هناك على الرصيف .. تقف بين مئات الناس ، وحيدة .. الحزن يلف محياها مثل كل يوم، وشمس الأصيل المنغمسة في زرقة مياه البحر ترسل خيوطها الذهبية الدافئة لتلمع عينيها وهج الشموع ونفحات الرياح تداعب خصلات الحرير على كتفها. وعلى مقربة منها هناك على مقعد الرصيف يجلس شاب بقيثارة تكاد تنطق بعذوبة ألحان لتغازل أذان كل مار في حب نغمات الولهان.. وتمضي الدقائق والساعات .. هي لاتزال جامدة في ذالك المكان ، أشبه بالتمثال لايتحرك به سوى عينيها الضائعتان في خط الأفق حيث تمتزج زرقة المياه بزرقة السماء ،وكأنهما تساءلان البحر عن جواب للغز مجهول ،أو تنتظر قدوم مركب يلوح في الأفق كي يعيد لها روحها المندثرة في البحر. طال الانتظار وهي على هذا الحال مند خمس سنوات ..
مند خمس سنوات مضت كأنها يوم واحد وهي تقف على حافة الرصيف أمام البحر تنتظر نقطة نور في سديم الظلام ،داخل قنينة من الزجاج تحملها إليها أيدي البحر كي تضيء طريق الأمل.. فما كن من البحر إلى أن يجيب كيانها بصوت هدير الأمواج التي تخفي في طياتها رسالة من العبرات والكلمات..كلمات من حبيب ركب الموج مند خمس سنوات..فتأججت مشاعرها وانفلتت من عينيها دموع ٌ كاللؤلؤ انزلقت على الورد الأحمر كقطرات الندى فسقطت على مياه البحر ككل يوم مند خمس سنوات....لتصير الدموع بحرا وأمواجه تنطق هدير الآم والآهات.......