لازال موضوع غلاء أسعار خدمات السياحة الداخلية بالمملكة، يثير الكثير من الاستياء وجدل، خاصة بعدما سبق أن كشفت المجموعة الموضوعاتية المكلفة بتقييم السياسات العمومية في المجال السياحي، أن غلاء تلك الخدمات يدفع أزيد من مليون سائح مغربي للهرب نحو الخارج. وشهدت مختلف الوجهات السياحية بالمملكة، خاصة مدن الشمال، خلال موسم الصيف الحالي، ارتفاعًا ملحوظا في أسعار الخدمات، خاصة المرتبطة بالإيواء والأكل والنقل، وهو ما أثار استياءً واسعًا بين المغاربة الذين اختاروا قضاء عطلهم الصيفية بمناطق المملكة. وفي هذا الصدد، وجه فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، طلبا إلى رئيس لجنة القطاعات الإنتاجية بمجلس النواب، من أجل عقد اجتماع للجنة في أقرب الآجال، بحضور وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، لمناقشة "كيفيات تعامل الحكومة مع الغلاء الفاحش لأسعار الإقامة والخدمات السياحية خلال العطلة الصيفية". إقرأ أيضا: السياحة الداخلية.. الغلاء يلهب جيوب المصطافين وخبير: الأسعار الحالية غير مبررة وقال رئيس فريق "الكتاب"، رشيد حموني، في طلبه الذي تتوفر "العمق" على نسخة منه، إنه بعد الانتعاش الذي عرفته السياحة الداخلية إثر جائحة كوفيد 19، شهدت كما هو الحال خلال صيف 2024 أغلب المناطق السياحية ببلادنا، ولا سيما الشاطئية منها، إقبالاً كبيراً، من طرف معظم فئات المجتمع المغربي، وأساساً الطبقة الوسطى. وأوضح أنه إذا كانت بعضُ المؤسسات والوكالات السياحية تحترم القانون وتتقيد بمعايير حسن التعامل مع الزبناء، إلا أن ما سجله أغلب المواطنات والمواطنون، عموماً، وتناقلته عدة منابر إعلامية وطنية، هو فوضى أسعار "السكن السياحي" بجميع أنواعه، وفوضى أسعار الخدمات السياحية. وأشار البرلماني الاشتراكي إلى الارتفاع المهول لأسعار المواد الاستهلاكية جميعها بأماكن السياحة التي تعرف إقبالاً استثنائيا، بما يفوق القدرات الشرائية للأسر المعنية، وبما يخرق القانون بشكلٍ بشع وجشع. إقرأ أيضا: ما حقيقة الركود السياحي بسواحل الشمال هذا الصيف بسبب غلاء الخدمات؟ وأبرز أن سوق كراء "السكن للسياحة" عرفت فوضى عارمة في التنظيم وفي الأسعار، وتعرضت عددٌ من الأسر إلى النصب والاحتيال في مواقع للأنترنيت، في غيابٍ للمراقبة والضبط اللازمين، كمسؤولية ثابتة للحكومة. في نفس الوقت، يضيف حموني، لوحظ، بشكلٍ ملفت، إقبالٌ عارم على مناطق سياحية بعينها ببلادنا، مما خلق أجواء الازدحام المتنافية مع غايات العطلة. وتابع بالقول: "طبعاً الوجهة السياحية تدخل في صميم حرية المواطن واختياره، لكن في نفس الوقت يطرح الموضوع إشكالية "الترويج السياحي" الذي هو كذلك مسؤولية الحكومة، والقطاع الوصي على السياحة تحديداً، حيث تظل عدة مناطق سياحية بمؤهلات عالية غائبة عن ذهن الأسر المعنية، بسبب ضُعف التسويق الذي يتعين أن تكون له استراتيجيات ووسائل واضحة وناجعة". إقرأ أيضا: تقرير برلماني: غلاء الخدمات يدفع أزيد من مليون سائح مغربي للهرب نحو الخارج وشدد المصدر ذاته على أن هذه القضايا وغيرها، من حيث جودة الخدمات السياحية وكُلفتها، ومن حيث الترويج، ومن حيث ضبط الأسعار في إطار التنافس الشريف والمشروع، يلزمها حضور الحكومة إلى البرلمان، من أجل تقديم التوضيحات والتفسيرات والتصورات الضرورية بخصوصها، في إطار مهام رقابة مجلس النواب الموقر على عمل الحكومة، حتى لا تتكرر مستقبلاً نفس الممارسات، وحتى لا يُترك المواطن وحيداً في مواجهة الغلاء والاستغلال خلال العطل، وخاصة خلال العطلات الصيفية. في نفس السياق، وجه نفس النائب البرلماني، سؤالا في الموضوع إلى الوزيرة الوصية، مطالبا إياها بكشف الإجراءت التي تعتزم وزارتها اتخاذها من أجل وضع حد لتلك الممارسات التي تؤثر سلبا على السياحة الداخلية بالمملكة. وكان تقرير المجموعة الموضوعاتية المكلفة بتقييم السياسات العمومية في المجال السياحي، قد وقف على غلاء أسعار الخدمات السياحية، حيث تعرف أسعار المؤسسات السياحية ارتفاعا مهولا، خاصة خلال فصل الصيف مقارنة مع وجهات سياحية عالمية مماثلة للمغرب. إقرأ أيضا: "حقوق المستهلك" تستنكر ارتفاع أسعار السياحة الداخلية وتطالب بخلق "مؤسسة مستقلة" واعتبر التقرير أن ذلك يؤثر على التنافسية واستقطاب السياح الذين يفضلون وجهات أخرى أقل تكلفة وبخدمات أكثر جودة، بما فيهم المغاربة الذين يختارون قضاء عطلهم في إسبانيا أو البرتغال أو تركيا، وعددهم في ارتفاع متزايد سنة بعد أخرى، وصل لأكثر من مليون سائح مغربي سنة 2023. وأوضح التقرير أنه بسبب قلة المراقبة أو انعدامها، فضلا عن عدم إشهار الأسعار والتباين الصارخ بين مؤسسة فندقية وأخرى مماثلة في التصنيف، يشكل غلاء الأسعار السياحية سواء المتعلقة بالإيواء أو بالتغذية عائقا حقيقيا أمام الأسر من الطبقة المتوسطة، ويحد من إمكانية استفادتها من فرصة قضاء عطلتها بسبب عدم قدرتها على تحمل تكاليف السفر وغلاء أسعار الخدمات السياحية، كما يحد ارتفاع الأسعار من تنافسية القطاع على المستوى الخارجي.