رفع وزير التجهيز والماء نزار بركة، الراية البيضاء أمام جرائم نهب مقالع الرمال بمختلف مناطق المملكة، تزامناً مع إفراج البرلمان عن تقرير مهمة استطلاعية يفضح الاستغلال غير المشروع لمقالع الرمال والغاسول بالمغرب، معتبرا أمام أعضاء لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بمجلس النواب، بوجود "صعوبات كبيرة" في الحد من المقالع العشوائية بسبب ضعف المراقبة الناجم عن قلة الموارد البشرية المخصصة لدعم مهام شرطة المقالع. وحسب معطيات تقرير المهمة الاستطلاعية المؤقتة حول مقالع الرمال والرخام، الذي يتوفر "العمق" على نسخة منه، فإن متوسط رقم المعاملات لكل مقلع يصل إلى 500 مليون درهم، وكان من المفروض أن يصل الوضع الراهن بالنسبة للمداخيل المالية إلى 900 مليون درهم، إلا أن أعلى مستوى تم الوصول إليه كان 130 مليون درهم سنة 2014 و71 مليون درهم سنة 2013. إضافة إلى ذلك، كشفت وزارة التجهيز والماء، وفق ما ورد في التقرير الذي أفرجت عنه لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بمجلس النواب، أنه تم خفض الرسم من 20 درهماً إلى 10 دراهم بالنسبة للرمال المكسرة، وخفض الرسم من 50 درهماً إلى 25 درهماً بالنسبة لأنواع الرمال الأخرى، مسجلة أن "هناك إشكالاً حقيقياً بالنسبة لمداخيل الرسوم على مستخرجات المقالع". ورغم إشارة الوزير أمام ممثلي الأمة إلى أن قانون المقالع الجديد الذي دخل حيز التطبيق سنة 2017 أقر حزمة من التدابير الرامية إلى مواجهة المقالع العشوائية، إلا أنه أكد أن هذا الموضوع صعب، وهناك إشكالية في تكثيف المراقبة والحد من الاختلالات التي تضيع الملايير على خزينة الدولة، مشيراً إلى أنه عندما كان وزيراً للاقتصاد والمالية، كانت توقعات مداخيل الرسوم المتأتية من استغلال المقالع تقدر ب900 مليون درهم سنوياً، بينما لم تكن مجموعة المداخيل الحقيقية التي تجنيها الدولة من هذه المقالع التي تلامس 3000 مقلع عبر التراب الوطني، إلا 45 مليون درهم. وسجل المسؤول الحكومي أن "الإشكال لا زال مطروحاً"، رغم تغيير القانون واعتماد شروط جديدة في استغلال المقالع منها الانتقال من منطق الترخيص إلى منطق التصريح، مشدداً في المقابل على ضرورة تغيير المقاربة المعتمدة في تتبع الأداء من أجل تطويق الظاهرة مع العمل على تشجيع فتح المقالع بصورة قانونية بغاية محاربة المقالع العشوائية. وتشكل المقالع في المغرب، حسب معطيات تضمنها تقرير المهمة الاستطلاعية المؤقتة حول مقالع الرمال والرخام، نسبة 1 بالمئة من الناتج الداخلي الخام، وعدد المقالع النشيطة هو 1700 مقلع، وهي تشغل حوالي 140 ألف مستخدم، بينما يصل عدد مستخدمي كل مقلع إلى حوالي 20 مستخدماً، غير أن هناك صعوبة في معرفة عدد المستخدمين المسجلين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وتعاني الوزارة المكلفة بالمراقبة من نقص في الموارد البشرية والآليات التشغيلية، حيث بلغ عدد أعوان شرطة المقالع 60 حالياً، في أفق تعيين 300 عون موزعين على 266 على المستوى الإقليمي (4 في كل مديرية إقليمية)، و24 على المستوى الجهوي (2 في كل مديرية جهوية)، و10 على المستوى المركزي، مع قصور في القدرات اللوجستية، ونقص في نجاعة أساليب التدخل، وتداخل أدوار ومهام المؤسسات المتدخلة. وأكد وزير التجهيز أن المراقبة "لن تجدي نفعاً، وأنها ليست أمراً سهلاً"، وكشف عن افتتاح 300 مقلع جديد بمختلف الجهات والمناطق بالمغرب سنوياً، مشدداً على أن "تطويق ظاهرة المقالع العشوائية لن يتم إلا بالالتزام بتطبيق القانون والامتثال الصارم له"، منبها إلى قلة عدد عناصر شرطة المقالع وعدم التفاعل الإيجابي من المشتغلين في الميدان، مشيراً إلى أن "هؤلاء العاملين في القطاع يخربون الآليات التي تضعها الوزارة لقياس الكميات المستخرجة، كما يتم رفض عمليات القياس". وأعلن المسؤول الحكومي عن استعداد وزارة التجهيز والماء للكشف عن لائحة المقالع ونوعية الاستغلال وأين توجد ومن أصحابها، وذلك بشكل سنوي، بهدف ضمان تحقيق الشفافية لتتبع تطور المقالع، مضيفاً "طورنا داخلياً في الوزارة نظاماً معلوماتياً لتتبع المقالع مكننا من قاعدة بيانات مهمة حولها، واليوم من الضروري أن يكون هناك تبادل للمعلومات بين مختلف القطاعات والمتدخلين، خاصة في ظل الإمكانيات التي تتيحها تقنيات الذكاء الاصطناعي والأقمار الصناعية لمراقبة المقالع". وتوعد بركة أمام أعضاء لجنة البنيات الأساسية بمجلس النواب بالتطبيق الصارم للعقوبات الزجرية لمواجهة "تفريخ" المقالع غير القانونية، مشيراً إلى قيام مصالح الوزارة المختصة بزيارات مفاجئة لعدد من المقالع، نجم عنها تسجيل مخالفات في الاستغلال، مسجلاً أن "عدد المقالع العشوائية انتقل من 221 مقلعاً سنة 2021 إلى 39 مقلعاً بنسبة انخفاض بلغت 170 بالمئة".