رئيس الحكومة يشرف على انطلاق جولة أبريل من الحوار الاجتماعي    تحلية مياه البحر في المغرب: رهان استراتيجي لمواجهة ندرة المياه وتأمين المستقبل المائي    الملك محمد السادس يُعزي في وفاة الفنان محسن جمال ويشيد بعطائه الفني المتميز    أسعار النفط مرشحة للانخفاض خلال ال2025    الفاتيكان يكشف تفاصيل جنازة البابا فرنسيس    "كان" الفوتسال... المنتخب المغربي النسوي يقترب من بلوغ المربع الذهبي بالانتصار على ناميبيا بثمانية أهداف    بتعليمات ملكية سامية.. الفريق أول محمد بريظ يقوم بزيارة عمل لدولة قطر    جمعية سمايل تعزز التماسك الأسري عبر دورة تكوينية نوعية بفضاء جسر الأسرة بالناظور    توقيف تونسي مبحوث عنه دوليًا في قضايا سرقة وقتل وهروب من حكم ب30 سنة سجنا    تطوان: أيام تحسيسية حول "الماء، الصحة والبيئة" احتفاءً باليوم العالمي للأرض    البام يكتسح الانتخابات الجزئية بأصيلة لتعويض مقعد محمد بن عيسى    جامعة عبد المالك السعدي تشارك في الملتقى الإقليمي للتوجيه بالحسيمة    السعدي يعلن إعداد قانون إطار للاقتصاد الاجتماعي والتضامني خلال الولاية الحالية    المغرب تطلق صفقة لتشييد محطة للغاز الطبيعي المسال بالناظور    الانخفاض ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    الوزير قيوح يترأس المجلس الإداري للمكتب الوطني للسكك الحديدية    مكناس تحتضن النسخة الجديدة من المعرض الدولي للفلاحة.. أكثر من مليون زائر مرتقب وفرنسا ضيف شرف    انهيار صخري جديد يعرقل حركة السير بالطريق الساحلية بين تطوان والحسيمة    ENCG طنجة تعزز شراكاتها الدولية باتفاق ثلاثي مع جامعتي سانيّو ونابولي فيديريكو الثاني بإيطاليا    من تداعيات شد الحبل بينها وبين الوزارة الوصية .. جامعة كرة السلة توقف البطولة الوطنية بكل فئاتها بسبب العوز المالي    أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس يعزي في وفاة البابا فرانسوا الأول    الجولة 27 من الدوري الاحترافي الأول .. الوداد ينتظر هدية من السوالم وأندية الأسفل تمر إلى السرعة القصوى    أخبار الساحة    تكريم الدراسات الأمازيغية في شخص عبد الله بونفور    تأييد الحكم الابتدائي وتغليظ التهم رغم التنازلات في حق الرابور «طوطو»    رئيس هيئة النزاهة: الفساد نتاج تنشئة اجتماعية .. ومراجعة مدة التقادم "أولوية"    الكرملين: بوتين لا يخطط لحضور جنازة البابا فرنسيس    الدولار يتراجع لأدنى مستوى في سنوات مقابل اليورو والفرنك السويسري    بسبب تكريم باسم والدته.. نجل نعيمة سميح يهدد باللجوء إلى القضاء    من السماء إلى العالم .. المغرب يحلق بأحلامه نحو 2030 بمطار ثوري في قلب الدار البيضاء    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    فوزي برهوم الناطق باسم حركة حماس ضيفا في المؤتمر 9 لحزب العدالة والتنمية    مبابي يستعد للعودة الى الملاعب لمواجهة برشلونة في نهائي كأس الملك    "أفريكوم" تؤكد مشاركة الجيش الإسرائيلي في مناورات الأسد الإفريقي    طلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة يطالبون وزير الصحة بالوفاء بالتزاماته ويستغربون تأخر تنفيذ الاتفاق    لقجع: لاعبو المنتخب لأقل من 20 سنة هم "مشروع " فريق الكبار في كأس العالم 2030    إسرائيل تمنع تطعيمات شلل الأطفال عن غزة.. 600 ألف طفل في خطر    تفاصيل انعقاد المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بالقنيطرة    عبد الكريم جويطي يكتب: أحمد اليبوري.. آخر العظماء الذين أنجزوا ما كان عليهم أن ينجزوه بحس أخلاقي رفيع    لجنة تسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر مؤقتا تُكرّم نساء ورجال الصحافة والإعلام بالمعرض الدولي للنشر والكتاب    فيلم "زاز": حين يفرض السيناريو أبطاله قبل ملصق التسويق !!!    باحثون: الحليب بدون دسم أفضل لمرضى الصداع النصفي    الصفريوي: لا مفاوضات ولا نية للاستثمار في شيفيلد وينزداي الإنجليزي    السلطات الأمريكية تقاضي "أوبر" بتهمة غش المستخدمين    قتيل في غارة إسرائيلية بجنوب لبنان    فان دايك: جماهير ليفربول ستتذكر أرنولد في حال قرر الرحيل    عميار يكتب عن المغرب والفلسطينيين    الصين وأندونيسيا يعقدان حوارهما المشترك الأول حول الدفاع والخارجية    معهد الدراسات الإستراتيجية يغوص في العلاقات المتينة بين المغرب والإمارات    مندوبية الصحة بتنغير تطمئن المواطنين بخصوص انتشار داء السل    المغرب يخلد الأسبوع العالمي للتلقيح    نحو سدس الأراضي الزراعية في العالم ملوثة بمعادن سامة (دراسة)    دراسة: تقنيات الاسترخاء تسمح بخفض ضغط الدم المرتفع    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رواية «حروف الضباب» للجزائري الخير شوار
فانتازيا الذات
نشر في طنجة الأدبية يوم 19 - 06 - 2009

خلف عتبات نص محمل بالأسئلة والتساؤل، وخلف العتبات نص ملئ بالأسماء والرموز، وخلف السؤال يولد سؤال آخر من خلال الأسطورة حينما يتساءل السارد هذا السؤال «أين رأس الخيط يا ترى».
يأخذنا عمق السؤال إلى متاهات السرد والروي حينما نجد متن الرواية في العنوان، أو حينما نعكس هذا على ذاك، فالعنوان مضاف ومضاف إليه، يأتي المضاف إليه أكثر تعقيدا من المضاف، حينما نخالها حروفا في حاجة إلى أبجدية نقرأها، ثم نخطئ الطريق لكي نجد أن هاته الأبجدية يلفها كثير من الضباب..
وحينما تجيء الرغبة في الاحتراق وكتابة الذات عبر مسافات الكلمة والرؤية، يتلاعب النص مع الأسطورة ويتناغم مع القارئ في لعبة الحضور والغياب عبر مراس الموروث والمتعلم في جدلية قائمة على صراع الذات مع الذات أو ذات قالت عالمها، وأخرى تشتغل على الحلم، وبينهما رابط من الشعور والإحساس والحب، في تواصل خفي، نقرأها في محاولة لإيجاد حياة فيها، تصارع وتقمع ذاتك من أجل أن تتفهم هذه الذات الأخرى، وتعيد قراءتها مرات ومرات لكبح جماح تسارعها وسرعتها، لأن الكاتب» الراوي يريد قول كل شيء في أقل شيء، في كلمات وجمل مفصولة موصولة بنقاط بالكاد تصل إلى ثلاثة، ليحمل القارئ قول الأشياء، وقول ذاته، في فراغات نصية، في خيالية الأخذ والعطاء بروح مرحة موزونة ومتدربة على التواصل لتجميع شتات المتعارف عليه من الحكايات والكتابات التي قيلت في التاريخ.
ينطلق الراوي إذا من عوالم الحزن والضنى والألم، من عالم «و كل شئ ممكن» أين نجد الأم تبكي وليدها المفقود «الزواوي» بطل هذه الرواية، ليشكل سؤال «النوري» الأخ الأصغر للزواوي، عن سر تسمية قريته عين المعقال إستفزازا للراوي الذي قرر أن يتكلم ويستعيد الحكاية من بدايتها.
والرواية هي قصة أناس تحكمهم هواجس الماضي، قصة غارقة في المحلية والروي الشعبي بكثير من الفانتازيا، في لغة تحمل طابع هذا النوع من الحكي، وسلطة الراوي في ذلك، فلا قول إلا قول الراوي، وهي وسيلة – في إختيار راو يسرد الحكاية –، فالرواي هنا هو ضابط للقول والأحداث.
والزواوي بطل هذه الرواية هو إنسان من الماضي والحاضر، فتى في الثامنة عشر من العمر يعيش الصراع مع الذات ومع إسمه فهو «أتعس مخلوق» بسبب هذا الإسم «الزواوي» وكيفية إختفائه منذ أول سطر في الرواية، ولغز هذا الإختفاء الذي سوف نجد الإجابة عليه في آخر الرواية ونهايتها، وبالضبط في الصفحة الأخيرة منها، فهي رواية مغلقة ومحكمة الإغلاق، نهاية حكايتها هي بدايتها؛ وفي التعريف بشخصية الزواوي يقول الراوي «والزواوي أحد شباب القرية من الفرع الكتامي .. يتيم الأب وقد مات والده بسبب مرض غريب وتركه مع أمه ولم يتجاوز عمره سن الثانية..»، ليضيف لاحقا : «.. سموه – الزواوي – تيمنا بالولي المعروف ليكون فأل خير على العائلة وطمعا في شفاء الأب المسكين».
الياقوت الشخصية الأخرى الغامضة في هذه الرواية، رغم حضورها الأساسي والرئيس إلا أن الراوي لا يخبرنا عنها الكثير، «عندما تزوجت أمها كانت لا تحبل ..زارت ضريح سيدي الزواوي»، وقالت : «لو رزقني الله ولدا سأسميه الزواوي ولو رزقني بطفلة فسوف أسميها الياقوت ..»، وأنجبت بعد سبعة أشهر فتاة في غاية الجمال ويصف هذه الفتاة .. « كانت الياقوت تكبر بسرعة وكان جمالها يكبر معها .. لقد أصبحت محط أنظار كل سكان قرية عين المعقال، وبدأ الخطاب يتوافدون عليها ولم تتجاوز سن السادسة .. كان الكل يحبها وكان الكل لا يعرف لمن ستكون في النهاية .. كان شباب القرية ينسجون الأكاذيب عن وقوعها في حبهم وكان كل واحد يعلم مسبقا أن حكايته لن يصدقها أحد لكنه كان يضطر يائسا لمحاولة إسكات الآخرين «وتتفاعل شخصيتا الرواية، الزواوي والياقوت مع التراث الشعبي في أسطورة الجازية وذياب الهلالي، وكيف تنشأ علاقة الحب بين الياقوت «الهلالية» والزواوي من قبيلة «كتامة» من مجرد حلم، يقول الراوي : «يقال أنه في ليلة جاء في الحلم رجل وقور إلى الياقوت وأراها صورة الزواوي وأوصاها بالزواج منها».
و هنا يسرد الكاتب»الراوي وقائع تاريخية حقيقية لكنه يقوم فيها بعملية الخلط والتداخل مع أسطورة الجازية وذياب الهلالي، وأحداث روايته، «مع قدوم الوافدين الجدد .. أتوا من الشمال .. فرع من قبيلة كتامة « وهي قبيلة معروفة في التاريخ الإسلامي للمغرب العربي، سكنت مناطق من الشرق الجزائري واستوطنت هناك .
الأسطورة الأخرى في هذه الرواية هي قصة حقيقية أيضا، شكلها المخيال الشعبي وهي قبيلة بني هلال، وهي قبيلة مضرية جاءت من شبه الجزيرة العربية في القرن 12 قدمت إلى شمال افريقيا بعد الفتح الاسلامي للمغرب العربي وما تشكل من أسطورة حول هذه القبيلة ذات المذهب الشيعي في حين كانت كتامة قبيلة سنية بحيث كانت العلاقة بين القبيلتين «رسمية إلى أبعد الحدود» هكذا يقول الراوي.
في ليلة الحلم تلك بدأت قصة الحب التي جمعت بين الزواوي والياقوت، أبطال روايتنا لتتوالى أحداث أسطورة الحب فيما كانت قرية عين المعقال «فضاء الرواية» تقضي « أيامها المكررة» وكيف حل الوباء بالقرية وكيف إنتقل هذا الوباء مع الرجل الوافد الغريب عن القرية إلى الشيخ «محمود الطالب» الذي قام بغسل الميت وتكفينه. ثم عم هذا الوباء أهل القرية جميعهم في زخم هذه المعاناة يستعيد الراوي أسطورة المسيح الدجال الذي سوف يظهر في آخر الزمان وهي أسطورة إسلامية بحتة تقول بظهور المسيح الدجال ممسوح العين قبيح المظهر وبظهوره يكون الفناء وقيام الساعة التي حتما ستكون يوم الجمعة وخروج الدابة التي تطبع العباد بطابع خاص، وقصة طائر البراق، والخادم «ميرزا» ومدينة تمبكتو ونيسابور...، ويستعين الراوي بكتب تراثية من التاريخ مثل كتاب «بدائع الزهور في عجائب الدهور» للشيخ
محمد بن أحمد بن إياس الحنفي، وكتاب «شمس المعارف الكبرى» الذي قال عنه الكاتب بأنه كتاب منسوب إلى العلامة جلال الدين السيوطي، إلا أنه وبعد تقص في التراث وجدنا أن هذا الكتاب هو للشيخ أحمد بن علي البوني المتوفى سنة 622 للهجرة وهو كتاب ضخم في أربعة أجزاء صادر عن مطبعة المنار في تونس.
أما كتاب «كلام الكلام» للشيخ أبو خليل الحيروني فهو من خيال الراوي، وكيف رفعه الله إليه في استحضار لقصة سيدنا عيسى عليه السلام، وحديث الراوي عن شخصيات أسطورية أخرى مثل شخصية «سيدي أحمد بابا التمبكتي» من القرن العاشر الهجري، وشخصية
«سي العلمي»...، في عملية ربط التاريخ بالأسطورة بحديث الراوي. نتحسسها عبر إحساس الدال بالمدلول.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.