1 - طريقُ الأنسَنَة ألمحبَّةُ أساسٌ في وَحدَةِ الإنسان ووَحدَة مصالِحه، وهي، وَحدَها، تُؤَدِّي إلى السَّلام العالميّ الَّذي يَفْتَحُ بدَوره طريقَ التَّقدُّمِ الإنسانيِّ في مُختَلِف المَيادين الحَياتِيَّة لتَحقيق أفضَلِ عدالَةٍ اجتِماعيَّةٍ مُمكِنَةٍ من خِلال بَحثٍ دائِمٍ عن حَياةٍ أفضَلَ وإنسانيَّةٍ أكثَرَ تَماسُكًا. طريقُ الأنسَنَة، إذًا، مَحبَّةٌ فسَلامٌ فتَقَدُّمٌ فعَدالَةٌ اجتِماعيَّة، وبَحثٌ دائِمٌ عن حَياةٍ أفضَلَ وإنسانيَّةٍ أكثرَ تَماسكًا. 2 - الإنسانُ أصلُ الحَياة والغايةُ مِنها أَلإنسانُ أصلُ الحَياة والغايةُ منها، وعلى الآلة أنْ تُسَخَّرَ لخِدمته لا أنْ يُسَخَّرَ، هو، لتَشغيلها؛ كذلك، على عَجَلاتِ الإنتاجِ أنْ تَكونَ مَناراتٍ لتَقدُّم جميع النَّاس، لا سُبُلاً لاستِغلال فريقٍ منهم فريقًا آخر، لاسيَّما وأنَّ المُنتِجينَ قد يَعْتَمِدونَ - في تَسويق إنتاجهم - طرائِقَ لا إنسانيَّة، غَيرَ مُتَوَرِّعين ممَّا قد تورِثُه هذه الطَّرائِقُ من حُروبٍ ومَآسٍ لغَيرهم من بَني البَشَر. 3- خَيْراتُ العالَم خَيْراتُ العالَم هي للجميع، والأنسَنَةُ تَقْضي باقتِسامها بينَ الجميع، كُلٌّ بحَسَب عَمَله، بعدَ تأمين ضَروريَّاتٍ حَياتِيَّةٍ هي من حقِّ كلِّ النَّاس. والإنتاجاتُ والاكتِشافاتُ الزِّراعيَّة والصِّناعيَّة والعِلميَّة المُختَلِفة في العالَم تَكْفي الإنسانيَّةَ وتَفيضُ عن حاجاتِها لولا سَعْيُ فريقٍ من النَّاس للاستِئْثارِ بها وتحديدِ أسعار إفادةِ غَيره منها. وهكذا، لا تُقْتَسَمُ خَيْراتُ العالَم اقتِسامًا إنسانيًّا، فيَعيشُ بعضُ النَّاس في فَقْرٍ وبُؤس، والبعضُ الآخرُ في تَرَفٍ زائِدٍ لا يُجْدِيه، في الغالِب، نَفْعًا أو عَظَمَةً إنسانيَّة. 4- واجِبُ الأنسَنَة وقِيمَةُ الإنسان ألإنسانُ حُرٌّ في جميع تَصرُّفاته، إلاَّ في أنسَنَته، فهي واجِبةٌ عليه، وقِيمَةُ الإنسان هي أوَّلاً في كَوْنِه مُتَأنسِنًا. فالحَقُّ في الحَياة طَبيعيٌّ للجميع، وسَلامةُ الأشخاص من الواجِب أنْ تُصانَ من كلِّ أذًى؛ كذلك، على الإِخاء والمُساواة بينَ النَّاس أنْ يَتَحَقَّقا من دون أيِّ تَمييزٍ في اللَّون أو الجِنس أو العِرق أو الدِّين أو اللُّغة أو العُنصُر أو العَقيدة، أو التَّبَعِيَّة الوَطنيَّة أو القَوميَّة، أو الوَضْع الاجتِماعيِّ أو المادِّيّ. وهذه الحُقوق، جميعُها، من أبسَط الأشياء الَّتي على الإنسان أنْ يَفِيدَ منها في حياته. وللإنسان أنْ يَتَمَتَّع، إلى هذا، بأوسع نِطاقٍ من الحُرِّيَّات الشَّخصيَّة شَرطَ أنْ يَقْبَلَ بها لغَيره من النَّاس. من الإنسَنَة، إضافةً إلى هذا، أنَّه لا يَجوزُ لشخصٍ ما حِرمانُ شخصٍ آخرَ من مُتَطَلَّباتٍ حَياتيَّةٍ أساسيَّةٍ قد تَتَلَخَّصُ في تأمين المَسكَن والمَأكَل والمَشرَب والطِّبابَة والتَّعليم، بالمَجَّان أو بالشَّيء الزَّهيد، لأنَّ بعضَ هذه الضَّروريَّات قد يَمِنُّ بها الإنسانُ على غَير بَني جِنسه، رَأفَةً منه وأنسَنَةً، فكيفَ يَمْنَعُها عن بَشَرٍ مِثلِه؟ وعلى هذه الضَّروريَّات الحَياتِيَّة أنْ تَزِيدَ وتَتَنَوَّعَ كلَّما تَقَدَّمَ الإنسانُ في أنسَنَته. 5- ألتَّعاونُ العالَميّ لا يُعْقَلُ تأمينُ جميع الضَّروريَّات الحَياتيَّة والمُنتَجات الأخرى للبشريَّة إلاَّ بمُحاوَلة استِنفاد السُّبُل المُمكِنَة كافَّةً - في جميع الأزمِنةِ المُتلاحِقة - من أجل الوصول إلى إنتاجٍ ضَخمٍ وكافٍ. من هنا وجوبُ إيجادِ تعاونٍ اقتصاديٍّ واجتماعيٍّ عالميّ: تُطْلَقُ اليَدُ في ظِلِّ نِظامٍ مُدبَّر، ويَجْني كلُّ إنسانٍ بحَسَبِ عَمَله بعدَ أنْ يُعْطيَ ما تُحَتِّمُه عليه "ضَريبةُ الأنسَنَة"، وهو يَفِيدُ من تَقديماتِها كغَيره. ولا بُدَّ للإنسان - بعدَ أنْ يَطْمَئِنَّ إلى حياته - أنْ يَنْطَلِقَ في عَمِله لتَكوين ذاتِه ومُستقبلِه، مُقتَرِبًا أكثرَ فأكثرَ من جَماعةٍ عالَميَّة تَطْمَحُ إلى المِثاليَّة. 6- مُيولُ الإنسان وسَيِّئاتُه لا يُمْكِنُ الإنسانَ القَضاءُ على مُيوله وسيِّئاته، إذْ إنَّ القَضاءَ عليها يَعْني القَضاءَ على الإنسانِ نَفْسِه والقَضاءَ على أنسَنَته: فالأنسَنَةُ لا وجودَ لها لولا وجودُ سيِّئاتٍ في الإنسان؛ كما أنَّه لا وجودَ للحُبِّ لولا وجودُ الكُرْه، والعَكسُ أيضًا صَحيح. فعَلى مَبادِئِ أنسَنَةٍ، إذًا، أنْ تَجْمَعَ البَشَر - على قَدْرِ استِطاعتِها - وتُسَهِّلَ إجماعَهم على قِيَمٍ إنسانيَّةٍ مُختَلِفةٍ يَرْتَضونَها - على مَدى الأزمان - لأنْفُسِهم ولغَيرِهم. 7- مُجابَهةُ القَدَر لا تُمْكِنُ الإنسانَ مُجابهةُ القَدَر إلاَّ بنِسبَةِ ما يَسْتَطيعُ تَلافِيَه من أعمالٍ إنسانيَّة قد تَقومُ مَقامَ القَدَر أحيانًا؛ فيَضْبُطُ هذه الأعمال، ويُحاوِلُ - قَدْرَ الإمكان - التَّوفيقَ بينَ النَّاس من دونَ نِسْيان مَبْدَإٍ أساسيٍّ يَمْنَعُه ويَمْنَعُ أيَّ سُلطَةٍ إنسانيَّةٍ من التَّصرُّف بحَياة الإنسان والحُكم عليها بالزَّوال، لأنَّه من غَير المَعقول التَّحكُّمُ بالحَياة الإنسانيَّة، ومن غَير الجائِز الحُكمُ عليها بالفَناء. 8- هُوِيَّةُ الإنسان هُوِيَّةُ الإنسان هي العالَم، والإنسانُ هو ابنُ هذا الكَوْن، وعليه فقط يَتَوَقَّفُ اختِيارُ نِظام العَيْش المُلائِم نَفْسِيَّتَّه وعَقائدَه، ومن حقِّه تَغييرُ نِظام عَيْشه عندما يُريد، وبالتَّالي، تَغييرُ البِلاد الَّتي يَعيشُ على أرضها من دون أيِّ عائِق، شرطَ أنْ يَكونَ أمينًا - على قَدْرِ استِطاعَتِه - للنِّظام الجديد الَّذي يَخْتارُه لنَفْسه في كلِّ مرَّةٍ يُغَيِّرُ نِظامَ عَيْشه. وهكذا، تَكونُ للإنسان "هُوِيَّةٌ عالَميَّة"؛ وتَقومُ في العالَم عِدَّةُ أنظِمة تَتَّفِق - في جَوٍّ من السَّلام والوِفاق والتَّعاون والمَحبَّة الإنسانيَّة في ما بينَها - على إعطاء الإنسان حُرِّيَّةَ اختِيار نِظام حَياته. وتَكونُ لِكلِّ نِظامٍ من هذه الأنظِمة قَواعدُ خاصَّةٌ يَلْتَزِمُ بها مَن ارْتَضاها من النَّاس، ويَعيشُ في ظِلِّها. ولا شَكَّ في أنَّ هذه الأنظِمة ستَتَبارى – أنسَنَةً - لتَقديم العُروض الَّتي تَراها مُناسِبةً للشُّعوب والأُمَم؛ وتَتَطَوَّرُ هذه العُروضُ وتَطَوُّرَ الأنسَنَة. 9- ميزَةُ الأنسَنَة ميزَةُ الأنسَنَة تَغَيُّرُها الدَّائِمُ وتَغَيُّرَ قِيَمها. ألحَركةُ الإنسانيَّة* (1971 ) وَحدَةُ الإنسان العالميَّة* (1976 ) * "ألحركةُ الإنسانيَّةُ" (1971 ) و"وَحدةُ الإنسان العالميَّة" (1976 ) إسمان حاولَ المؤلِّفُ من خلالهما جَمعَ مُناصِرين لأفكارِ أنسَنَةٍ تمَّ تنظيمُها في "مَنشور الأنسَنَة" الحاليّ (أو "الإنسانَوِيّ"). وجَمَعَتِ الحركةُ والوَحدَةُ مُنتَمين فِعليِّين، من مَشرقِ بلادِ العُرْب إلى مَغربِها، تَسَلَّموا، حتَّى، بطاقاتِ انتساب! لا بل تصَوَّر المؤلِّفُ، في ما بَعد، شِعارًا يتمثَّلُ في رَسمِ وَجهَين لِعِمادَي الحياة، الرَّجُل والمَرأة، واستَنسَبَ لهما لَحنًا موسيقيًّا روسيًّا هو لحنُ.... ل... ولمَّا كانت وسائلُ الاتِّصال في حينه مَحصورَةً بالمُراسلات البريديَّة البطيئَة، لم تتطوَّرِ الأنشِطَة، وما لبثَتْ مُحاولَةُ الأنسَنَة الجَماعيَّة تلك أنْ توقَّفَتْ.