حسن نصر الله وشافيز والشيخ ياسين ثم تشتمني شخصيا متهما إياي بالجبن والعمالة، فاسمح لي هذه المرة وبكل شفافية لم تعهدها فيَّ أن أعترض. اسمح لي ايها الشعب الطيب وأنت الذي تعتبرني جبانا أمام سادتي في واشنطن وتل أبيب أن أسالك: ألست أنت أيضا جبانا؟ ألستم كلكم جبناء؟ فكما أنتم حائرون أمام هذا الصمت الرسمي المزمن، أنا أيضا حائر أمام هذا الجبن الشعبي المترسخ فيكم. إذا رأيتموني خاضعا لأمريكا فلأنها صنعتني، فأنا صنيعة أمريكية كما تعلمون، وأنا لن أعض اليد التي امتدت بالخير إليَّ، ووالله لن يكون الكلب أوفى مني. لكن أنت أيها الشعب الطيب، لماذا تقف تنحني ترتعش جبانا أمام سُمُوّي كل يوم؟ ما الذي يدفعك إلى الانبطاح في حضرتي والتهليل باسم فخامتي صباح مساء؟ ما الذي أفقدك القدرة على الاعتراض حتى لا أقول المعارضة؟ أنت لم تخترني حاكما ولا تملك القدرة على فعل ذلك. وأنا لا أستشيرك في قرارات تهمك حياتك اليومية ولا تملك الجرأة لتطالب بذلك...فما الذي يمنعك من الثورة في وجهي؟ اهنتك لعقود طويلة، أذللتك لسنوات، وأنت كما أنت لم تتغير، مازلتَ تُرتّل فيّ المدائح العصماء وتناديني الحاكم الأب الزعيم الشيخ المعلم القائد البشير المفلق الزين العباس المبارك الأسد...وما لم تنس من كناياتي الحسنى. استوليتُ وأسرتي على خيرات أرضك ومقدرات أمتك وعشنا بها أغنياء حد التخمة، وأنت الفقير الجائع المريض المتخلف...أبدا، ولم تستطع أن تقول: كفى. رأيتَني أدوس قيمك وهويتك وكرامتك على مرآك ومسمعك سرا وعلانية ولم أسمعك تهمس في وجهي: إن هذا لمنكر. هل تملك القدرة على أن تصرخ بالألم كلما غرست سيفي في قلبك أكثر وأكثر...أتحداك، لن تستطيع. أنت جبان . فكيف تريدني وأنا واحد منك أيها الشعب العاجز أن أكون استثناءً وأخوض المعارك المصيرية بشجاعة. صدقني لا أريد أن أدخل التاريخ من أبواب النصر..ذاك تاريخ قديم. التاريخ الجديد تكتبه أمريكا...ألا تصدق؟ ليتك ظللت حيا بعد مائة سنة لتقرأ عني مستقبلا عكس ما تظن بي الآن. ورغم كل ذلك، فأنا مستعد للتضحية من أجل فلسطين في اليوم الذي تخشاه إسرائيل. أي يوم تظهر شجاعتك في مواجهتي وتعلن في كبرياء بأنك قادر على اختيار حاكم حقيقي تستطيع أن تعاقبه وأن تحاسبه إن أخطأ، عندها لن تحتاج إلى شجاعتي لتحرير فلسطين...لأن إسرائيل سترمي نفسها فجأة في البحر فزعا، من ذا يستطيع مواجهة شعب عربي غاضب انتفض أخيرا ضد الجبابرة؟ [email protected]