لا، ليس العصرُ عصرَ النساء كما تدّعين. ربما تصورتِ في لحظة غرورٍ مزمنة أن كلّ هذه المنظماتِ النسائيةَ قادرةٌ على تقليم رجولتي لأخضع. ربما غرّتْكِ كلُّ هذه الرسائلِ التضامنية التي تملأ بريدَك فاعتقدتِ خطأً بأن زمن الرجال ولى. يا سيّدتي كلا، أنا حين غضَضتُ الطرفَ من قبل عن سلوكاتِك الحمقاءِ واستسغتُها، فلأني كنتُ بمحض إرادتي أريدُ أن أراك تتمتّعين بإنسانيتك، لكنكِ لم تستوعبي رسالتي، وتمرّدتِ باسم الحريات عليّ، وتسلّطْتِ عليّ متوقعةً أن أخضع. أنتِ واهمة. لستُ ذلك الرجلَ الذي يخضع لامرأة! فافعلي ما شئتِ، واصلي التمدّدَ على الأرض فيما يشبه الاحتضار، لن أتزحزح. لن تُرهبَني القوانين الجديدة التي تمنع الرجالَ من استباحةِ حقوق النساء. لقد فاتَك أن تسألي أيّ النساء تحميهنّ هذه القوانينُ من عنف الرجال. تبّاً للقوانين التي تحمي امرأةً تجاهرُ بخيانتها أمام العالم، فلا حقوقَ لامرأةٍ تفاخرُ بعدد الرجال الذين تعانقهم في كل مطار تنزل فيه، وبعدد الفنادقِ التي تقترف فيها الفواحشَ نكايةً بزوجها. استطعتِِ أن تقنعي كلّ هؤلاء الساذجين بأنك صاحبةُ قضية، وبأنك حقاً مظلومةٌ وضحيةُ عنفِ رجلٍ مُستَبدّ هضم حقوقَك المشروعة. لم يعرف المساكينُ ما حدث تلك الليلة بالضبط، فقولي لهم الحقيقةَ، قولي لهم إنك في تلك الليلةِ أتيتِ إلى البيتِ بعد منتصف الليل سكرانةً تترنّحين قادمةً لا أعلمُ من أين. كانت رائحةُ الفضيحة فوّاحة منك، وعلى بشرتك آثارُ خيانة. قولي لهم إنّك وقبل أن أبدأ العِتابَ أخذتِ تهْذِين بما لا يُحتمل من البذاءة، وتحمّلتُ بذاءَتك. أيقظتِِ بصراخك أبنائي تطالبين أمامهم بالانفصال، وضبطتُ أعصابي. ولم أغلق البابَ في وجهك إلا بعدما قررتِ البقاءَ خارج البيتِ مشترطةً بمنتهى الوقاحة ألا تعودي إليه إلا بعد خروجي أنا منه. وها أنا باسم الحريات احترم قرارَك. فإلى الجحيم يا امرأة! افعلي ما شئتِ، فلن أنصاع لوساطة الأصدقاء الذين يرفعون في وجهي الحقوق الكونية التي تواضعنا عليها كي أرتبك وأشعر بالحرج. عفوا أيها الأصدقاء، إني بما صنعتُ أكّدتُ احترامي لحقوق تعاهدنا على صيانتها، وإلا لفعلتُ بها ما كان يفعل آبائي بمثلها. فقد كان بإمكاني أن أُدخلها تلك الليلةَ بالقوة إلى البيت وأغلقَ عنّا الباب وأفعلَ بها ما أشاء. لن يلومني أحد؛ من ذا يلومُ رجلا أرادَ أن يؤدبَ زوجَته السكرانةَ فأدخلها إلى الداخل تفادياً للفضائح؟ إنه شأنٌ داخليٌّ كما تقول نشرات الأخبار. لكني أعترف بأني أشعر بالاشمئزاز، وأنا أراك تروّجين عنّي أكاذيبَ ملقَّنةً من خليلِك الجبان الواقفِ خلف ستار. يستفزّني هذا الشيخُ المريضُ حين يسرق من جسدك اللذتين، إيذاءِ كرامتي وإشباعِ غريزته. لعلّه ورجالَه لا يعلمون أنّي قادرٌ أيضاً على إغواءِ نسائهم جميعاً وتحريضِهنَّ على الخيانة والانفصال، لكنني لن أفعل. ليس جينا مني، بل لأنّ لي ما يكفي من الهموم في بيتي كي أعتني ببيتي، ولا أهتم. فاحمدي الله أني في لحظة انفعال أغلقتُ الباب دونَك وتركتُك تهيمين في الأرض كما تحب أيّ ساقطة مثلك، فلا شيء أحبّ إليك من تنويع المطارات والفنادق والأسِرّة وعطورِ الرجال. لكن لا يهم، يكفي أني في بيتي وأطفالي في أحضاني. فافعلي أنت ما شئتِ، أغرقي الشوارع بالدموع الكاذبة ولا تكُفّي، حرّضي عليّ الدنيا كلَّ الدنيا ولا تتراجعي، فأنا والله لن ألين. تحمّلتً منك ما يكفي َيا امرأة. ولي ما يكفي من الكبرياء كي أغضب، ولي اليومَ من الأسباب ما يكفي ليجعلني أنظرُ إليك وإلى مثيلاتك باحتقار... حتى وإن عدتِ. [email protected] mailto:[email protected]