هذه المرة لا بوشكين ولا فرناندو بيسوا باريس عتبةُ قلبٍ حين يحب وحين يتعثر في كبرياء قصيدة. كنتُ أحسبُ أنني أحيا بين مدينتين في جنوب المتوسط بين الزيتون والنخيل بين الكرم والليمون المدينتان قريتان متداخلتان الأولى عاصمةٌ بثلاث مقاهٍ وفنجانين الثانية بنٌ بلا سكر، ونافذة إلى قلب أمي. المدينتان القريتان اللتان بينهما 40 كيلومتراً بينهما – أيضاً- خمسة حروف ضائعة ولأنهما مدينتان فقد تعرتا من سعف النخيل واكتست الشرفات بالحديد. تلك المرة لا بوشكين ولا فرناندو بيسوا إنهم شعراء باريس حين كنّا نتأهبُ لقصيدتين من الشمال مثلجتان بالكؤوس والأنوار. لا هذه مدينتي، ولا تلك قصيدتي رامبو ينتشل قدمه مالارميه ينشر غموضه وأنا ممزق بين طبيبين ألمانيين بيزو يقطع بيرس يحقن كأنهما نيتشه حين ينثر وحين يشعر. ولأنني بينهما بلا قرار أشعر بضآلة ألمانيا ولأنني بينهما على صفحة نهر أشعر بضآلة قهوتي ولأنني ابن مدينتين بشارعين بلا رصيف لا أحب الكتابة في باريس. سأكتب – هنا- في أرض محايدة ليست جنوب المتوسط وليست باريس. كنتُ وأنا أتأهب لخلع قبعتي أشهدُ على سقوط قصيدتين من نثر الجنوب وهموم وتجبر فراشتين ملونتين. لذا أسجل فقدي لثلاث فناجين وكلمة مستعارة وأداة جزم وبضعة أحلام أخرى. ولأنني محملٌ بالثورة أشتاقك باريس مملكة السعادة في الحداثة اسم الكومونة سقوط الكنيسة والوظيفة المركب السكران البحيرة موت الذئب المقبرة البحرية تآمر كوبيه يصرخ فرلين. أريدُ لقصيدتي شرف الانضمام للمركب لكنها رفضتْ – كعادة- الصحراويين حلمها معجزة صغيرة.. باريس أمي التي تبسط لي مائدة المعنى التقطُ من ثغرها بسمة المجاز وحركة الشّاعر. ولأنها ليست أمي لم أكتب قصيدتي بعدْ فقط أطوف بين السنابل والمنال ولا أنال الصحراء تعصف بي والغابات تطردني.