يقولون وطن. شموخ وعز. هواء وبحر ومطر. أبات حرية أم قيدا؟ أم حلما؟ أم علما من ورق؟ أم ذرات من بقايا وطن؟ فتات مبعثر، وإخوة هنا قابعون خلف الجدار، وغرباء رسموا في الجنوب خريطة، نسجوها بخيوط عنكبوت. معذبي شاهد أخير بقي هناك في بحر غزة، يغوص في أعماق بقايا وطن. تحطمت فوق أمواجك أحلامي، وبت لا أدري إن كنت ضحية أم حسابات مسها نوع من السحر. قدري معك يا وطني أم قدري أن أكون فلسطينيا يقبل أرضا يبابا؟ هذا قدري. الخيار صعب. وماذا يبقى حين لا تملك القرار؟ أجمل قدر حين تكون وليدا من رحم وطن اسمه فلسطين. بدا حملا ليس كمثله في الأرحام، وديعا، قابعا، لا يدري بعد أن حوله غابة ذئاب. وحانت لحظة بزوغ الفجر، وموعد مع الحياة رأيته. عينان خضراوان بلون أوراق البرتقال. ويدان أشبه بعروق الزيتون. ووجنتان ليس مثلهما إلا حبات الرمان الحمراء. كان حملا ضاقت أضلاعه بك يا وطني. قدرك فلسطيني. تلك قصتي معك فلسطين، حين أرى وليدي يسبح على خريطتك. يا وطني، ترتسم على شفتي سخرية: أهي من المجهول؟ أم مما هو آت؟ أم من آهات وآلام؟ أم أن قدري أنا كان ميلادا عسيرا منذ اللحظة الأولى، وبقي في غيبوبة حتى الآن، كأنما ولد فقط بشهادة وفاة، في لحظة ميلاد ضاق بها الزمن؟ قدري فلسطيني. بدمي تنساب، بعروقي، بروحي، تتلاشى كل الحروف إلا من اسمك. أهي فلسفة القدر؟ كنت أظن الأيام تسعدني، وأشفق على نفسي من قدر مجهول. تخيلت أن للسعادة لحظة بزوغ بعد كل الأحزان. دون التفكير بما هو آت أصبحت يقينا في وقت عز فيه الرجال. تستجدني شيئا أنا لا املكه. تمزق نظراتك حسرات قلبي. قد أصبحت عصفورا تلهو بعيدا عني بين الفردوس والجنان. ضاقت بك الحال يا وطني، بل أجهضت بك الحياة. أيها الصمت المطبق على الشفاه، يا من تسكنون تحت الثرى: متى تنطقون؟ جاءكم حبيب لي من بقايا وطن اسمه فلسطين، من بؤس الحياة إلى جنات نعيم. هل من سبيل يا أحزاني، يا سائرا أنت في الظلام؟ زمن التراجع صلب فيه حتى الصمت، كما جار عليك الدهر وأنت قابع في زمان وحدك. ستبقى وطني. كم كان جميلا اسمك! فلسطين بحروفها. يصبح فؤادي لك. سيبقى طريقا يجسده نبضي. تقف عند أبواب ذاكرتك يا وطني كل كلمات العشق. أحبك يا وطن المشردين في بقاع الأرض، يا وطن الحسرات في زمن النكبات.