صدر، مؤخّرا، عن شركة "مايند آي تك" لخدمات السوفت والهارد بالمغرب كتابٌ إلكتروني يضمّ نخبة من المقالات التي نشرها المدوّن الجزائري الشاب يوسف بعلوج، المعروف باسم يوسف حسّاس. اختار يوسف حسّاس لكتابه عنوان "خرافات حبر " معللا هذا الخيار بقوله إنه يفعل ذلك "حتّى لا يتّهمه البعضُ بالتعدّي على ممالك الكتّاب والشعراء والصحفيين"، قبل أن يردف في مقدّمة الكتاب: "كما لا يفوتني التمنّي بان تكون هذه المبادرة فأل خير على كلّ مدون، وعلى كلّ من رغب في نشر خرافاته إلكترونيا ولم لا ورقيا؟". ويبدو من هذا الكلام الذي ساقه المدّن في مقدّمة كتابه أنه يقدّم كتابات وإنما جمع فيه كتاباته خلال ثلاث سنوات من التدوين الإلكتروني على موقع "مكتوب "، وهي لا تخضع للقوالب والقواعد الأدبية أو الإعلامية المعروفة، وإنما هي كتاباتٌ عفوية دوّنها شاب جزائري بتلقائية من خلال مشاهداته لعديد المواضيع والقضايا الاجتماعية والثقافية والسياسية. ولعلّ أهمية الكتاب تكمن في هذه النقطة تحديدا؛ أي في كونه لا يقدّم وجهة نظر رسمية للأحداث، وإنما وجهة نظر شاب تعكس آراؤه أفكار وتطلّعات جيل بأكمله. في المقدّمة ذاتها؛ يروي يوسف حسّاس حكايته مع التدوين، قائلا إنها بدأت في بداية العام 2006 حين بثّت قناة الجزيرة فيلما وثائقيا عن التدوين: "شاهدته بالصدفة.. مظاهرات، معارضة، رفض واعتقالات، هذه هي الفكرة الأولى التي علقت برأسي عن التدوين. تخطّيتُ فكرة الاعتقالات، وبالمقابل بقيت فكرة الرفض تجول بخاطري وتلح عليّ". ويضيف أن فكرة الرفض تبلورت في مدوّنته التي أخذت تكبر وتنتشر مع اندلاع الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان. وتُعتبر مدوّنة يوسف حسّاس، التي تحمل اسم "حساستان، جمهورية حسّاس " بعد أن كان اسمها "الرأي والرأي الآخر"، إحدى أشهر المدونات الجزائرية على الشبكة العنكبوتية؛ إذ تحتلّ المرتبة ال18 جزائريا وال319 على موقع "مكتوب " من حيث الزيارات، حيث يفوق زوّارها مائتي ألف، فيما تحتلّ المرتبة الثانية جزائريا وال52 من حيث التعليقات، بأزيد من 5300 تعليق. يضمّ الكتاب سبعة وخمسين مقالا متنوّعة المواضيع، صاغ المدوّن جلّها بضمير المتكلّم، وهي وإن اختلفت في المواضيع فإنها تكاد تجتمع في نبرة التذمّر والانتقاد العالية، وربّما التشاؤم الذي طغى على وجهات النظر تلك، وهو ما يعترف به المدوّن نفسه في الغلاف الأخير من الكتاب: "مرّت ثلاثُ سنوات وأنا ألهث وراء الأنا لامسك بها في حالة عري، أوقات كثيرة نجحت وفشلت مرّات ومرّات، حاولت أن أشاهد أناي بكلّ الوان الطيف، ولكن للأسف لم تعكس مدوّنتي سوى لون أسود قاتم في أغلب الأحيان. ولكن هذا لن يمنعني عن مواصلة تصيّد ألواني لونا لونا، إلى أن أجدها جميعا، وأشكّل بها بسمة تسع الفضاء بألوان قوس قزح!".