انخفاض بنسبة 0.2% في أسعار إنتاج الصناعات التحويلية بالمغرب    أسعار النفط ترتفع إلى أزيد من 76 دولارا للبرميل    توقعات بتصدير المغرب 90 ألف طن من الأفوكادو في 2025    الشرع يتعهد إصدار إعلان دستوري وإتمام وحدة سوريا    "مجموعة العمل من أجل فلسطين" تحتج أمام البرلمان وفاء للشهيد محمد الضيف    "القسام" تكشف أسماء 3 أسرى إسرائيليين تعتزم الإفراج عنهم السبت    يوروبا ليغ: الكعبي يقود أولمبياكس لدور الثمن والنصيري يساهم في عبور فنربخشة للملحق    طنجة: توقيف مبحوث عنه في قضايا سرقة واعتداء بالعوامة    استئناف النقل البحري بين طنجة وطريفة بعد توقف بسبب الرياح العاتية    إعادة فتح معبري سبتة ومليلية.. ضغط إسباني وتريث مغربي    حكم بالسجن على عميد شرطة بتهمة التزوير وتعنيف معتقل    بورصة البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    التعاون السعودي يعلن ضم اللاعب الصابيري خلال فترة الانتقالات الشتوية الحالية    وزير الخارجية اليمني يؤكد دعم بلاده الكامل لمغربية الصحراء خلال لقائه مع رئيس الحكوم    وزير الخارجية اليمني يجدد التأكيد على موقف بلاده الداعم للوحدة الترابية للمملكة    المحكمة التجارية تجدد الإذن باستمرار نشاط "سامير"    إلموندو الإسبانية تكتب: المغرب يحظى بمكانة خاصة لدى إدارة ترامب وواشنطن تعتبره حليفًا أكثر أهمية    اللجنة التأديبية الفرنسية تقرر إيقاف بنعطية 6 أشهر    اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي تعزز وعي الجيل المتصل في مجال الأمن الرقمي    الفلاحون في جهة طنجة تطوان الحسيمة يستبشرون بالتساقطات المطرية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    نهضة بركان يواصل التألق ويعزز صدارته بفوز مهم على الجيش الملكي    كيوسك الجمعة | 97 % من الأطفال المغاربة يستخدمون منصات التواصل الاجتماعي    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    ارتفاع أسعار الذهب    سانتو دومينغو.. تسليط الضوء على التقدم الذي أحرزه المغرب في مجال التعليم    الجيش الإسرائيلي يعلن ضرب عدة أهداف لحزب الله في سهل البقاع بشرق لبنان خلال الليل    العثور على الصندوقين الأسودين للطائرة التي تحطمت في واشنطن    "كاف" يعلن عن تمديد فترة تسجيل اللاعبين المشاركين في دوري الأبطال وكأس الكونفدرالية    الدولي المغربي حكيم زياش ينضم رسميا للدحيل القطري    أجواء ممطرة في توقعات طقس الجمعة    نتفليكس تطرح الموسم الثالث من مسلسل "لعبة الحبار" في 27 يونيو    وتتواصل بلا هوادة الحرب التي تشنها جهوية الدرك بالجديدة على مروجي '"الماحيا"    نتائج الخبرة العلمية تكشف قدرة خلية "الأشقاء الثلاثة" على تصنيع متفجرات خطيرة (فيديو)    الجيش الملكي يخسر بثنائية بركانية    النقابة الوطنية للصحافة ومهن الإعلام بإقليم العرائش تكرم منجزات شخصيات السنة    خروج 66 فلسطينيا حالة صحية متردية من سجون الإحتلال    من المدن إلى المطبخ .. "أكاديمية المملكة" تستعرض مداخل تاريخ المغرب    زياش إلى الدحيل القطري    رئاسة الأغلبية تؤكد التزامها بتنفيذ الإصلاحات وتعزيز التعاون الحكومي    «استمزاج للرأي محدود جدا » عن التاكسيات!    برقية تعزية ومواساة من الملك إلى خادم الحرمين الشريفين إثر وفاة الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز آل سعود    إطلاق النسخة الأولى من مهرجان "ألوان الشرق" في تاوريرت    الملك يهنئ العاهل فيليبي السادس    وفاة الكاتب الصحفي والروائي المصري محمد جبريل    مع الشّاعر "أدونيس" فى ذكرىَ ميلاده الخامسة والتسعين    جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام 2025 تكرّم جهود بارزة في نشر المعرفة الإسلامية    مركز الإصلاح يواجه الحصبة بالتلقيح    الطيب حمضي ل"رسالة 24″: تفشي الحصبة لن يؤدي إلى حجر صحي أو إغلاق المدارس    أمراض معدية تستنفر التعليم والصحة    المؤسسة الوطنية للمتاحف وصندوق الإيداع والتدبير يوقعان اتفاقيتين استراتيجيتين لتعزيز المشهد الثقافي بالدار البيضاء    المَطْرْقة.. وباء بوحمرون / الحوز / المراحيض العمومية (فيديو)    علاج غريب وغير متوقع لمرض "ألزهايمر"    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأقصى في كفة ميزان صفقة القرن
نشر في طنجة الأدبية يوم 20 - 12 - 2017

وأخيرا قدمت طلائع الربيع الإسلامي .. ! ففيما يخص ربيع الثورات العربية 2010- 2011، فإننا كنا قد خصصنا له قراءات مختلفة، ظهرت بعضها على صفحات مجلة "طنجة الأدبية" وأخرى كانت موضوع محاضرات بالصالون الأدبي الذي نديره ببروكسيل العاصمة. بإمكاننا أن نقول باختصار، بأن ما كنا قد توقعناه وخشينا حدوثه عقب هذه الثورات من قبل الدولة العميقة العميلة والتابعة للإمبريالية الأمريكية كما الأوربية في حلله الديمقراطية المزيفة، قد حصل فعلا وجاءت الثورات المضادة متعاقبة الواحدة تلو الأخرى لتهدم ما حاولت الشعوب العربية الثائرة أن تبنيه خلال الثورات المباركة، التي انطلقت من "سيدي بوزيد" إلى صنعاء. ولعل الإنقلاب العسكري المصري، مدعوما من قبل ملوك الخليج الذين يشكلون محور الطغاة ونقصد على وجه الخصوص، كل من العربية السعودية والإمارت والبحرين، كان مقدمة ومستهل الخراب والفوضى والنيران التي ستوقد في كل الربوع العربية. فسقوط مصر بيدي الإنقلابيين سيكون العامل المباشر في دعم النظام الإجرامي السوري وتقويض صفوف المعارضة السورية الثائرة. ولعل المترقب للأوضاع والمطلع عليها في مصر حينذاك، كان بإمكانه وبسهولة ربط التوقيت الزمني الذي كان فيه الرئيس الشرعي المطاح به والمنقلب عليه عنوة، ونقصد به السيد مرسي، بصدد اتخاذ تدابير هامة بنصرة الثورة السورية، وتلك السرعة الخاطفة التي اتستغلها الإنقلابي "السيسي" في اتخاذ تدابير مضادة للثورة السورية وطرد مناهضيها، واتخاذ موقف علني في مساندة ومناصرة الطاغية بشار ونظامه السفاح. كل هذا بتمويل وتأييد وتسفيق ملوك الخليج المعتادين على زرع الفوضى وإيقاد نيران الفتنة في جل البلدان العربية وغير العربية المحدقة بهم أو الواقعة في جوارهم. ولعل تدخلهم وتورطهم في وحل اليمن يظل أبسط وأصدق مثال على موقفهم المضاد لشرعية الثورات العربية. وبالعودة إلى الشأن المصري، فإن الإنقلابي "السيسي" هذا الذي خان قسم اليمين لرئيسه المنتخب شرعا، بمجرد ما ألقى بنفسه في أحضان العابثين بالشعب السوري والمدمرين لكل مقوماته وطاقاته البشرية كما الإقتصادية والمعمارية والثقافية، حتى سارع من جديد مهرولا إلى ليبيا لنجدة القزم الذي أهدته إياه المخابرات الأمريكية ألا وهو اللواء المتقاعد خليفة حفتر الحامل كما أبنائه للجنسية الأمريكية. فالحالة هذه، تحت مجهر الرأي العالمي، قد قوبلت بالترحيب والتطبيل للديمقراطية المزيفة في كل الأروقة والمنابر والمحافل الغربية التي زكتها وعلى رأسها، الولايات المتحدة صانعة القرارات والفوضى الإقليمية، ولا نعني الخلاقة للفوضى فقط بل المروجة والمذكية لها قبليا وطائفيا ودينيا، وذلك بالتحالف علنا مع طغاة الخليج، وضمنا بل وأحيانا علانية مع كل من روسيا وإسرائيل.
ولنعد من جديد إلى مقدمة هذه القراءة التحليلية، لربط السابق باللاحق لمعرفة نتائج هذه السيناريوهات التي تمخضت أحداثها أخيرا عن ما أصبحت تتداوله صحف اليوم ب"صفقة القرن". فثورات الربيع العربي قد انطلقت بها الجماهير العربية خارج أي إطار نقابي أو مؤسسة حزبية رسمية. وكانت نتائجها المدهشة أن الأحزاب والمؤسسات الإسلامية وأحزابها السياسية هي التي قطفت ثمارها حين رضخت هذه الدولة أو تلك لإجراء انتخابات حرة ونزيهة أو شبيهة بها هنا وهناك. وبمجرد ما تبينت هذه النتائج للرأي العالمي العام، ونعني بالتحديد دول الوصاية: أوربا وأمريكا، المعاديتين والكارهتين للإسلام، حتى قامت قيامة الإعلام المضلل الذي أقام الدنيا وأقعدها تخوفا من استلام السياسيين المسلمين لمصيرهم في عقر ديارهم وبلدانهم. فكانت المحصلة المأسوية في هذه البلدان التي لم تتمكن منها الثورة بعد، أن تخلت معظم أحزابها الإسلامية عن الحكم أو المشاركة فيه إما تحت الضغط الخارجي المراقب لها أو الداخلي، بالقوة أحيانا وبالمزايدة والترهيب أحيانا أخرى. ولدعم هذه المؤامرة من الغرب: بشقيه الأوربي والأمريكي، أخرجت ورقة "ألإرهاب الإسلامي" المؤدلجة أهدافها، تلك التي بدأت طبختها خلال الثمانينات من القرن الماضي بصور الكارتون المتهجمة عن المقدسات الإسلامية ومعارك منع الحجاب و"البركيني" والتي وجدت لها على منابر الصحافة والإذاعات وشبكات التواصل الإجتماعي، صدى واستجابة دعائية وتحقيرية وتزويرية وتشويهية هائلة للإسلام وللمسلمين. وبأمريكا خصوصا فإن كل الإدارات انطلاقا من حكومة "ريڭن" لغاية "ترمب" اليوم، مرورا بكل من "بوش" الأب والإبن و"أوباما" بدون أن نستثني منهم أحدا. فخلال كل هذه العقود الزمنية كان الإسلام والإرهاب الذي ربط به كصفة ملازمة له، بل كطبيعة أولى له، هو الهم والهوس الوحيد الذي بات يشغل بال العالم. ولكن من أين أتى وكيف أصبح هذا "الإرهاب" الممنهج صفة للإسلام والمسلمين؟ وعلى سبيل المثال وليس الحصر فلو أننا عدنا بمصطلح الإرهاب إلى الثورة الفرنسية، فإنا سندهش حين نعلم بأنه كان سلاح الجناح الثوري لليعاقبة الثوريين. وإذا كان حزب اليعاقبة الثوري، إبان وخلال وما بعد الثورة الفرنسية (1789)، هو أول من روج "لمصطلح الإرهاب والإرهابيين" بحرب شاملة على خصومه، فإن التقليد الأيديولوجي قد وجد له من ينقذه من الضياع من يومها ذاك لغاية يومنا هذا. لقد استطاع أن ينجو من قدر الغرق في مستنقع التناسي ليبعث من جديد وعلانية من على منبر الإعلام المزور والمضلل والمشحون بالأكاذيب. وبهذه الوقاية الإيديولوجية الحديثة النشأة، استطاع مصطلح الإرهاب أن يُبْعَثَ بكل عنفوانه في حلة عسكرية أمريكية معاصرة. فهو مع مرور الأيام والعقود كان يختفي من هنا ليعود للبروز من هنالك، ليلتصق بكل الثوار وجيوش التحرير العربية وغير العربية التي كانت تناهض المستعمر الأوربي في كل من أفريقيا والمغرب والمشرق العربي على السواء. بل لقد ظلت هذه الصفة ملازمة ولغاية اليوم لثوار المقاومة الفلسطينية (ولكل ثوار العالم) بينما أصبحت دولة الإحتلال ونعني بها إسرائيل، تنعت بدولة القانون" على المنابر والمحافل الدولية، في حين أن ممارستها القمعية اليومية واستعمارها الهمجي للشعب الفلسطيني وممارسة كل أنواع التمييز العنصري والتسلطي على أراضيه وممتلكاته خارج كل القوانين والأعراف الدولية، أمر واقع يجعل منها نسخة طبقا لأصل "للحكومات العنصرية"، هذه التي كانت ولغاية التسعينات تمارس على السود، السكان الأصليين لأفريقيا الجنوبية.
إن مفهوم "الإرهاب" في لباسه الأيديولوجي المعاصر لنا اليوم، قد أصبح بيد دول الغرب عموما وأمريكا خصوصا، وسيلة للتدخل في شؤون وأمر واستقرار كل الدول المستهدفة أنظمتها من قبلهم بشكل مباشر وعلني، باسم ما أصبحت تسميه أمريكا علنا "بالحرب الإستباقية". ولمزيد من الإيضاح بخصوص هذه الصياغة الحداثية للإرهاب الشرعي نسوق لكم نصا مقتطفا من مؤلف الباحثة والكاتبة والإقتصادية والصحفية الكندية الملتزمة. إنها "ناوومي كلين" من كتابها "استراتيجيىة الصّدمة"، أجل لقد وقع اختيارنا على هذه الباحثة المتخصصة في القضايا الإستراتيجية العالمية وخصوصا مؤلفها المذكور أعلاه، المتعلق بفضح السياسة الأمريكية على المستوى العالمي، وعن الأيديولوجية الليبرالية الأصولية التي تستقي منها توجهاتها في ممارسة العنف على مستوى المعمورة. فلقد ركزت هذه الباحثة العالمية على الخطة الأمريكية المختصرة في "إستراتيجية الصدمة"، هذه التي قامت الولايات المتحدة بممارستها على كل الشعوب التواقة للحرية في العالم، منذ مطلع الخمسينات إلى اليوم: في كل من آسيا وأفريقيا وأوربا وأمريكا اللاتينية. وبخصوص هذه الإستراتيجية الأمبريالية، تقول الكاتبة :"وبالرغم من أن هذه الإستراتيجية قد غيرت اسمها لمرات عديدة – الحرب ضد الإرهاب، الحرب ضد الإسلام المتطرف، الحرب على الإسلام الفاشي، الحرب على العالم الثالث، الحرب الطويلة، الحرب المتعاقبة على الأجيال – فإن الصراع قد ضل هو بعينه في شكله. ولقد ظل غير محدّد، لا بالزمن ولا بالمكان ولا حتى بالهدف. فمن وجهة نظر عسكرية محضة، إن الحرب ضد الإرهاب، هذه التي حُدّدَت بشكل أخطبوطي فضفاض لا هيكل له، هي في الواقع حرب لا يمكن الإنتصار فيها أبدا. ولكنها، أي هذه الحرب، منظورا إليها من زاوية اقتصادية بحتة، فإنها في المقابل لا يمكن أن تخسر قطّ : بالفعل، إن الأمر لا يتعلق هنا بصراع مؤقت بالإمكان كسبه بل بالعكس تماما، إذ يتعلق الأمر هنا بعنصر جديد ودائم للهندسة الإقتصادية الدولية". ونضيف موضحين ومتممين بعبارة لإقتصادي أمريكي قوله محددا لمفهوم الإرهاب :" ذاك العدو المفترض والخفي عن الأنظار الذي نسميه "الإرهاب".
وباختصار، إن تصدير بضاعة "مادة الإرهاب الإسلامي" لكل الزعماء العرب بالتحديد والعالم الإسلامي بشكل خاص، لتبني كذبتها البليدة وتطبيقها على بلدانهم العربية الإسلامية، قد أصبحت موضة ومسرحية سخيفة لدى كل هؤلاء الزعماء والملوك العرب الفاقدين للشعبية والمأهولية القانونية الشرعية، ولا أستثني منهم أحدا. ويتداخل بهذه المناسبة كل ما هو سياسي، بكل ما هو ديني، وبكل ما يرضي السادة في باريس وواشنطون، علهم يرضون عن المسرحية ويتجاوزون مهزلة القضية، ويغفرون لعبيدهم عن هفواتهم الإجرامية الدموية في حق شعوبهم.
ولنعد من جديد، لسيناريو الثورة المضادة ونواياها الخفية. ففي هذا السياق الخاص بالتوصيات والتوجيهات الخارجية استهلت المبادرة الإمبريالية المباركة بمتابعة أو ملاحقة ومنع الأحزاب الإسلامية ذات الثقل التاريخي ك"الإخوان المسلمين الشرعيين والمقاومين الفلسطينيين والشاميين والناصرين وو .. وو .. والقائمة طويلة … ! وفي هذا السياق العبثي الغريب، صلّى فيه الزعماء والملوك العرب، صلاة الغائب على نفوسهم الميتة ونواياهم المنبطحة، ويأتي في مقدمتهم ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان"، هذا العلماني الجديد والمتشوق لفرض ثورة علمانية ببلاد الحرمين الشريفين. فهذا الذي أصبح شهيرا أكثر من كل يوم مضى، وخصوصا عندهم هنا في الغرب، باقتنائه للأعجوبة الزيتية الكبرى "اليسوع مخلص العالم"، لوحة الرسام الشهير "ليوناردو دافن شي" وما تخفيه من دلالة لرمز الأ قانيم الثلاث، بما قدره نصف مليار دولار تقريبا. هذا الأمير العابث هو من اتخذ المبادرة لبيع القدس للثنائي الصهيوني: أمريكا وإسرائيل في مقابل أن يعيناه على شن حرب جديدة على إيران وجر المنطقة كلها إلى خراب يباب شمولي.
"صفقة القرن الكبرى" هذه التي خرجت إلى وضح النهار وعلانيته، في اليوم الذي أعلن فيه السمسار الأمريكي "دونالد ترمب"، بأن القدس هي عاصمة إسرائيل الأبدية، كانت قد دُبّرت من قبل وحيكت خيوطها الشيطانية في مقصورات محور الطغاة: مصر والسعودية والإمارات والبحرين. هؤلاء الذين وصفهم الكاتب البريطاني "ديفيد هربرت" ب "الصبية المترفين الذين دينهم العبث فوق رمال الصحراء والتقاط صور "السّيلفي". فهؤلاء كان لهم دور في كل ما يجري في المنطقة …". فالمؤامرة المحاكة خيوط خيانتها من قبل هؤلاء الغلمان أو الصبيان العبثيين في حق الشعب الفلسطيني والقدس الشريف والأمة الإسلامية عامة، لن تمر كما تصوروا حين اعتقدوا بأنه بإمكانهم شراء ضمائر الأحرار وبيع بالمزاد المقدسات الإسلامية التي هي أصلا ليست ملكا لأحد منهم. لقد سموها صفقة القرن، حين توهموا بأن بيع القدس وفتح دور السينما كمقدمة لتمرير المشروع العلماني الذي كثيرا ما أشاروا إليه بالتلميح في انتظار ساعة التصريح والتطبيع مع إسرائيل، سيمنحهم الزعامة للعالم الإسلامي. في الواقع لقد فضحوا أنفسهم وضيعوا الأمانة الإسلامية التي كانت في عنقهم، وخسروا أخيرا الثقة التي كانت الشعوب الإسلامية تضعها فيهم. ولعلهم بسلوكهم المتهور هذا قد قدموا و"دونالد ترمب" معهم، ومن حيث لا يحتسبوا، هدية للعالم الإسلامي كيما يرد على كل المتفرجين بربيع إسلامي عالمي. بالفعل، لقد غاب عن المشهد العالمي كل الزعماء والملوك العرب، ولكنه في المقابل حصل ما لم يكن في الحسبان، إذ استردت القضية الفلسطينية روحها المعنوية في انتفاضة مباركة من جديد، من بعد ما كانت قد غيبت تماما أو كادت عن المشهد السياسي، وهبت الجماهير الإسلامية من "جاكرتا" إلى تونس فالرباط، لغاية "إسلام أباد" مارة بكل الربوع الإسلامية، مبشرة ب"تسونامي جديد" وبانطلاقة جديدة لربيع الشعوب الإسلامية، والبقية آتية لا محالة.
ونسوق بهذه المناسبة، وصفا توضيحيا مختصرا، لا بد منه، لتسليط الضوء على شخصية هذا الرئيس الأمريكي الجديد "دونالد ترمب". فهو مثلا، رجل عنصري من معتنقي أيديولوجية التفوق العرقي للبيض على باقي الأعراق البشرية. وهو بالمناسبة كان ينتمي إلى الدوائر اليمينية المتطرفة قبل وصوله إلى الحكم. وبمجرد ما استلم الحكم حتى عين إدارة أغلبية أعضائها منحدرة من إدارة "بوش" التي كانت من محرضي ومخططي لحرب العراق ودمارها. وجلهم بالمناسبة، صهاينة مناصرين لمشروع الإحتلال الإسرائلي لفلسطين خاصة وبقية المشرق العربي الإسلامي عامة. ولعل المشوار الذي قطعه مع مستشاره الخاص "ستيف بانون" الذي كان يشغل في السابق منصب مدير موقع "بريتبارت نيوز" الإخباري، اليميني المتطرف، كان له تأثره الأيديولوجي الخاص بتأثيره على توجهاته السياسية. و"ستيف بانون" بكل صراحة، هو الرجل العنصري الداعية لإشعال حرب دينية وعرقية شاملة بين المسلمين والصليبيين، تلك التي روج لها عبر أفلامه الوثائقية كفلمه "في وجه الشّر" وبالأخص فلمه الأخير" أݒوكاليݒس" بمعنى الحرب العالمية الثالثة والذي فحواه إعلان حرب حضارية من طرف الصليبية الأمريكية الأوربية على الدين الإسلامي والإرهاب.
إن الرئيس الأمريكي "دونالد ترمب"، بمجرد ما أعلن القدس المحتلة، عاصمة أبدية لدولة الإحتلال الإسرائيلي، حتى جاءت ردة فعل الشارع العربي والإسلامي الغاضب، بالمبادرة التركية لعقد قمة طارئة "لمنظمة التعاون الإسلامي" يوم الأربعاء 13-12-2017 دعا إليها على عجل، الرئيس التركي طيب رجب أردوغان، للتصدي للمؤامرة التي خرجت طبختها السرية علنا من الأروقة الخليجية- المصرية، باسم "صفقة القرن". ومن الغريب والعجيب في الأمر، أن غاب عن الحضور والمشاركة فيها شخصيا، الرباعي الملكي: المغربي والسعودي والبحريني والإماراتي، ممثلين ببعض الوزراء من الدرجة الثانية، علما بأن ملك المغرب هو من يرأس لجنة القدس حاليا والملك السعودي بصفته خادم للحرمين الشريفين. وفي حين كان يعقد المؤتمر بحضور أكثر من خمسين دولة إسلامية ممثلين بأكثر من عشرين زعيم ورئيس، كان الرباعي الذي ذكرناه متواجدا في ذات اللحظة، فعليا أو ممثلا حضوره على أعلى مستوى وزاري في باريس، حول الرئيس الفرنسي "ماكرون" لدعم حلف جبهة غربية جديدة ضد ما اصطلحوا عليه ب الحرب ضد "الإرهاب الإسلامي بالساحل الأفريقي"، فتدفقت الأموال الخليجية من جديد بسخاء عربي لتمويل المشروع.
وملخص القول، إن الأمة الإسلامية تتواجد اليوم، ولا أقصد الزعماء ولا الملوك، وإنما الشعوب العربية الإسلامية التي أصبحت أمام خيارين لا ثالث لهما: خيار الوقوف كالمتفرج على تمرير المؤامرة الكبرى، فتكون بموقفها التاريخي هذا قد أعلنت عن موتها رسميا وخروجها منهزمة ومذلة ومنبطحة من مسار التاريخ، أو أن تتصدى لمؤامرة "سايس بيكو الثانية" هذه، لتثبت للمجتمع العالمي بأنها بعدها حية ترزق وبأن مصيرها بن يديها وبأن قراراتها جاهزة للخروج بها من حيز الشجب والتنديد إلى مستوى الرد الملائم والتطبيق الفعلي لها. وبأنها في هذه الظروف التاريخية الحاسمة مستعدة للتضحية مهما بلغ ثمنها، بالغالي والنفيس من أجل حضارتها وعزتها وكرامتها.
فؤاد اليزيد السني-بروكسيل- بلجيكا
بعض المراجع لمن يريد المزيد من المعلومات:
http://www.independent.co.uk/news/world/americas/steve-bannon-apocalypse : Steve Banon pense qu'une troisième guerre mondiale apocalyptique approche, affirme l'historien
Le stratège en chef de Donald Trump a parlé à plusieurs reprises de la croyance que la société mondiale se
met en guerre tous les 80 à 100 ans
In the Face of Evil: Reagan's War in Word and Deed (en) (2004)54
Cochise County USA: Cries from the Border (2005)
Border War: The Battle Over Illegal Immigration (2006)
The Chaos Experiment (en) (2009)
Generation Zero (2010)55
Battle for America (2010)56
La Stratégie du choc : la montée d'un capitalisme du désastre (titre original : The Shock Doctrine: The Rise of Disaster Capitalism) est un essai socio-politique altermondialiste publié en 2007 par la journaliste canadienne Naomi Klein.
11 septembre 2001, La fin de « La fin de l'histoire », avec Naomi Klein, Jean Bricmont et Anne Morelli, Aden, 2001 (ISBN 2960027329)
La Loi du plus fort : mise au pas des Etats voyous, avec Ramsey Clark, Edward W. Said, Le Serpent à plumes, 2002, (ISBN 2842613473)
Le Pouvoir mis à nu, Ecosociété, 2002, (ISBN 2921561611)
Le Bouclier Américain et la déclaration des droits de l'Homme, Serpent à Plumes, 2002, (ISBN 2842613511)
Le Profit avant l'homme, Fayard, 2003, (ISBN 2213615691)
Pirates et empereurs : le terrorisme international dans le monde actuel, Fayard, 2003, (ISBN 2213616434)
Sur le contrôle de nos vies, Allia, 2003, (ISBN 2844851320))
De la guerre comme politique étrangère des Etats-Unis, Agone, 2004, (ISBN 2748900375)
Dominer le monde ou sauver la planète ?, Fayard, 2004. Réédition en 10-18, coll. « Fait et cause », 2005, (ISBN 226404229X)
Israël, Palestine, Etats-Unis : Le triangle fatidique, Ecosociété, 2006, (ISBN 2923165195)
Perspective politique, Le mot et le reste, coll. « Attitudes », 2007, (ISBN 978-2-9153-7839-9)
Les Etats manqués, Fayard, 2007
La Poudrière du Moyen-Orient, avec Gilbert Achcar, Fayard, 2007
La Peur des barbares : au-delà du choc des civilisations, Paris, Robert Laffont, 2008
La Signature humaine : essais 1983-2008, Paris, Le Seuil, 2009
L'Expérience totalitaire : la signature humaine, Paris, Le Seuil, 2010
Georges Jeanclos, Galerie Capazza et Biro & Cohen éditeurs, 2011
Goya à l'ombre des Lumières, Paris, Flammarion, 2011
Les Ennemis intimes de la démocratie, Paris, Robert Laffont – Versilio, 2012
La Poudrière du Moyen-Orient, avec Gilbert Achcar, Fayard, 2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.