أصدرت السلطات المحلية بآسا قرارا كتابيا بمنع عقد مؤتمر لقبائل آيتوسى، كان مزمعا تنظيمه في آسا يوم غد الأحد بمناسبة ذكرى زيارة الملك الراحل الحسن الثاني للمدينة وإعلانه تسمية إقليم آسا الزاك، وهو المؤتمر الذي يروم توحيد الجهود ضد "تفويت أراضي القبيلة وتمليكها إلى غير ذوي الحقوق" بذريعة "الاستثمار"، واتخذ له شعار "أراضي الصحراويين خط أحمر". وأكدت بيان منسوب إلى "قبائل آيتوسى لجان الأرض – تنسيقية الأطر للاستشارة القانونية والتتبع والمواكبة"، أن المؤتمر المذكور يأتي "إحياءً لذكرى زيارة صاحب الجلالة المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه لزيارته التاريخية لمدينة آسا وإعلانه إقليم آسا عمالة إعترافا بإخلاص ووفاء قبيلة ايتوسى للوطن وتعلّقها بأهداب العرش العلوي المجيد"، على حد تعبير البيان الذي تتوفر جريدة "العمق" على نسخة منه. كما يهدف المؤتمر الذي اختير له ذكرى 19 ماي، إلى "توحيد مواقف القبائل الصحراوية في ملف الأرض" و"البحث عن سبل تنظيم وتوحيد الترافع القبلي الصحراوي في ملف الأرض تحت شعار موحد: أرض الصحراويين خط أحمر"، كما ورد في البيان الصادر بتاريخ 21 أبريل 2024 عقب اجتماع بكلميم ل"لجان الأرض لقبائل آيتوسى". رفض للمؤتمر بالمقابل، اتهمت "فعاليات مدنية"، في بيان مشترك لا يحمل أي تاريخ، الداعين إلى عقد المؤتمر ب"موالاة البوليساريو" ب"كسب أموال مشبوهة من الخارج"، وحمل البيان 190 توقيعا، 69 منها يخص تعاونيات فلاحية تنشط بإقليم أسا الزاك،و 27 منها عبارة عن جمعيات رياضية، و10 جمعيات للطفولة والتخييم، و11 جمعية متخصصة في السياحة والمناخ، إضافة إلى جمعيات آباء وأولياء التلاميذ وجمعيات محو الأمية، كما حمل البيان توقيعات أشخاص ذاتيين وشركتين خاصتين. البيان، الذي لم يخل من لغة عدوانية، كال الاتهامات بالجملة لمنظمي مؤتمر قبائل آسا، اعتبر أنه "يتقاطع مع نوايا أدوات بوليساريو الداخل"، واعتبر أن الموقعين "يملكون الأدلة الكافية عن التنسيق مع المخابرات الجزائرية وليس البوليساريو فقط"، وأعتبر أن من بين أدلته "استخدام مصطلح أرض الصحراويين بعد ورودها في رسالة زعيم الانفصاليين إبراهيم الغالي بتاريخ 19 فبراير 2024". وتابع أن الأدلة "جهرت بالتنسيق بعدما أوكلت قراءة بلاغها لأحد صحفيي البوليساريو، كما جهرت بذلك عندما أعلنت في دعوتها إلى مؤتمر بأسنا، ولنا أن نتساءل لماذا أسا بالضبط وليس أي مدينة أخرى مادام الأمر يتعلق بمؤتمر لكل قبائل الصحراء"، مسترسلا "أليس في الأمر محاولة أخرى لاستحضار شروط ثلاثية الغضب يضم كل قبائل الصحراء من محاميد الغزلان إلى الكركرات – الغير مأهولة سكانيا – في إشارة مبطنة لموقف الجزائر والبوليساريو من بسط السيادة المغربية الكاملة على عذا المعبر الحدودي". الجمعيات الموقعة على بيان برغم عدم إظهارها لعلاقتها بقبائل آيتوسى الصحراوية، عبرت عن "استنكارها الشديد للدعوة إلى عقد مؤتمر/تجمع لغير القاطنين بإقليم أسا-الزاك لتنفيذ مخطط جزائري يستهدف الأمن والاستقرار بعموم أقاليمنا الجنوبية"، على حد قولها. منع كتابي إلى ذلك، قررت السلطات بآسا منع المؤتمر وأصدرت كل من باشوية آسا وقيادة توزكي قراري منع تجمع عمومي بالشارع العام، وتتوفر جريدة "العمق" على نسخة من كل منهما. وجاء في القرارين المصاغين بنفس العبارات والموقعان بتاريخ 16 ماي 2024، أن "التجمع العمومي المزمع تنظيمه بالفضاء العام غير مصرح به، طبقا لمقتضيات المادة 3′′ من مقتضيات الظهير الشريف رقم 1.58.377 الصادر في 15 نونبر 1958 بشأن التجمعات العمومية. وبرر القراران منع التجمع العمومي المذكور ب"ما يترتب عنه من إخلال بالأمن والنظام العامين مع تحميل الداعين إليه كامل المسؤولية القانونية في حال عدم الامتثال لمقتضيات القرار". وتناقل ناشطون على موقع "فيسبوك" فيديوهات لتحرك القوات العمومية في قيادة تويزكي، أمس الجمعة، استعدادا لمنع المؤتمر، معبرين عن أسفهم ل"الاستنفار الأمني غير المسبوق". وتفاعل البرلماني السابق الحسين حريش، والذي يعتبر أحد الداعين إلى تنظيم المؤتمر والمدافعين عنه، مع قرار المنع بقوله في تدوينة على فيسبوك "نمتثل للقانون ونعتبر أن جزءا كبيرا من غايات المؤتمر تحققت، ونعدكم ببيان مفصل في الموضوع، في انتظار ذلك نجدد التأكيد على امتثالنا للقانون وإصرارنا بنفس القدر على مواصلة دفاعنا عن أرضنا وعرضنا". بدوره قال محمد حيدرة، أحد الداعمين للمؤتمر، في تدوينة على حسابه على فيسبوك "مؤتمر أيتوسى المخلد لذكرى زيارة جلالة الملك المغفور له الملك الحسن الثاني رحمه الله لآسا نجح قبل انعقاده رغم قرار المنع من السلطات". أصل الحكاية وفي الوقت الذي افتتح كل من قرار باشا آسا وقائد قيادة توزكي بعبارة "تبعا للبلاغات والدعوات النداءات التي نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، والصادرة عن مجموعات غير مصرح بها لدى السلطات طبقا للقوانين الجاري بها العمل، تدعى بتنسيقية الأطر ولجان الأرض بشأن تجمع عمومي يوم 19 ماي..."، سبق للبرلماني سابقا الحسين حريش أن قال في بث مباشر يوم 9 ماي الجاري أن منظمي المؤتمر سلكوا جميع الإجراءات القانونية اللازمة. وأفاد حريش أن المنظمين وضعوا الإشعار لدى السلطات بل وتقدموا بطلب رسمي من أجل أن ينال المؤتمر الرعاية السامية للملك محمد السادس، مشددا على أن "النضال ضد تفويت أراضي القبيلة لا يتعارض مع القناعات الراسخة لأبناء آيتوسى بمغربية الصحراء وتمسكهم بالوحدة الترابية". وبدأت قضية "أراضي الصحراويين خط أحمر" بتحرك أبناء قبائل آيتوسى ضد تفويت أراضيهم للقطريين، وسبق لهم الاحتجاج شهر شتنبر 2018 وعقد اجتماع مع عامل إقليم أسا الزاك، حيث تم إمهاله 30 يوما "من أجل الوفاء وعوده وتنفيذ الاتفاق الذي خلص إليه الاجتماع للحد من ترامي المحميات القطرية على الأراضي الرعوية، والمضايقات التي بات يتعرض له قطيعهم". ووجهت حينها اتهامات لبعض المنتخبين ب"تسهيل تمليك الأراضي للقطريين في وقت كان الأولى المحافظة على مصالح المواطنين". وتفجر الحراك وأخذ منحى تصاعديا بعد اكتشاف "تورط بعض المسؤولين في تحفيظ أراضي القبيلة دون استشارة أبنائها أو اخذ موافقتهم ودون أداء أي تعويض لفائدتهم جراء هذا التحفيظ أو التفويت"، كما ورد في مقال تحليلي للباحث في القانون العام سالم الساهل. وخلص الحراك إلى الدعوة لتوحيد الجهود ضد تفويت الأراضي إلى غير ذوي الحقوق، وفكانت انطلاقة شعار "أرض الصحراويين خط أحمر"، وتقرر خلال الاجتماعات التي تلته تنظيم مؤتمر في توزكي على ضفاف وادي درعة في ذكرى زيارة الملك الراحل الحسن الثاني لآسا وإعلانه من هناك تأسيس إقليم جديد أطلق عليه اسم "آسا الزاك".