تقديم: في هذا الحوار، يحدثنا القاص الشاب يونس البوتكمانتي -الفائز مؤخرا بالجائزة الأولى التي تحمل اسم القاص المغربي أحمد بوزفور، ضمن فعاليات المهرجان الوطني التاسع للقصة القصيرة بمشرع بلقصيري (المغرب). عن مساره مع الكتابة والقصة القصيرة، معتبرا أن الكاتب ينطلق خصوصا في الإبداعات الأولى، من تجاربه الشخصية، ومن حياته اليومية.. إذا ما نضبت ينابيع التجارب الذاتية يلجأ بدون شك إلى الخيال المطلق والمحض.. التقينا يونس البوتكمانتي، وأجرينا معه الحوار التالي: - سيرة ذاتية لك، ولمسارك الدراسي؟ يونس البوتكمانتي من مواليد 10 أكتوبر 1986 بقرية ميضار الأعلى بالريف الأوسط (المغرب).. درست بمجموعة مدارس خالد بن الوليد بنفس القرية. تابعت دراستي بإعدادية إدريس الأول وثانوية الأمل بميضار.. بعد ذلك التحقت بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة (جامعة محمد الأول)، شعبة اللغة الانجليزية وآدابها.. حصلت على الإجازة (الباكالوريوس) من نفس الكلية سنة 2008 تخصص لسانيات.. بعد ذلك التحقت بمركز تكوين أساتذة التعليم الابتدائي طنجة حيث تخرجت سنة 2009، وعُينت بنيابة إقليمشفشاون - متى بدأت علاقتك بالكتابة، خصوصا على مستوى القصة القصيرة؟ كنت دائما أتوق إلى اللحظة التي يمكنني أن أصل فيها إلى مرتبة الكتابة، خصوصا وأن مرحلة الكتابة تأتي بعد سنوات عجاف من مرحلة القراءة، في مراحل الفتوة كنت أكتب بعض الأشعار بالأمازيغية، لكن سرعان ما تغاضيت عنها واعتبرتها "مراهقة أدبية". بدأت الكتابة بشكل فعلي قبل أربع سنوات، بمقالات في مجال التربية والتعليم. بعد ذلك بقليل شرعت في الكتابة الأدبية المتمثلة في الكتابة الروائية، إلا أن أحد أصدقائي المهتم بهذا المجال حثني على كتابة القصة القصيرة بدل الرواية، على اعتبار أن عدم النجاح في كتابة قصة يمكن بكل بساطة وأريحية تداركه وتصحيحه، على عكس الرواية التي تتطلب الجهد الكثير.. وهذا طبعا يجعل كتابة الرواية تأتي بعد التمرس في جنس القصة القصيرة.. - لماذا اخترت جنس القصة القصيرة على غيره من أجناس الكتابة الأدبية؟ بداية، من الصعب علي أن أقول بأن الكاتب يختار جنسا من الأجناس، بل الجنس هو من يختار نفسه.. كلما جاء الجنس الأدبي بعفوية كلما كان الإبداع أسمى وأرقى. بالنسبة لي أفضل الكتابة السردية (رواية، قصة قصيرة، قصة قصيرة جدا..) فَفِيها أجد ذاتي وأشعر بالارتياح والمتعة.. على العكس من ذلك، لم أقتحم لحد الآن حِمَى الكتابة الشعرية بالعربية رغم أنني مولع بقراءة الشعر وإلقاءه.. - من أين تمتح عندما تكتب، وأية طقوس تمارسها في غضون لحظات الإبداع؟ الكتابة والإبداع الجيدان هما اللذان يأتيان بعفوية ودون سابق إنذار.. هناك، بدون شك دوافع غير مرئية وأحيانا غير معروفة يصعب التعبير عنها لدى كل شاعر أو قاص أو روائي، تجعله يستلهم ما يخطه.. ليست هناك تقريبا طقوس مثيرة للانتباه يمكن الحديث عنها، لكن بلا شك هناك أمور أستعذبها لحظة الكتابة؛ يعجبني احتساء كوب قهوة أو شاي، تعجبني الكتابة في الصباح الباكر.. ولا أرى بأنني أستطيع أن أبدع ما لم يتوفر الهدوء التام، وهنا أستحضر كلام محمد شكري لرفيق له أراد أن يقتسم معه غرفة السكن، قال له: "شبحك سيزعجني" شبح الشيء يزعج أحيانا فما بالك بالشيء نفسه. - أي حضور للذات في كتاباتك؟ في الغالب لا أكتب عن نفسي، بل عن المحيط الذي بي، وغالبا ما يكون هذا المحيط قاتم ومستفز ومغري بالكتابة.. والكاتب بالتأكيد ينطلق، خصوصا في الإبداعات الأولى، من تجاربه الشخصية، ومن حياته اليومية.. إذا ما نضبت ينابيع التجارب الذاتية يلجأ بدون شك إلى الخيال المطلق والمحض.. - نموذجك في مجال الكتابة؟ لا أستطيع أن أحدد أي نموذج.. بعض أصدقائي المقربين يقولون بأنني أكتب بطريقة توفيق الحكيم، آخرون يقولون لا بل بطريقة محمد شكري، وأنا أعتقد أنني أكتب بطريقة شخصية وإن بدت فيها بعض معالم الكتابة عند هذا الكاتب أو ذاك.. حقا قرأت تقريبا كل ما نشره شكري وكثيرا مما كتبه توفيق الحكيم وغيرهم لكنني لا أرى أنني أقتفي أثرهم بالحرف.. - كيف جاءت مشاركتك في فعاليات المهرجان الوطني التاسع لمسابقة القصة القصيرة، وهل كنت تتوقع هذا التتويج؟ شاركت من قبل في مسابقة في الإسكندرية ومسابقات وطنية أخرى ولم أحصل على الجائزة، ثم بعد ذلك شاركت في مسابقة الملتقى الوطني 11 للقصة القصيرة بفاس وحصلت على الجائزة الثانية في أبريل 2013. بعدها حصلت على الجائزة الأولى التي تحمل اسم القاص المغربي أحمد بوزفور، ضمن فعاليات المهرجان الوطني التاسع للقصة القصيرة بمشرع بلقصيري (المغرب)، المنظم من طرف جمعية النجم الأحمر للتربية والثقافة والتنمية الاجتماعية، أيام 17-18-19 ماي/أيار 2013، وهي الدورة التي حملت اسم القاص عبد الحميد الغرباوي.. الشيء الذي يجعلني أشارك في مثل هذه المسابقات، هو أولا التواصل مع رموز القصة والنقد بالمغرب، كما أنه عبر هذه المشاركات يدخل المبدع الشاب عالم الأدب، وبغيرها سيبقى منطويا وبعيدا عن قلاع الإبداع.. من الصعب أن تتوقع التتويج أو الحصول على جائزة معينة، منحنى الإبداع يسير بشكل تصاعدي وأحيانا بشكل تناقصي، وبالتالي لا يمكن الحكم على النصوص ما لم يتم الاطلاع على كل النصوص المشاركة في أي مسابقة..