من المصادر المهمة جدا في الدراسات التاريخية، الاساطير والملاحم وقصص البطولة القديمة ، وفي الدراسات التاريخية نحتاج الى مثل هكذا دراسات ، لنؤسس عليها مفاهيم مقبولة في تاريخ الحضارات . وبما ان ممارسة الطقوس الدينية وممارسة الشعائر والفعاليات الاجتماعية، لها الدور البارز في ان تثبت اسس الكيان احضاري لكل المجتمعات القديمة ، ولهذا كانت الاساطير تنقل عبر العصور وعبر الشعوب ، لتساهم في بناء تلك الاسس ، وهنا نرى بلاد الرافدين وجدت اساطيرها المختلفة مدونة برقم من الطين المفخور ، لتشارك في مختلف عصورها الحضارية ، السومرية والاكدية والبابلية والاشورية وبالمقابل هناك موضوع تقابلي للاساطير بلاد النيل والاغريق والرومان ومن الملاحظ لم يطرأ اي تغيير جوهري على تلك الاساطير وفي مختلف مراحلها الحضارية الا في عاملها الزماني ، سوى انها بدلت بعض اسماء الالهة ومن ثم كان هناك تحوير طفيف في مجرى احداث الاساطير . اسطورة الطوفان : (( جميع العواصف القوية هاجمت مجتمعة)) (( وفي الوقت ذاته جرف الفيضان مراكز العبادة)) (( وبعد سبعة ايام وسبع ليال .... السفينة العظيمة تقاذفتها العواصف في لجة المياه . وجاء اوتو الذي اشرق بنوره على السماء والارض وفتح زيو سودرا نافذة من السفينة العظيمة وسلط اوتو البطل اشعته على السفينة الجبارة زيو سودرا الملك .... سجد امام اوتو وقتل الملك ثورا وذبح شاة . هناك صعوبات حقيقية في ان نجعل تلك الاسطورة في تسلسلها الثالث بعد اسطورة(( ديموزي واينانا)) واسطورة (( الخليقة)) ولكن المتمين بالدراسات التاريخية ، يعطون بعض المساحات الممكنة للاشتغال بمعلومات ربما تكون تامة باعتبار ان الكلمات السومرية وبكتاباتها المسمارية جعلت قراءة المحتويات تعطي المعاني بالرغم من كسر اغلي الجمل وفي اغلب الرقم الطينية لتلك الاساطير . وهنا لابد من التحليل وفق منجز يعتبر من منجزات الفنون والاداب والثقافة المهمة في بلاد الرافدين، لنلاحظ ان تشغيل وادارة الكون ومراقبته مرت عبر الاساطير باتجاه الحقيقة ، وتقوم مجموعة من الالهة ربما تشابه الانسان شكلا ولكنها فوق مستوى البشر المخلوق واقصد فيه البشر الاعتيادي، حيث كان يرى من عامة الناس ولان الكون يسيطر عليه وفقا لتخطيطات مسبقة وضعت بدقة وفق قوانين اسنت بصدق لكي لاتفقد ، مصداقيتها لامن الوضع الادائي ولا حتى الصفة البشرية المخططة لها من ثم انتقالها وفق حيز غير مسموح لاحد المرور من خلاله. بطبيعة الحال النص قائم على عوامل من القوة البشرية وبالمقابل الضعف المكون للعامل الطوفان وغرق الارض وفيه لم تصاحبك اي نوع من الانفعالات المطلوبة لحالات الحدث المكونة، وانما كانت هناك قوة الالهة هي التي تاخذ بزمام الامور وتنقذ البشر من حياة الى حياة الانقاذ المطلوبة ، الاساطير لها عدة تناقضات ليست مؤلفة ولاتبتعد عن حالىة الصدق والعدل والظلم ولكنها تعطي للبطولات عناية فائقة ومن خلال كل الالواح ، والاعمال المنحوتة او المرسومة او حتى المضافة على اواني الفخار، او المنحوتة بشكلها التجسيمي ، التناقض واضح بالادء التكويني ولاصل الى نتيجة مهمة وهي تجسيمية المفردة، وان كان هناك تناقض اخر هو عامل الخلود بين البشر وبين الالهة لكن التناقض لم يمس الجوهر اطلاقا، وتبقى الاسطورة محافظة من دون الوقوع في خيبة روحية او فكرية او ارتباطات العقل المزيفة ، وانما اخذت المسائل باسلوب تفكيرنا المعاصر وهذا هو المهم فيها. التنظيم في العبارات يتبلور ويتطور كونه قائم على اسس السلطة المركزية الالهية وهي وحدها قادرة على تطبيق والزام الافراد على الاحترام ولاسيما ان الموضوع هنا هو تخليص شعب كامل من عامل بيئي طبيعي كوني هو الفيضان وهذا كان سائدا في البلاد، ولهذا الالهة محكومة هي الاخرى بان تصدر تعليماتها لترسي قواعد ثابتة داخل الدويلة وبالتالي تقوم على تنظيم المجتمع على احسن وجه ، الاعتقاد لدى الناس ان الالهة هم اصل العدالة هم مصدر القوانين والملوك والحكام اداة التطبيق وممثلوها لنشر العدالة وتطبيق القانون ، بالامكان ان نعتبر تخليص الدويلة من الفيضان عامل اصلاح اجتماعي ، والاصلاحات مطبقة ولكن الهه النهر جاء يضرب تلك الاصلاحات من زراعة من قنوات اروائية لاتتحمل هذه المناكب، ولكن عملية السجود والتضحية اصبحت احد العوامل الاساسية في الادب السومري من خلال الاساطير والقصص الملحمية ، وجود الرقم الطينية التي تضمنت التراتيل والمرثيات والوثائق والفعاليات الاجتماعية والقوانين والمقالات سواء الطويلة منها والقصيرة، كلها كانت نتاجات من الادب السومري تنمو وتتاصل الى ان اصبحت هناك مدارس مهمة للتربية والتعليم في سومر صحيح الاعمال الادبية غالبا ماكانت تمارس كتاباتها ذات الطابع الديني لربما كانت مؤلفة من قبل الكهنة لكي تستعمل في الطقوس الدينية، والملوك يؤلفون ما لديهم من نصوص لكي تستعمل في الفعاليات الاجتماعية ، وبالفعل تستعمل من قبل عامة الشعب لاغراض التطبيق وبالتالي لها الصلة الواضحة مع الاشكال ذو الطقوس المعبدية. نرى غالبية الاعمال الادبية في سومر ووجود الملاحم والاساطير ، كتبت بصيغة شعرية وفي اعتقادي يجب ان تكون مفهومة لدى الناس عن طريق التأثر والتأثير لا عن طريق التجريب كون الشعر على تماس مع نفسية الانسان وتكوينه ، نعم لم يكن هناك وزن ولكن التكرار موجود والطباق والتورية والازمة والمصفوفة والحرية والتعبير واللازمة كلها استخدمت في الاسطورة والملحمة بمهارة وسجال كبير وفعالية مفصلة تحاكي النفس وتتجول بمخيلة الانسان نفسه بترابط الموضوع الكلي والابتعاد عن الجزيئات . اسطورة (( اوتو)) مخلصة البشر مثلت انعكاسا واضحا للبيئة وغلبت عليها افكار الطقوس والشعائر بمستوى ديني لم يكن عادة داخل المعبد وانما تعدى ذلك كون الموضوع عام ومجتمعي ، وصنعت من اجله اغراض دينية المقصود منها هو عامل الانقاذ وعندما ذبح الثور نذرا للالهة هذا لوحده خلق صلات وثيقو بمستوى صميمي لاصق الحالة الاعتيادية بحالات اعم ليعيد التوازن بمستوى الاصلاح المطلوب من قبل الحكام . الفنان الرافديني في سومر اظهر اساطيره بوضعيات متعددة وعبرت بمستوى عال لبناء الموضوع الفني ليس السردي او القصصي ، ولكن ابعد من خلال التعبير وضعيات داخلة ربما تكون متعبة نتيجة لعدم امتلاك الانسان في تلك الفترة على اسس الموازنة في التأليف لان الكتابة الملحمية تحتاج الى خبرة ودراية لنضوج الفكرة ، وبهذا انطلق بالمستوى التعبيري الخاص ليحسم موضوع الكتلة الثقيلة من سرد القصص الى الانتقال بواقعية الاشياء بمستواها الرمزي ومن ثم التعامل النفسي والاحساس الداخلي الذي ميز اسلوب الادب في سومر . وهنا اصف نهاية الاسطورة : (( زيو سودرا)) الملك. سجد امام (( اوتو)) و(( انليل)) ووهباه حياة تشبه حياة الالهه واعطياه نفسا خالدا كذلك الذي عند الاله زيو سودرا الملك الذي يحمي الزرع ويصون ذرية الجنس البشري.