قال الحسن الداكي، رئيس النيابة العامة، إن المحاكم المغربية تعج بطلبات الإذن بزواج القاصر، فقد تلقت سنة 2019 ما يعادل 27623 طلباً للإذن بزواج القاصر، ما يجعل الظاهرة مقلقة. وجاء ذلك، خلال كلمته اليوم الاثنين، بمناسبة الورشة التنسيقية بين رئاسة النيابة العامة ووزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، بمراكش، وذلك لتدارس أنجع السبل لنجاح خطة العمل من أجل الوقاية من زواج القاصر للحد من الهدر المدرسي وذلك عن طريق السعي بشكل مشترك لتفعيل إلزامية التعليم الأساسي. وأوضح المسؤول القضائي، أنه "إذا كنا كقضاة غير مسؤولين عن الأرقام المهولة من الطلبات الرامية إلى تزويج القاصرات لارتباط ذلك بمجموعة من العوامل السوسيو ثقافية والاقتصادية والتنموية وغيرها، فإننا بالمقابل مسؤولون عن عدد الأذونات الممنوحة". الداكي، أضاف خلال كلمته "وهو الأمر الذي يسائلنا جميعا، ويدعونا لعدم إفراغ الاستثناء التشريعي من محتواه والحرص الدائم على توخي المصلحة الفضلى للطفل، كما أن الوضع يسائل كافة المتدخلين لحماية الأطفال لتكثيف الجهد للحد من الظاهرة". وتابع المتحدث ذاته أنه "رئاسة النيابة العامة منذ تأسيسها كانت تسعى دائما إلى مواكبة انشغالات المجتمع من خلال طرح القضايا التي تستأثر باهتمامه للنقاش ومقاربة أية ظاهرة اجتماعية، يشتبه في انتهاكها لحقوق الإنسان عامة ولحقوق الطفل خاصة، مقاربة تقوم على أسس علمية من أجل فهم دقيق وصحيح". واسترسل بالقول: أن " رئاسة النيابة العامة جعلت زواج القاصر في صلب اهتمامها منذ شروعها في ممارسة مهامها بعد استقلال السلطة القضائية وعبرت عن ذلك، من خلال دوريتين الأولى تحت عدد 20 وتاريخ 29/03/2018 والثانية عدد 2 /س /ر ن ع/ د وتاريخ 21 يناير 2020 تحث من خلالهما قضاة النيابة العامة على تفعيل الصلاحيات المخولة لهم قانونا للحفاظ على حقوق الطفل ومصالحه الفضلى، وعدم التردد في التماس الرفض كلما اقتضت مصلحة القاصر ذلك ورسمت لهم بالتالي، خارطة طريق للنهوض بدورهم الحمائي للطفل بهذا الخصوص". وفي نفس السياق، يقول الداكي "يندرج مشروع رئاسة النيابة العامة والذي أشرف على نهايته والمتعلق بإنجاز دراسة تشخيصية حول موضوع زواج القاصر، هذه الدراسة التي تهدف إلى الوقوف على الحجم الحقيقي للظاهرة، فالأرقام الرسمية المعلنة ليست دائما حقيقية ولا تعكس الواقع، فهناك حالات لزواج القاصر لا تظهر للعيان ولا تدخل في الأرقام الرسمية كزواج الفاتحة وزواج الكونترا وغيرها. مما استدعى تخصيص جانب من الدراسة لبحث ميداني للوقوف على الانعكاسات السلبية لهذه الزيجات وكذا مصير الحالات التي منحت الإذن بالزواج". وأضاف أن "إعداد رئاسة النيابة العامة لهذه الدراسة ينبع من حرصها على تقديم معطيات علمية حقيقية ودقيقة حول زواج القاصر ليتسنى لها تقديم تصور شامل حول الظاهرة واقتراح حلول واقعية لها". كما أن رئاسة النيابة العامة، يضيف المسؤول القضائي "تؤمن دائما بعدم جدوى العمل الفردي والمقاربة الأحادية الجانب، وموضوع زواج القاصر هو ظاهرة اجتماعية يتداخل فيها القانوني بالاجتماعي بالاقتصادي بالديني بالثقافي…، وبالتالي فالمقاربة القانونية أو القضائية وحدها لن تكون مجدية بل إنها ليست الأساسية مقارنة بباقي فضاءات التدخل كالمدرسة والصحة والإعلام والمجتمع المدني وغيرها من الفضاءات المعنية بقضايا الطفل في بلادنا، لذا كان لزاما علينا الاشتغال معا واشراك جميع المتدخلين في هذا النقاش الهام".