الحلقة (3) سبق في المقال الأخير أن قدمنا مقدمتين لمدخلين. المدخل الأول في التعليم الأولي والثاني في التعليم العالي. وكلا المدخلين سيعملان كما الكماشة من أجل حصر مجال التربية على التعاون. في هذا المقال سنرجع إلى المقال الأول الذي تكلمنا فيه عم المنهج المغربي التقليدي في التعاون. وسنعود إلى مبدأ ‘التويزا' هذا المبدأ الذي نراه في رأينا أول محطة يجب أن نقف عندها لنفهم مفهوم التعاون بعيدا عن التعاون اليوتيوبي للمعامل التعاونية الأولى أو للمدن اليوتيوبية الأولى التي أسست لمفهوم التعاون الغربي. في المفهوم المغربي ‘التويزا' لها معنى واقعي أكثر من المفاهيم الغربية. هذا المفهوم الذي يمكن أن نعتبره مؤسسا لتعاون ومغربي تقليدي على غرار ‘دارت' التي يمكن أن تعتبر من مؤسسات القروض الصغرى في المفهوم المغربي. ففي رأيي قد سبق المغاربة العالم في مفاهيم الاقتصاد الاجتماعي إلا أنها لم يؤسس لها بشكل علمي. نحن هنا نريد أن نشير إلى مفاهيم يمكن أن نؤسس من خلالها لتعاون على الطريقة المغربية المحضة. في إطار إدماج اللهجة المغربية في المناهج الدراسية يجب أن ندخل بعض المعاني العميقة كالتويزة و تاكاديرت من أجل أن يفهم الأجيال الناشئة بعض المفاهيم التعاونية المغربية، بدل إدخال مفهوم ‘البغريرة' و ‘البطبوطة' يمكن أن ندخل بعض المفاهيم ذات الطابع التشاركي و التعاوني على شكل قصص و عبر على شاكلة المكتبة الخضراء أو قصص الأبراشي التي أنشأت أجيال بطابع شرقي أو غربي محض. لنا حكايات وقصص مغربية أو يمكننا صياغة بعض الحكايات التي يمكن أن تربي نشأ على الطبوع المغربية المحضة. ولنا من القصاصين من يمكنهم حبك مثل هذه القصص إلا أننا نعتمد في مقرراتنا على نصوص ذات صبغة شرقية أو غربية تزيد نشأنا غربة عن تاريخهم وتربيتهم الوطنية. نحن في حاجة الآن أكثر من أي وقت لنصوص تربوية تحيي في أطفالنا ثقافتهم المغربية الأمازيغية، دون أن نخجل من تعابيرنا المحضة التي تعبر عن ثقافة التشارك وإن كانت قد تحولت مع مرور الزمن إلى رموز سلبية، كمفهوم ‘تويزا'. بالإضافة إلى هذا يجب على المربيين أن يلموا بتاريخ المغرب وثقافته حتى يتمكنوا من الاشتراك في مشروع بهذه الضخامة. نعم يجب علينا أن نراجع تاريخنا في سياقه الجغرافي من أجل فهم الشخصية المغربية وتجديد إنتاج نخبة مغربية ذات طابع تقليدي، وإن كان التقليد في نظر البعض رجعية. فالرجعية هي أن يبقى النشأ حائرا بين الشرق والغرب مهملا لتاريخ أجداده الحافل بمظاهر التعاون. فنيا نحن الآن بين الشرق والغرب و نسينا أهازيج من أمثال ‘خربوشة' الأغنية الوطنية التقليدية، أو ‘العيوط' المغربية التي تتغنى بالفلاحة مثل ‘جنان'، كلها فنون يمكنا أن تعيد في نفسية الطفل المغربي حنينا للماضي الذي لا يكتمل إلا حول ‘براد' شاي مغربي حلو في زمن نذرت فيه حلاوة السكر. *باحث متخصص في الاقتصاد الاجتماعي