حذر عدد من المستشارين البرلمانيين من تبعات الأزمة التي تضرب عددا من القطاعات الفلاحية على الموسم الفلاحي المقبل، منبهي إلى أنه سيكون "موسما كارثيا" على جميع الأصعدة. وفي هذا الصدد، نبه كمال بن خالد عن فريق التجمع الوطني للأحرار، في جلسة الأسئلة الشفوية الأسبوعية بمجلس المستشارين بحضور وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، إلى ندرة المواد الفلاحية من قبيل النقص الحاد في قطاع الزيتون، حيث يعيش هذا الأخير، على حد قولهم، على وقع مجموعة من الإشكاليات أبرزها ندرة المنتوج والمضاربة والتلاعب بالأثمنة، حيث وصل ثمن الزيتون من مصدره ل15 درهما للكيلوغرام الواحد، ما يندر بوصول سعر زيت الزيتون لحوالي 150 درهم. وشدد المستشار البرلماني على أن هذه الأزمة تهدد القطاع بإغلاق وحدات صناعية وتشريد العمال، كما ستنتقل، وفق تعبيره، إلى قطاعات فلاحية أخرى، مؤكدا أن أزيد من 65 وحدة صناعية لإنتاج الزيتون مهددة بالإفلاس. من جهته، نبه يوسف العلوي، رئيس فريق اتحاد مقاولات المغرب، إلى بعض الاختلالات التي تعرفها أسواق الجملة، من قبيل "ممارسات غير قانونية وغير أخلاقية" فضلا عن عرض أوزان أقل من قيمتها الحقيقية والإعلان عن أثمنة منتجات أقل من قيمتها لتجنب الضرائب. ودعا العلوي لمراجعة الإطار القانوني الذي ينظم جميع حلقات السلسلة مع إعادة النظر في البنى التحتية لأسواق الجملة والأسواق الأسبوعية، ومحاربة الخسائر والتلف التي تقدر بما يتارواح من 20 إلى في المائة من الخضر والفواكه، مع إنشاء نظام معلوماتي لهذا المجال. من جهته، تطرق عبد الله مكاوي، عن الفريق الحركي، لما تعرفه السوق الوطنية من غلاء في أسعار اللحوم الحمراء، معتبرا أن من بين أسباب هذا الأمر هو عدم حصول الكسابة الصغار على الدعم مقابل منحه للفلاحين الكبار. وحذر مكاوي من أن هذه الأسعار ستعرف ارتفاعا جديدا خلال الفترة المقبلة في ظل الجفاف الذي يعرفه المغرب في السنوات الأخيرة فضلا عن الإشكاليات التي تشهدها، على حد قوله، هيكلة المجال، فضلا عن ندرة رؤوس الأبقار خاصة الموجهة للذبح وهو ما ينعكس، وفق تعبيره، على الأثمنة. وقال بهذا الخصوص: "رغم لجوئنا للاستيراد إلا أن هذه الإشكاليات لم تحل، حيث تم التلاعب في الجمارك بعدد الأبقار التي تم استيرادها، كما أن العدد الحقيقي للرؤوس التي دخلت المغرب غير كافية وهو ما أثر على أسعارها خلال عيد الأضحى". تدخل حكومي أكد وزير الفلاحة، محمد صديقي، أنه "بفعل الاختلالات المناخية وتوالي سنوات الجفاف، والتي أدت إلى تدهور حالة المراعي وتقلص الموفورات العلفية، من جهة، وارتفاع كلفة الإنتاج، من جهة أخرى، شهدت سلاسل اللحوم الحمراء تأثرا كبيرا انعكس على الإنتاج بفعل تراجع المردودية وعدد رؤوس القطيع في الآونة الأخيرة". ولمواجهة هذا الوضع، اتخذت الحكومة، حسب صديقي، "عدة تدابير لأجل استقرار تموين السوق الوطنية من قبيل دعم أعلاف الإنتاج الحيواني باستمرار؛ وفتح الاستيراد وتحفيزه عبر تعليق رسوم الاستيراد المطبقة على الأبقار المخصصة للذبح والتسمين والأغنام وفتح أسواق جديدة لاستيراد الأبقار (أمريكا الجنوبية)؛ وتبسيط المساطر وتوقيع عقد برنامج مع المهنيين بهدف تحسين الإنتاج وبلوغ 850 ألف طن من اللحوم الحمراء في أفق سنة 2030. وبخصوص النقص الحاد في البذور، أوضح المسؤول الحكومي أن انطلاق الموسم الفلاحي المقبل يتزامن مع ظروف خاصة، حيث يتميز الوضع الحالي بتفاقم بسبب تعاقب سنوات الجفاف خلال الخمس مواسم الفارطة وعجز مائي ملحوظ وانخفاض معدلات ملء السدود. وأمام التحديات المرتبطة بندرة المياه وارتفاع تكلفة عوامل الإنتاج، أكد صديقي أن الوزارة تقوم بإعداد سلسلة من التدابير والإجراءات، لا سيما فيما يخص توفير عوامل الإنتاج البذور، والأسمدة، حيث ستواصل الحكومة خلال الموسم الفلاحي المقبل، دعم بذور الحبوب المعتمدة لضمان استمرارية منظومة البذور المختارة وحماية مردودية كل الأطراف المتدخلة من مكثرين، وفلاحين، وشركات البذور). ومن جملة الإجراءات، حسب المتحدث ذاته، " دعم الدولة لأسعار بذور الحبوب الثلاث الرئيسية للقمح اللين والصلب والشعير وتعبئة حوالي 1,26 مليون قنطار من بذور الحبوب المعتمدة، منها 1,16 مليون قنطار الشركة سوناكوس و 100 ألف قنطار للشركات الخاصة، بأسعار بيع مدعمة بالثلث مع دعم بذور وشتائل الطماطم المستديرة والبصل وبذور البطاطس. كما أبرز صديقي أنه سيتم تنفيذ البرنامج المتوقع للزراعات الخريفية حسب الموفورات المائية والتساقطات بالمناطق البورية، كما ستتم مواصلة تشجيع الاستثمار في إطار تنزيل استراتيجية الجيل الأخضر، مع منح التحفيزات وإطلاق إعانات جديدة في إطار صندوق التنمية الفلاحية.