التشريع ليس مجرد إنتاج نصوص ملزمة تحدد انماط التصرف و السلوك لفترة معينة من الزمن ، و انما قيمة التشريع تتحدد في جودة النصوص القانونية ، وقدرتها على التفاعل الايجابي مع الواقع فهما و تدبيرا . في زمن العولمة المجتمع المغربي يتغير بسرعة ، و النتيجة جحم الاختلالات التي تعرفها الاسرة المغربية مخيفة نتيجة الارقام الغير المسبوقةفي حالات الطلاق ،العزوف عن الزواج ،العنف داخل الاسرة وخارجها ، تراخي القيم الاجتماعية ، ضعف الروابط الأسرية ، ضعف مؤسسة الاسرة و انتعاش زواج القاصرات و زواج الكونطرا ، كلها عوامل فرضت تجاوز مدونة 2004 وبناء مدونة جديدة تقدم حلولا للازمة الاسرة المغربية . النقاش الدائر اليوم هو نقاش متشنج بين تيارين ايديولوجيين لا يقدم قراءات واقعية و منسجمة مع الواقع ، بقدر ما يتم اعادة انتاج حروب ومواجهات قديمة ، كان اخرها مسيرتي الرباط والبيضاء حول مشروع الخطة الوطنية للمراة. و لأن المرأة تشكل دائما رهانا سياسيا و ايديولوجيا مما يجعلها أداة للصراع من اجل الامتلاك و السيطرة د فالسيارة على المرأة يعني السيطرة على المجتمع. عمق التوثر القائم بين تيارين متصارعين ايديولوجيا هو صراع ايديولوجي بادوات دينية و فكرية ، المرجعية الدينية في مواجهة المرجعية الحداثية بمقهومها الغربي . وهو صراع تاريخي يتغذى بالسجال الموسوم بخطابات العنف والاقصاء في الكثير من الأحيان . تفاعلا مع النقاش العمومي المتشنج والحاد حول مدونة الاسرة ، استحضر القصة التي اوردتها السياسي المصري مصطفى الفقي حول مشكلة كبيرة تسبب فيها جهل بعض الجنود الملحقين بالسفارة المصرية بالهند ، حين وجدوا بقرة قرب السفارة و قاموا باستدراجها ببعض العشب ، وبقايا الخضر حتى دخلت إلى فضاء السفارة و قرروا ذبحها ! السفير أحس بالرعب لاسيما لو علم الهنود ان مقدسهم قد ذبح ! أعلنت حالة الطوارئ بالسفارة المصرية و تم التدخل في أخر لحظة لمنع ذبح البقرة المقدسة . المسؤول المصري في إتصال مع السفير بالهند و بحسب تصريح الفقي أنه وجه تحذيرات شديدة اللهجة فحواه : اذا ذبحت البقرة ، فان كل أفراد السفارة و العاملين بها سيتم ذبحهم ! القصة قد تبدو بسيطة ، لكنها تمنحنا أرضية للتفكير في موضوع تديير مقدسات اي مجتمع ، و أن الاعتداء على مقدسات اي بلد يقود الى عنف وفوضى لا يمكن توقعها . مدونة الاسرة ينبغي أن تكون قادرة على قراءة الواقع ، مما يتيح إيجاد حلول فعالة للاختلالات التي تعرفها الاسرة المغربية ، لاسيما على مستوى البناء و الوظيفة و العلاقات و الحقوق و الواجبات، مع مراعاة خصوصية المجتمع المغربي ومقدساته. المجتمع المغربي مجتمع متدين ، لذا فصياغة المدونة ينبغي أن تحضى بالكثير من اليقظة و الحذر حتى لا يكون المساس بالمقدسات طريقا للعنف والفوضى