إذا ما نحن عالجنا هذا العمل الأدبي ككل، من حيث البنية الخارجية ونقصد هندستها الشكلية لفن القصة، فلأن الكاتب القصصي، والروائي الملتزم فؤاد اليزيد السني، قد عودنا على مثل هذه العنوانين المثيرة. ومن سنحت له الفرصة مثلي، واطلع بانتظام على منشورات أعمال الكاتب الإبداعية، القصصية منها وغيرها منذ سنوات، عبر طنجة الأدبية وغيرها من المحطات الأدبية، لا بد له وأنه لاحظ هذا التوقيت المتزامن لأعماله الأدبية مع أحداث الساعة. عنوان مثير فعلا “في جنازة الخوف العربي !”. إن هذه القصة القصيرة التي تحمل هذا العنوان الضخم، هي في الواقع مصاحبة وترجمة واقعية، لما يحدث على رقعة البلدان العربية من أحداث. إنها صيحة صريحة للربيع العربي الذي اجتاح هذه المجتمعات سنة “2011”. نقصد المجتمعات التي كانت حكامها مخدرة لجماهيرها لأكثر من ألف عام. وفي هذا البناء الفني للإطار الخارجي، استعمل الكاتب تقنيته القصصية باستخدام جدلية المركب الثلاثي: الراوي المجهول أو السارد، ثم الشخصية الرئيسية للقصة (الفاعل) ك (وسيط)، والمثال الذي تسعى إلى تحقيقه أو تقليده على الأقل. وهذا الجدلية الثلاثية قد استخدمها الكاتب القصصي في كل قصصه الواردة في هذه المجموعة بدون استثناء. ففي نموذج “في جنازة الخوف العربي” نقف على هذا الثالوث الجدلي متمثلا في ” الراوي والمخلوق المجهول والمرور عبره أو بمعنى أدق تجاوزه وإلغاءه، لتحقيق الثورة كمثال. وفي قصة “سمّورة والشقراء” نجد كذلك هذا الثالوث متجسدا في ” الراوي والشخصية القصصية (الفاعل) والغرب كهدف لتحقيق مثال الهجرة”. وفي نائمة على الرصيف نجد كما في المثالين السابقين: ” الراوي والشخصية القصصية الرئيسية (الفاعل) وتحقيق العدالة كمثال. ونكتفي بهذه النماذج القصصية الثلاث كمقاربة تحليلية، لأن هدفنا في نهاية المطاف هو تقريب من فهم القارئ وإدراكه، كيفية استخدام الكاتب لهذه الجدلية الثلاثية في تقنية كتاباته القصصية. ولسوف ندرك وبوضوح كيفية استخدام هذه التقنية كجدلية ثلاثية داخلية. ونقصد في بنائها الداخلي هذه المرة. فإذا عدنا ل “في جنازة الخوف العربي” فالجدل الثلاثي يتجسد في: ” السارد الداخلي للقصة، والذي تمثله الشخصية الرئيسية التي تسرد لنا الأحداث، ثم المخلوق الغريب الذي يتحول إلى شخصية أساسية في مسار الأحداث. بمعنى مرغوب في اختراق سره (كوسيط) وإلغائه من أجل المرور إلى المثال. وأخيرا الرغبة في تحقيق المثال المنشود، ألا وهو الثورة العربية، خصوصا بعد وفاة شخصية الخوف العربي. وفي القصة الثانية “سمورة والشقراء”، فإن السارد الداخلي الحقيقي هو الشخصية الرئيسية “سمورة”، و”الشقراء” كشخصية رئيسية ثانية (وسيطة) كنموذج لرغبة السارد في تحقيق الهدف المثال، أي الهجرة إلى الغرب. وفي نموذج “نائمة على الرصيف”، نصادف أخيرا هذا المركب الجدلي الثالوثي في: السارد الداخلي كشخصية رئيسية، وهو الكاتب في حلة شاهد، والمخلوقة المكومة في الخرق (وسيط) كشخصية المرأة المستهلكة جنسيا والمنبوذة الحقوق. وأخيرا رد الكرامة الحقوقية بأمثلة حباة الجواهر ومرافقة روحها نحو عالم المثل، كمثال لتحقيق عدالة مثالية، لأن العدالة الأرضية غير متوفرة بعد في هذا المجتمع. ثم هنالك شيء هام جدا، يجب التنبيه إليه في العلاقة التي تربط الفاعل بموضوع رغبته، ويتعلق بالسّلّم الإجتماعي هذه المرة. فعلى المستوى الخارجي، ونقصد البنية الخارجية لهذه التشكيلة الثلاثية، إن رغبة الفاعل المركزي في استخدام وسيطه لبلوغ الهدف المثال، يتجلى في طلب روحي مثالي. أما على المستوى الداخلي لبنية النص، فالجدل الثلاثي يتجلى في المستويات الثقافية كما الإجتماعية التي تربط الفاعل المركزي بوسيطه. ويتجلى الهدف المثال في هذه الأثناء أكثر واقعية. لقد كانت هذه القراءة التحليلية الأولية، مجرد منهج مختصر، ومقتبس من الممارسة الروائية لصاحبها “René Girard” للعبور إلى الفضاء القصصي وخطابه الإجتماعي الواقعي لدى الكاتب. بالفعل إن الكاتب يستخدم أسلوب المدرسة الواقعية ولكنه وبذكاء فني رائع، يضفي عليه مسحة من الرمزية الخرافية. ونعني بهذا، أنك لا تدري إن كنت تقرأ قصة واقعية، (نائمة على الرصيف) أم رمزية، أم خرافة حداثية (الثورة وديعة) هي من خالص ابتكار خيال الكاتب المبدع. وهو في هذه الأثناء، يصور لك المجتمع المغربي تصويرا بارعا في أدق تفاصيله الحياتية بل اليومية. وهو عبر هذا المجتمع المغربي المصغر، يصور لك المجتمع العربي عبر أحداثه الما قبل والما بعد الحراكات الثورية في آن. وهذا العمل القصصي لا يخلو في نظرته التحليلية من وصف “بسيكولوجي” للحلالات النفسية لشخصيات القصصية كما لأوضاعهم الإقتصادية وسلوكياتهم الأخلاقية. ثم إننا نصادف في رحلتنا القصصية، لكل الوجوه من مكونات المجتمع. ولكن الكاتب أبى إلا أن يركز قلمه، مسلطا أضواءه النقدية على الطبقة الكادحة، أو بعبارة أخرى، لكل مهمشي المجتمع، بما فيهم أشباه الكتاب الحالمين بالعبقرية والجاه. وكل هذا بلغة بليغة ومحكمة، وبأسلوب مرن، مبطن بنقد لاذع أحيانا، وأخرى بسخرية أدبية، تمررها للقارئ صور بلاغية موحية ومعبرة. ونكتفي بهذه القدر، متمنيين للكاتب فؤاد اليزيد السني، المزيد من العطاء الأدبي الفاضح، والمعري لهموم واحتياجات التغيير للمجتمع العاطل من أجل مجتمع مثال، تتساوى فيه المواطنة بالمواطن. إذ نحن في أمس الحاجة اليوم لأكثر من أي يوم مضى، لمثل هذه المساهمات الأدبية الملتزمة. (كلية الآداب) بقلم الكاتب أديب برادة – 20-04-2019- باريس – فرنسا المصادر والمراجع المعتمدة Psychopolitique, Paris, Francois-Xavier de Guibert, 2010 (ISBN 2-7554-0394-2) [constitue la préface de ce livre de Jean-Michel Oughourlian]. La Conversion de l'art, textes rassemblés par Benoît Chantre et Trevor Cribben Merrill, Paris, Flammarion, coll. Champs essais, 2010 (ISBN 978-2-0812-2640-1). Géométries du désir, préface de Mark R. Anspach, Paris, L'Herne, 2011 (ISBN 978-2-85197-922-3). Achever Clausewitz : entretiens avec Benoît Chantre, éd. revue et augmentée d'un index et d'une posface, Paris, Flammarion, coll. Champs essais, 2011 Mensonge romantique et vérité romanesque (1961) (ISBN 2-01-278977-3). Dostoïevski : du double à l'unité, 1963 (repris dans Critique dans un souterrain en 1976). La Violence et le sacré (1972) (ISBN 2-01-278897-1). Critique dans un souterrain (1976) (ISBN 2-253-03298-0). Quand ces choses commenceront… (1994) [entretiens avec Michel Treguer]. Je vois Satan tomber comme l'éclair, Robert Laffont, 1999, 251 p.. Celui par qui le scandale arrive (2001) (ISBN 2-220-05011-4) [comprend trois courts essais et un entretien avec Maria Stella Barberi]. La Voix méconnue du réel (2002) (ISBN 2-253-13069-9). Le Sacrifice (2003) (ISBN 2-7177-2263-7). Les Origines de la culture (2004) (ISBN 2-220-05355-5) [entretiens avec Pierpaolo Antonello et João César de Castro Rocha, suivis d'une réponse à Régis Debray Eloge de l'individu : essai sur la peinture flamande de la Renaissance, Paris, Adam Biro, 2000. Mémoire du mal, tentation du bien, Paris, Robert Laffont, 2000. Devoirs et Délices : une vie de passeur (entretiens avec Catherine Portevin), Paris, Le Seuil, 2002. Le Nouveau Désordre mondial : réflexions d'un Européen, Paris, Robert Laffont, 2003. Les Abus de la mémoire, Paris, Arléa, 2004. Les Aventuriers de l'absolu, Paris, Robert Laffont, 2006. L'Esprit des Lumières, Paris, Robert Laffont, 2006. La Littérature en péril, Paris, Flammarion, 2007.Todorov évoque son passé, personnel et intellectuel. L'Art ou la Vie ! : le cas Rembrandt, Paris, Biro éditeur, 2008. Figures, essais, Paris, Le Seuil, 1966-20021 : ” théoricien de la littérature Gérard Genettet” Figures I, coll. « Tel Quel », 1966 ; Figures II, coll. « Tel Quel », 1969 ; Figures III, coll. « Poétique », 1972 ; Figures IV, coll. « Poétique », 1999 ; Figures V, coll. « Poétique », 2002.