نعم؛ هذه السيدة التي انتعلت حذاء سندريلا كي تتحرك في زوايا البيوت المغربية من خلال فنها الراقي، تطرق القلوب فتدخل بلا استئذان كي تفرض احترامها. هي ممثلة متمكنة تتحرك في فضاء مواهبها المتعددة لكي ترسم اختلافها. فهي تحمل حقيبة عمرها لتملأها من تجارب محيطها تناقش من خلالها مجموعة من الأفكار التي تسود مجتمعا ملغما بالعديد من المشاكل. وقفت ذات فرجة بإكبار أمام فيلمها "البرتقالة المرة"، كمخرجة أدارت رحى التصوير وأدوار الممثلين باحترافية كبيرة. هذا الفيلم الذي قد يبدو عاديا للوهلة الأولى، لكن ناقشت فيه أسمى المشاعر، حينما يصطدم الحب الصادق بالواقع، ويحب أحد ما من طرف واحد حتى يصاب بالجنون. فهل هي دعوة منها لنعود لزمن الحب الصادق البعيد عن أغراض الاستغلال الجسدي والمتع التي تعبر فضاء المشاعر الراقية؟ أم هو إصرار على فضح جانب مجتمعي من خلال رسالة خفية عن الاستهتار الذي يعرفه الشباب في وقتنا الحالي؟ إنها تلك المرارة التي حاولت أن توصل للمتلقي تواجدها رغم أن حلاوة إدراك الحياة في متناول الكثيرين. إن بشرى إيجورك ممثلة عشنا معها أدوارا في مسلسلات وأفلام بَصَمَت وجداننا بالتميز. فهي سيدة عرفت كيف تكسب جمهورا مختلفا في صفها. في حواراتها لا تجدها متصنعة أو تحاول أن تكتب ذاتها بكلمات تتراقص في الأثير، بل بعفوية كبيرة تترجم أفكارها التي تعتمد على تربية سليمة وقراءة عميقة للواقع وطبعا مع اطلاع واسع على ثقافة الآخر، فهي مثقفة وذكية مع لباقة نشهد لها بها عندما تحيط بها الأسئلة في مواضيع تثير الكثير من القلق في الراهن. فهي تقدس الحرية في الفكر، لكن تتحفظ على المشي في دربها إن تجاوزت خطوطا حمراء في الحياة العامة. بشرى إيجورك، هذه الأيقونة الجمالية التي تضيء حياتنا بكل هذا البهاء، تطور نفسها في كل عمل، ولا أدل على ذلك من الأفلام التسجيلية لصالح الجزيرة وغيرها. لقد أشاد النقاد باتساع أفقها، فهي ممثلة ومخرجة وصحفية أيضا، لكن لا يمكن أن ننسى بأنها كاتبة ترسم من الغمام صورا تمطر جمالا على القارىء، بأسلوب سلسل يمتد فوق أرض الإبداع الخضراء، ليقول لها: هنيئا لك عمودك في جريدة الأخبار، وهنيئا لنا بتعددك يا سيدة مليئة بالأسرار.