يبدو أن عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، قد أدمن على التهريج حتى وهو سبعيني في خريف العمر، مستحقا بذلك لقب أكبر و"أحمض" مهرج بالمغرب في نظر جل المواطنين. ففي خرجته الهوجاء الأخيرة، ظهر رئيس الحكومة الأسبق، الذي لم يستسغ بعدُ عقاب المغاربة له ولحزبه في انتخابات 2021 أشد عقاب، وهو يوزع التهم والبهتان والافتراء والأكاذيب (بالعربية وحتى الفرنسية التي كان يعاديها) على الناس دون وجه حقٍ غيرَ مُستحٍ من شيبته. بنكيران الذي مازال يتلقى تقاعدا سمينا يتجاوز 7 ملايين سنتيم، اتهم خلفه عزيز أخنوش بسرقة مال الأرامل. وهو يعلم أكثر من غيره أن كلامه مجرد بهتان، فبالأرقام، تركت حكومة العدالة والتنمية 76 ألف أرملة يستفدن من برنامج "دعم الأرامل"، واليوم هناك 400.259 امرأة أرملة، موزعات بين 83.340 امرأة أرملة حاضنة للأطفال و316.919 امرأة أرملة ليس لديها أطفال، كلهن يستفدن من الدعم الاجتماعي المباشر. بل إن حكومة أخنوش، وبنكيران يعلم ذلك أكثر من غيره، قررت رفع دعم الأرامل من 350 درهم شهريا إلى 400 درهم شهريا عن كل طفل في سنة 2026 بعدما كان 350 درهم في 2024 ثم 350 درهم في 2025، وبالنسبة للأرملة التي لديها أطفال في وضعية إعاقة تتلقى دعما إضافيا، والأرملة التي ليس لديها أطفال لم تكن تستفيد من أي دعم في عهد بنكيران، واليوم تستفيد من دعم لا يقل عن 500 درهم شهريا. بنكيران الذي يحاول عبثا أن يبيع مواطني العاصمة الوهم في حملة الانتخابات البرلمانية الجزئية، يعلم أكثر من غيره أن الناس فقدوا فيه وفي حزبه الثقة، وأنه سيغادر بدوره سفينة الحزب بداية العام المقبل وهو يغرق ويتشظى، لذلك فكل أكاذيبه لن تشفع لحزب "اللامبا" في الحصول على مقعد يمني به النفس في دائرة المحيط أو "الموت" عن العاصمة التي لفظتهم إلى غير رجعة. فربما نسي بنكيران بحكم الشيخوخة، تبجحه بعدم مبالاته بالتصويت العقابي من المغاربة، بسبب ما جره عليهم من ويلات إبان ترأسه للحكومة؟ أليس هو من رفع الدعم عن أسعار المحروقات بدعوى إصلاح صندوق المقاصة؟ أليس هو من بدأ الاقتطاع من أجور الموظفين المضربين؟ أليس هو صاحب مخطط رفع سن التقاعد إلى 65 سنة؟ أليست حكومة بنكيران التي وصلت إلى الحكم على ظهر حركة 20 فبراير، وما سمي بثورات الربيع العربي لسنة 2011، هي من تسبب في اندلاع أكبر احتجاجات في تاريخ المغرب المعاصر في عدة قطاعات ذات حساسية اجتماعية، كالقضاة والمحامين وحتى تلاميذ المدارس وأرباب المخابز؟ لقد أساء بنكيران بخرجاته الخارجة عن السياق إلى العمل السياسي، وأعطى النموذج في إفساد السياسة ببلادنا، وداس على القانون بتوزيعه اتهامات باطلة تدخل تحت طائلة السب والقذف والتشهير التي تعاقب عليها القوانين، وضرب مدونة الأخلاقيات في العمق.