ما الذي قد يجمع ما بين المشروع الذي أطلقه قيس السعيد في تونس و ما يقوم به العسكر الجزائري في الجزائر!؟ ما الذي قد يتقاسمانه في ظل الوضع الحالي الذي تعيشه الانتخابات الرئاسية في كلا البلدين، وكأننا نشهد نسخة طبق الأصل مما يجري في الجزائر، داخل تونس و كأن أمام نفس المشهد بكل تراجيدياته يتكرر في كلا البلدين، نفس القمع و نفس الحصار على الأصوات المعارضة ونفس الاعتقالات للنشطاء، ونفس الحصار المفروض على المرشحين الذين قرروا في كلا البلدين العدول عن منافسة انتخابية ليست فقط شكلية أو نتيجتها محسومة، بل في استحقاق لا يحمل من الإسم غير الإنتخابات. في ظل المشاهد القادمة من تونس و الجزائر و هي مشاهد كلها تقول أن نفس العقلية التي سيطرت على الجزائر منذ عهد بومدين الى الآن، عقلية التحكم و القمع وإطلاق يد العسكر و البوليس السياسي هي نفسها يتم إعادة إنتاجها بتونس، تونس التي انطلقت منها شرارة الانتفاضات التي شهدتها مختلف البلدان العربية و التي انتهى غالبيتها بخريف مدمر لهذه البلدان. هي نفسها التي كان يسعى الشعب التونسي لاستنشاق نسيم الربيع، تعمل اليوم إلى الإرتماء في تجربة جزائرية بئيسة، لم تُنتج غير القمع و تحكم العسكر و الجيش في مفاصل الدولة الجزائرية، تجربة ما كان لأكثر المتشائمين من المتابعين للشأن التونسي أن يتوقعوا تكرارها في تونس و أن يتوقعوا إعادة انتاج هذه التجربة التي لم تنته فقط بالفشل بل ببناء دول ضعيفة، منهكة إقليميا و معزولة عن محيطها، فهل هذا ما يريدونه لتونس؟! قد يبدوا المقال فيه بعض "القسوة" على قراءة التجربة التونسية في نسختها الحالية، لكن من يتابع الانتخابات التونسية التي تزامنت مع الانتخابات الجزائرية في تزامن يبدو أنه مدروس من قبل العقلية التي تريد التحكم في تونس و دفعها للإستبداد، فسيكتشف كيف أن في تونس قاطع الانتخابات جل الأصوات المعارضة، و حتى من اختار المشاركة انتهى به المطاف معتقلا و محاكما في محاكمات صورية، و حتى من تم إنصافه قضائيا وجد نفسه بمجرد أن تنفس الحرية يعود للسجن من جديد...هي مشاهد لم نكن نشاهدها إلا لدى العسكر الجزائري و هاهي اليوم يُعاد إنتاجها في تونس التي كان يُفترض أن تكون خضراء.