تستعد وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، بشراكة مع مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية، لتنظيم النسخة الأولى من المنتدى الوطني للمدرس خلال يومي 26 و27 شتنبر الجاري، بالرباط، بمشاركة حوالي 3000 أستاذة وأستاذ من جميع أنحاء المغرب، وذلك من أجل تسليط الضوء على الدور المحوري للأساتذة في تحول المدرسة العمومية المغربية. واختارت وزارة بنموسى الفنان الكوميدي المغربي حسن الفد لتقديم مداخلة في افتتاح "المنتدى الوطني للمدرس"، على أن يتم تعويضه بمبلغ 20 مليون سنتيم مقابل عرض لا تتجاوز مدته 20 دقيقة، أي مليون سنتيم للدقيقة، ، حسب ما كشف عنه فاعلون تربويون. وتواصلت جريدة "العمق" مع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي ومؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية المشرفان على تنظيم المنتدى للاستفسار عن سبب اختيار الفنان الكوميدي حسن الفد للمشاركة في منتدى يناقش إشكاليات التعليم في المغرب ولمعرفة طبيعة مداخلته وتعويضه المالي، فكان رد الثانية بأن الوزارة هي الجهة المخول لها الإجابة عن هذه الأسئلة، فيما رد مسؤول في وزارة بنموسى بأنه لا يملك أي معلومات سوى أن حسن الفد سيقدم مداخلة مساء يوم الافتتاح. ووُجهت لهذا المنتدى الذي سيكلف حوالي نصف مليار سنتيم انتقادات كبيرة، وذلك بسبب تنظيمه في وقت لم تتمكن فيه العديد من المؤسسات من استقبال المتعلمين في ظروف ملائمة، وفي وقت لا تزال فيه العديد من ملفات من ستستقبلهم الوزارة في منتداها عصية على الحل. ويقول متتبعون إن تنظيم حدث بهذا الحجم وفي هذا التوقيت هو "هدر للوقت وللمال العام الذي يبدو أن وزارة التربية الوطنية لجأت إلى أموال الأساتذة لتسويق صورة "غير حقيقية" عن التعليم بالمغرب من خلال تنظيم هذا المنتدى بشراكة مع مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين"، وفق تعابيرهم. وأضاف العديد من الأساتذة أن الوزارة أعدت لهذا المنتدى "بعيدا عن الأساتذة المعنيين به ولم تتم استشارتهم في أي شيء، باستثناء المكالمات الهاتفية التي تلقاها بعضهم من طرف مسؤولين بالمديريات الإقليمية لتسجيل أسمائهم في لوائح المشاركين، عكس ما أشار إليه بلاغ المنتدى الذي قال إن إعداد برنامج المنتدى تم وفق مقاربة تشاركية مع الأساتذة، وذلك استجابة للتحديات والتحولات التي تشهدها هذه المهنة النبيلة". ويتضمن البرنامج العلمي لهذا المنتدى، أكثر من 150 مداخلة ونشاطا حول أربعة محاور رئيسية، وهي التكوين في مهنة التدريس، والتفتح في العمل، وتبني ممارسات فعالة في القسم، وكيف نفهم تلاميذنا. "هدر المال العام" وتعليقا على الموضوع، قال الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم، عبدالله غميمط، إن مبادرة الوزارة يكشف أن تدبير القطاع يتم بعيدا عن الحكامة والمنطق ومراعاة المصالح الحيوية للقطاع. وأشار إلى توصله بدعوة لحضور هذا المنتدى لتأثيث المشهد في الوقت الذي ستخصص الوزارة وقتا لتدخل شخصيات لا علاقة لها بقطاع التعليم، على حد قوله. وأوضح غميمط في تصريح لجريدة "العمق"، أن الوزارة من خلال محاور اللقاء التي تتحدث كلها عن الأستاذ، تتهم بشكل غير مباشر رجال ونساء التعليم بالوقوف وراء أزمة المدرسة المغربية، في حين أن هناك أطرافا أخرى هي المسؤولة على هذا الوضع الذي وصلت إليه المدرسة العمومية. وعبر الفاعل النقابي ذاته عن تحفظه على المبالغ التي تم تخصيصها لهذا المنتدى، في الوقت الذي يتخبط القطاع في مشاكل كبيرة، وقال إن الوزارة مسؤولة عن هدر المال العام في "منتدى للكلام ولن يصلح المنظومة". وأضاف أن "هذه الأموال يبدو أنها من مؤسسة محمد السادس التي يمولها المنخرطون ويتم صرفها في مجالات لا علاقة لها بالقطاع الاجتماعي". "علاقات مشبوهة" وفي سياق متصل، أشار غميمط إلى توصل نقابته بشكايات من العديد من رجال ونساء التعليم وموظفين بالمديريات الإقليمية ورؤساء مصالح حول إقصائهم من المشاركة في هذا المنتدى. وقال إن "لوائح المنتدى أعدت بالهاتف وبالزبونية والعلاقات المشبوهة"، موضحا أنه "فوجئ بحجز الفنادق وتذاكر الطائرات للعديد من المشاركين حتى قبل وصول المذكرة المنظمة". وتابع غميمط: "القطاع ليس بحاجة لهذا النوع من المنتديات، خصوصا أن منتديات كثيرة سبقت هذا الذي ستنظمه وزارة بنموسى دون أن تقدما شيئا ولم تشكل إضافة لهذا القطاع" حسب قوله. وكشف أن المكتب الوطني لنقابته سيعقد اجتماعا، مساء اليوم الاثنين، للحسم في قرار المشاركة من عدمها، دون أن يستبعد مقاطعة المنتدى الذي يأتي لتلميع سياسة المسؤولين على القطاع، وفق تعبيره. من جانبه، قال الكاتب العام الوطني للنقابة الوطنية للتعليم CDT، يونس فيراشين، إن عدم إدراج مداخلة للنقابات في المنتدى مسألة غير عادية، باعتباره منتدى المدرس والنقابات هي الممثل الشرعي للمدرسين. وفي بلاغ بشأن المنتدى، قالت الوزارة إنها تسعى إلى أن يصبح موعدا سنويا من أجل توسيع مشاركة الأستاذات والأساتذة وتعزيز دينامية التحول النوعي للمدرسة العمومية، وذلك بانخراط فعال لنساء ورجال التعليم.