هي المخرجة والكاتبة، هي الممثلة والمبدعة في عمودها الأسبوعي بجريدة "المساء"، هي خريجة المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي سنة 1998، وهي الحاصلة على ماستر معمق في الإخراج من المدرسة العليا لمهن الصوت والصورة بباريس، هي صاحبة "البرتقالة المرة" و"كروان" و"الثوار الجدد" و"الوجه الزرق، شفشاون" و "الحي المنسي، الحي المحمدي"، هي الفنانة التي تحمل بين دفتي قلبها هموم الوطن، وأنينه، هي التي تحيى وتكتب وتصلي وتسافر..هي بشرى إيجورك التي تستضيفها "هسبريس" في هذا الحوار. كيف حالك الفنانة بشرى؟ أنا بخير، أحيا، أفكر، أكتب، أصلي، أسافر، أتابع بقلق ما يعيشه بلدي من تآمر الإخوة و الأعداء، و أحاول أن أكون سعيدة ما استطعت، و أن أحمل كل المشاعر الطيبة معي أينما حللت، ربما أقي نفسي عدوى الاكتئاب و الإحباط و الركض خلف الماديات، و أنجح في الحفاظ على قليل من التوازن بداخلي. معروف أنك خجولة في طبعك، ثائرة في كتاباتك، فهل طباعك هذه تنعكس على أعمالك؟ أكيد أن طباعي تظهر من خلال أعمالي، فأنا كما تفضلت وقلت، خجولة، ثائرة و ربما أحمل من التناقضات ما يكفي، فأنا القوية الضعيفة، أثرثر بلسان الصمت، و أبتسم من الحزن، ومحافظة بتحرر، ولازلت أتمسك بتلابيب الرومانسية، لذلك أعمالي الفنية و كتاباتي تعبير عن كل هذه الأحاسيس و الطباع و التفاصيل، "البرتقالة المرة" و "الثوار الجدد" و "كروان" و غيرها أعمال تشبهني، لذلك أوقعها باسمي و روحي و أسئلتي و هواجسي و همومي. لطالما تمنيت وأنت صغيرة أن تصبحي مغنية، مع اعتقادي الشخصي أن صوتك سيء لهذا الأمر، لكن مع هذا يجب الإقرار أنك تجيدين الغناء بالقلم في عمودك الأسبوعي في "المساء"، فكيف تولدت فكرة هذا العمود؟ لماذا تعتقد أن صوتي سيء للغناء رغم أنك لم تسمعه أبدا؟ تضحك.. صوتي ليس سيئا لكنه لا يطرب، أما قلمي فأحيانا نشيد فرح و أحيانا أنين ناي شجي، وفي أحيان كثيرة بركان حممه أسئلة مؤرقة ورغبة في اقتسام القراء كل شيء، الفرح، والحزن، والانتصارات والخسارات.. وبداية كتابة العمود كانت صدفة، أو لنسميها مغامرة قررت أن أخوضها باقتراح من الصحفي الصديق رشيد نيني، الذي طلب مني ذات صباح أن أساهم بعمود في مولود جديد سيحمل اسم "المساء"، ترددت في البداية، ثم بعثت بعض النصوص لرشيد والذي جاء صوته عبر الهاتف يهنئني ويتنبأ للعمود بنجاح كبير، لذلك، فأنا مدينة لرشيد نيني بنجاح "فلاش باك" ولكل القراء الذين شجعوني ودعموني ولازالوا يتابعون كتاباتي على المساء ومجلة "نجمة". بالإضافة إلى كونك كاتبة عمود، فأنت أيضا كاتبة سيناريو ومخرجة ولديك طموح لكتابة الرواية.. أين سيقف طموحك هذا؟ طموحاتي لا حدود لها، لكنني أسعى لتحقيقها بصبر و تأن و إصرار، أنجح و أخفق، أخطئ و أصيب..لكنني لا أتعب و لا أصاب بالملل، بالعكس تماما متى تعثرت ووقعت أقوم بتحد و عناد أكبر. المرء بلا طموح ولا مواهب، إنسان عاجز تسكنه البرودة، وأنا مليئة بالحياة و بالرغبة في التعبير و الإبداع والسمو، لذلك أحب أن أعبر عن وجودي كإنسانة أو فنانة أو أنثى بأساليب إبداعية شتى أصقلها بالدراسة، والقراءة و البحث والتكوين. فأنا ممثلة خريجة المعهد العالي للفن المسرحي بالرباط، ومخرجة استفدت من ماستر معمق في الإخراج بالمدرسة العليا لمهن الصوت والصورة بباريس، وشاركت في عدة محترفات في الكتابة والإخراج. لذلك طموحي لا محطة لوقوفه سيضل ينبض بداخلي أفكار و مشاريع و أماني مادمت على قيد الحياة. احتفيت بالمدينة المغربية من خلال فلم وثائقي عن شفشاون، كما صورت وثائقي آخر عن الحي المحمدي، كيف جاءت فكرة تسليط الضوء على مناطق عاشت طويلا في الظل؟ هناك مناطق كثيرة بالمغرب عاشت طويلا في الظل، ولازالت مدن مهمشة و قرى و دواوير لا يربطها بالوطن سوى العنوان والبطاقة الوطنية، لذلك أجد أن من مسؤولية الفنون- المرئية بشكل خاص- أن تنفض الغبار عن هذه المناطق و تعرف بها و بذاكرتها المنسية. بالنسبة لفيلمي "الوجه الزرق، شفشاون" و "الحي المنسي، الحي المحمدي" فهما من إنتاج قناة الجزيرة الوثائقية، وقد حاولت من خلالهما أن أبرز وجها آخر للمغرب من خلال غناه الحضاري و الثقافي و التاريخي النضالي و الموسيقي و المعماري و الديني...وأرغب في أن يرتبط كل عمل أنجزه بفضاء مدينة، مثلا" البرتقالة المرة" صورته بأصيلة الجميلة، وفيلمي القادم سأصوره إن شاء الله بالصويرة. أنت خريجة المعهد العالي لفن المسرحي، ومع ذلك هجرت الخشبة ولمدة طويلة، هل مازال يسكنك المسرح، أم وضعته في منطقة نائية من اهتماماتك؟ عشقي الأول هو المسرح، وقد قدمت عروضا كثيرة في السنوات الأولى من تخرجي، لكنني خنته و تخليت عنه للأسف لظروفه الصعبة، إشكالية المسرح المغربي كبرى وتلزم هذا الملف عناية خاصة من وزير الثقافة كي ينتعش و يستفيق من حالة الإغماء الذي يعيشها منذ زمن، لا أرغب في المساهمة في عمل لا يرقى لطموحاتي، كما أنني لن أتدرب شهرا أو أكثر لأقدم عرضين أو ثلاثة ثم ينتهي كل شيء، لكن إذا ما اقترح علي نص جيد و ظروف محترمة للاشتغال، فإنني لن أتردد في معانقة الخشبة، فأنا حقا مشتاقة للمسرح. بصدق، ما تعليقك على الواقع الفني المغربي، هل هو برتقالة مرة يا ترى؟ واقع الفن بالمغرب برتقالة نصفها حلو والآخر مر، وبما أنني متفائلة أفضل الأمل، فأنا أحب أن أتذوق و أقتسم الجزء الحلو في انتظار غذ أفضل. هناك فنانون رائعون ومبدعون بمستوى عالمي، يدافعون عن قيم هذا الوطن ومثله وأحلامه وآماله، ضحوا وصبروا ولازالوا يعطون الكثير، وهناك جيل من الشباب بقدرات عالية و أخلاق نبيلة، هؤلاء يكفون ليكون أملي في مغرب الغد كبير و جميل. [email protected]