خلال الأيام القليلة الماضية طلع علينا الملتقى الجهوي للإبداع الأدبي بالجهة الشرقية في نسخته الثانية، وذلك تحت شعار " جميعا من أجل مجتمع قارئ ومنتج ". طبعا إنه شعار جميل ونبيل يقتضي من أي غيور ومحب للأدب أن يصفق لهذه المبادرة، ويشد على أيدي المشرفين عليها دون استثناء، لكن واقع الحال يكشف عن أن الشعار الحقيقي الذي ينبغي أن تصطبغ به هذه الدورة هو"جميعا من أجل الإقصاء وتكريس الرداءة الأدبية"؛ وذلك لأن عددا كبيرا من المبدعين والنقاد المنتمين للجهة الشرقية تم إقصاؤهم من المشاركة وأذكر من بينهم: محمد زروقي، والطيب هلو، وعبد القادر الطاهري، وميلود لقاح، وفاطمة عبد الحق، وبشرى الأنصاري، وبوتخيل ميموني، وعكاشة البخيت، وعيسى دريوشي، وعمر حمداوي، وعبد القادر حجاري، وجميل حمداوي، وجمال أزراغيد، وبوزيان حجوط، ونرجس لخضر، واللائحة طويلة، ومعذرة لمن لم أتذكر أسماءهم في هذه اللحظة. فهل يحق للمشرفين على هذا الملتقى أن يتحدثوا في شعارهم بصيغة الجمع طالما أنهم أقصوا عددا كبيرا من المبدعين ذكرت جزءا كبيرا منهم قبل قليل؟ إننا حقا أمام تعسف غير مبرر في استعمال الألفاظ والكلمات في غير محلها ؛ أي نعم، لو تم إشراك جميع المبدعين والنقاد في إحياء هذا الملتقى حينئذ سيكون إيراد كلمة "جميعا" في الشعار مشروعا ومبررا، أما والحال يخالف ذلك فلا يجوز اللعب بالألفاظ والتحايل على الناس بها. ولعل هذا الإقصاء هو ما جعل الندوات والقراءات الشعرية والقصصية وحفلات التوقيع المبرمجة في الملتقى الجهوي للإبداع الأدبي بالجهة الشرقية تمر داخل قاعات شبه فارغة، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في وسم هذا الملتقى بميسم الفشل الذريع على جميع المستويات. وأحد التجليات الأخرى لهذا الفشل يكمن في الندوة الأدبية التي أقيمت بمقر غرفة التجارة والصناعة بوجدة في موضوع ّالإبداع الشعري بالجهة الشرقية"، والتي قدمت فيها ثلاثة عروض من طرف ثلاثة أعضاء من فرع اتحاد كتاب المغرب بوجدة؛ وبكل صراحة وغيرة على الأدب والثقافة بالجهة الشرقية، أستطيع الجزم أن عرض الباحث محمد يحيى قاسمي حول التراكم الشعري بهذه الجهة هو الوحيد الذي استرعى انتباه الحضور على قلته، وقوبل بالإشادة من جميع المتدخلين. ولعل نجاح عرض الدكتور محمد يحيى قاسمي يعود إلى المكانة العلمية التي يحضى بها، وكذا تخصصه في المجال البيبليوغرافي، حيث إنه ألف ما يزيد عن عشرة كتب في هذا المجال. ومن هذا المنطلق أرى أنه كان على المنظمين استضافة محاضرين لهم صيت وباع طويل في البحث الأدبي والعلمي، والذين لهم تجربة كبيرة في تأطير الطلبة الباحثين، وسبق لهم أن تطرقوا إلى تناول مواضيع في هذا الشأن. كما أدعو الأطراف المنظمة أن تستفيد من أخطاء النسخة الثانية من الملتقى الجهوي للإبداع الأدبي بالجهة الشرقية، إن هي فكرت في ترسيخ هذا الملتقى في السنوات المقبلة؛ وأولى الخطوات في هذا الاتجاه هي عدم إقصاء أي مبدع أو أديب بالجهة. إن الذي دفعني إلى إبداء رأيي في الملتقى الجهوي للإبداع الأدبي بالجهة الشرقية في نسخته الثانية هو غيرتي على الأدب والأدباء، وكذا أملي في الرقي بالملتقيات والتظاهرات الأدبية والفكرية التي تقام بالجهة. وبكل صدق لم أكن أرمي إلى الإساءة إلى أحد أو طرف في هذه الورقة، فقط تصحيح الوضع الرديء الذي يبدو عليه المشهد الثقافي والأدبي هو المحرك الأساسي في إقدامي على إبداء هذه الملاحظات.