تتحدث رواية "علاج شوبنهاور" للكاتب الأمريكي إرفين د. يالوم، عن جماعة من المرضى يتلقون علاجا نفسيا على يد الدكتور جوليوس، كان السيد وحيد ( وهو بالمناسبة ليس سوى د.عزيز الهلالي) ضمن جماعة العلاج النفسي، يحرص على الحضور وينخرط في الحكي والبوح، كباقي الأعضاء، مستعرضا تجربته العاطفية، لكن الذي أثار غضب السيد وحيد، هو سلوك كاتب الرواية إرفين يالوم، الذي أسقط عمدا من السرد الروائي، السيد وحيد بوصفه أحد أهم شخصيات في مجموعة العلاج، هذا الفعل لم يكن لبقا من طرف الكاتب، فالسيد وحيد أعرب في إحدى الجلسات العلاجية، عن موقفه قائلا: إن العلاقات العاطفية نسخ خيالية تُعاش في عوالم مجردة، الأمر الذي اعتبر تمردا ضد نظام العلاج النفسي، كيف يتجرأ وحيد عن إعلان موقف صريح ومستقل، فإذا كانت المجموعة تبوح وتفرغ الاحتقان والتوترات الداخلية في لغة الحكي، فإن وحيد بلور موقفا. وعليه فإن مؤسسة العلاج، في شخص الكاتب، اعتبرت هذا السلوك خروجا عن منظومة الإدماج الاجتماعي ومنافيا لأخلاق العلاج، وبالطبع فهي لا تقبل حالات متمردة تقع خارج سلطة النظام، فكان لا بد من معاقبة وحيد، من خلال إجباره على تناول جرعات إضافية من الدواء مع تمديد مدة العلاج . "الأقصوصة" على الساعة السادسة مساء، دخلتُ إلى عيادة طبيب نفسي، فوجدت دائرة العلاج الجماعي بدأت تتشكل، تتكون من الطبيب المشرف السيد جوليوس، والسيد فيليب، والسيدة ريبيكا، والسيدة بوني، والسيد جيل. ألقيت التحية على الجميع، وأخذت مكاني بهدوء، وبعد مرور بضعة دقائق، التحقت بنا السيدة بام والسيد ستيوارت. كما جرت العادة، يفتتح الطبيب النفسي السيد جوليوس، كلمته الترحيبية باقتضاب شديد، ثم يحدد جدول الأعمال، بعدها يترك الكلمة تنساب، بوحا واعترافا، على ألسنة المرضى. كان موضوع الجلسة: العلاقات العاطفية. تحدثت السيدة بام عن انهيار زواجها، وانهيار علاقتها العاطفية، التي عاشتها مع عاشق رفض أن يطلق زوجته. أما السيد ستيورات كان يفكر في مكالمة هاتفية، أخبرته زوجته عن قرار الطلاق، كان الرجل يتحدث بانفعال، يأخذ نفسا، ثم يتلعثم واصفا كتلة الصمت التي علقت بسقف بيتهما، فصار باردا ميتا. أما السيدة بوني تحدثت عن سوء الحظ، الذي لم يجلب لها مُعجب، لأنها كانت بدينة المظهر. وسط هذا البوح الجماعي، كنت شاردا، حتى اعتقد الطبيب جوليوس أنني في حالة سيئة. اغتنم لحظة صمت سادت مقاطع البوح، وإذا به يباغتني بسؤال: – فيما أنت شارد السيد وحيد، ألا تجد رغبة في مشاركتنا ؟ – أعربت له عن انزعاجي، سألته كيف تجرأ السيد إرفين يالوم على إقصائي، كشخصية مهمة، من روايته "علاج شوبنهاور" ؟ – تلقى الطبيب جوليوس سؤالي كما لو أنه صفعة انهالت على خده، وبدون أن أنتظر جوابه، قلت له بحزم: – أنت تعلم السيد جوليوس، ماذا كان موقفي، يوم قلت بالحرف، إن "العلاقات العاطفية نُسخ خيالية، تُعاش في عوالم مجردة". أعلن الطبيب جوليوس، عن انتهاء جلسة العلاج الجماعي، وأنا أستعد للخروج، وإذا به ينادي علي. أدخلني إلى غرفة مكتبه، ناولني علبة دواء إضافية، ثم ربت على كتفي، وقال ناصحا: – السيد وحيد، يجب أن تحرص على تناول الدواء بانتظام وفي أوقاته المناسبة.