أدانت محكمة الاستئناف بورزازات يوم الخميس المنصرم إمام مسجد بسنة واحدة حبسا نافذا في واقعة نزاع بين سكان دوار "تاغورا" الذين يعترضون على حفر سكان دوار "أيت لحسين" لبئر للماء الصالح للشرب مخافة التأثير على الفرشة المائية حسب زعمهم. ويُتابع المتهم في حالة اعتقال من أجل جناية الضرب والجرح المفضي إلى الموت دون نية إحداثه، وبعد المداولات قررت المحكمة الحكم بمؤاخدة المتهم من أجل جنحة الضرب والجرح باستعمال السلاح ضد امرأة بسبب جنسها طبقا للفصلين 400 و404 من القانون الجنائي بعد اعادة تكييف جناية الضرب والجرح المفضي الى الموت دون نية احداثه والحكم عليه بسنة واحدة حبسا نافذا وغرامة مالية نافذة قدرها ألف درهم وفي الدعوى المدنية بأدائه لفائدة المطالبتين بالحق المدني تعويضا مدنيا قدره خمسة آلاف درهم. والتمس محامي المتهم من المحكمة استبعاد تصريحات بعض النساء الشاهدات بسبب مشاركتهن في رشق المتهم بالحجارة، مضيفا أن إمام المسجد منح فدانه للجمعية المكلفة بتسيير مشروع الماء الصالح للشرب من أجل حفر البئر، إلا أنه تفاجأ بهجوم حشد من النساء عليه ورشقه بالحجارة، وتقدمت اثنتان إليه وشرعتا في استفزازه وتهديده بالاعتداء عليه بمنجل وحاول صدها بيده حماية لنفسه. والتمس محامي الدفاع من المحكمة الأخذ بشهادة أحد العمال الذي أدلى بإفادته ولا ينتمي لأي من الطرفين المتنازعين، حيث أكد في إفادته أن النساء اللواتي أدلين بشهادتهن شاركن في رشق المتهم بالحجارة، إضافة إلى شاهد آخر شوهد فوق تلة مرتفعة يرشق بدوره، وتساءل المحامي كيف يمكن أن تتواجه النساء وضمنهن الضحية الهالك مع المتهم وتتم إصابتها من الخلف على مستوى الظهر. ومن جهة أخرى، أفادت إحدى الشاهدات القادمة من خارج المنطقة، أنها حضرت حفلة عقيقة أقامها ابن الضحية الهالكة بعد واقعة الشجار، وشاهدت الشاهدة الضحية في صحة جيدة تشرف على وجبة العشاء وإعداد الشاي وفي الصباح بعد تناول وجبة الفطور تلقى الجميع خبر وفاتها بعد يومين من واقعة الشجار. ونفى دفاع المتهم وجود علاقة سببية بين واقعة الشجار ووفاة الضحية، وأكد أن نية المتهم لم تنصرم إلى الضرب والاعتداء رغم تعرضه للهجوم من طرف العشرات من النساء، كما اعتبر أن تواجده في المكان مشروع لتسليم فدانه للجمعية وهو عمل إحساني نبيل. وأثار المحامي انتباه المحكمة، إلى إخفاء الكثير من الحقائق والوقائع التي من شأنها الوصول إلى الحقيقة في هذا النزاع ،وأدلى بشريط فيديو مصور يظهر فيه بعض الشهود يرشقون بالحجارة ويشاركون في الهجوم. وأشار أن المتهم هو الضحية الذي كان عليه تقديم شكاية بشأن الاعتداء الذي تعرض له من طرف المصرحات ومتابعتهن من أجل عرقلة الأشغال، غير أنه في الليل عقد الطرفين الصلح بإشراف السلطات المحلية وبعد يومين تفاجأ بوقائع أخرى وبوفاة إحدى السناء والتحقيق معه واعتقاله للاشتباه في مسؤوليته في الحادث. كما أكدت محامية دفاع المتهم في مرافعتها أن المتهم بريء مما نُسب إليه لعدة اعتبارات، أولها ما ورد في تقرير التشريح الجنائي الذي يؤكد أن وفاة الهالكة كان بسبب مضاعفة إصابتها بمرض القلب، وهو مرض مزمن، وتبلغ من العمر 65سنة. كما أشار التقرير الجنائي إلى وجود وخز صغير اعتبرت محامية الدفاع دليلا يتناقض مع بعض تصريحات الشهود الذين تحدثوا عن إصابة بسبب رشقها بحجرة كبيرة، وخلصت المحامية في مرافعتها إلى أن الشكاية في حق موكلها كيدية لتحقيق مآرب أخرى والانتقام من المتهم الذي منح الفدان للجمعية لحفر البئر حيث اعتبره الخصوم يشكل خطرا على الفرشة المائية. ومن جهة أخرى، التمس محامي الطرف المدني إدانة المتهم من أجل المنسوب إليه استنادا إلى تصريحات الشهود وكذلك تقرير التشريح الطبي. وخلال إفادته أمام المحكمة، صرح المتهم أنه تعرض لهجوم شرس من طرف عشرات النساء أثناء تواجده في فدانه، ونفى أن يكون قد صدر منه أي فعل للضرب أو الاعتداء على الضحيتين، رغم أنهما تقدمتا نحوه وهددته إحداهما بضربه بالمنجل. وجوابا عن سؤال الوكيل العام للملك عن كيفية دفاعه عن نفسه، أجاب أنه صد بواسطة يديه إحدى النساء، ونفى معرفته بهما. وعرفت جلسة المحاكمة حضورا مكثفا للعديد من أئمة المساجد في المنطقة وطلبة حفظة القرآن وعموم السكان تضامنا ومؤازرة للإمام في محاكمته، وخيمت أجواء الحزن والصمت على وجوههم وأسفهم على ما وصفوه ب"الشكاية الكيدية" وبإقحام إمام مسجد معروف بورعه وتقواه ومكانته الاعتبارية والاجتماعية في نزاع قبلي حول حفر بئر للماء الصالح للشرب. واعتبروا قرار الإدانة قاسيا ويأملون في إنصافه خلال مرحلة الاستئناف.