تعد الدبلوماسية أحد مقومات العمل الدولي ، إذ عبر قنواتها يتم التداول بين الدول حول سلة من القضايا الاستراتيجية البين دولية والتي على أساسها يتم التعاون بهدف خلق فرص للخير والنماء والازدهار لجميع الاجيال. ونحن نتحدث عن العلاقات الديبلوماسية يستحضرنا مفهوم خاص عنوانه الشراكة بحيث نجد أن مداخل التعاون الدولي تبدأ منها وتنتهي إليها ، غير أن منسوبها يتأرجح بين دالتي الربح والخسارة على أساس مقياس واحد عنوانه الثقة ، هذه الاخيرة التي تعتبر حلقة مفقودة خاصة في اطار النظام العالمي الجديد وبالتالي فكلما وجدت وجب الحرص على عدم التفريط فيها عبر تنميتها والمحافظة على مبادئها الراسخة والمتمثلة بالأساس في إقران القول بالفعل . ونحن نتحدث عن الشراكة الدولية بين الدول وفي ظل التقلبات الجذرية التي يعرفها المعمور ومع فقدان هذه الاخيرة لبوصلتها على المستوى الاقليمي ، القاري والدولي ، يستحضرني نموذج متفرد لعمق الشراكة ووضوحها بين نموذجين دوليين يحملان اقصى دلالات الجوار ، عمقه ، أصالته ومعاصرته ، انها الشراكة المغربية الاسبانية ، التي تتطور يوما بعد يوما لترتقي الى نموذج الشراكة الاستثنائية التي تقعد لبناء بنية جيوسياسية نموذجية عنوانها الاحترام والشراكة على أساس رابح رابح. بيدرو سانشيز رئيس حكومتين متتاليتين عنوانهما ضمان استمرارية العلاقة مع المملكة المغربية وتطوير ديناميتها من خلال خلق فرص متعددة للاستثمار والتعاون المتعدد الابعاد في اطار من الوحدة الجغرافية والاستفادة من الفرص التي تتمتع بها الدولتان، اتفاق الصدق والموثوقية هو منظار ومقياس هذه الشراكة الثنائية التي تتطلع الى بناء غد مشرق سواء عبر اللجنة العليا المشتركة المغربية الاسبانية التي كرست لمعطى الربح والخير المشترك أو عبر منصة دبلوماسية المؤسسات والزيارات المتبادلة بين البلدين في اتساق تام لمبادئ اتفاق انقشاع سحابة الصيف التي بينت على تاريخية وعمق العلاقات بين البلدين. بيدرو شانسيث يعبر من خلال زيارته للمغرب عن رغبة اسبانيا جارنا الصديق والحليف الاستراتيجي في الدفع قدما بمسارات التنمية في ظل اللحمة الجيوسياسية وعلى أساس قويم عنوانه الشراكة المبنية على النتائج ، وفي هذا الاطار ، فالمملكة المغربية وكعادتها مع الشركاء لا يمكن أن تخلف الوعد ، فهي دائما تنخرط في بناء مستقبل الاجيال ، وفي احترام تام للعلاقات التاريخية والبنيوية مع المملكة الايبيرية ، نموذج يثبث وبطريقة فعلية على أن الجوار يجب أن يكون نعمة على شركائه وهذا هو حال المملكة مع الجوار الذي يعتبره المغرب شريك الحاضر والمستقبل ، وضع كرس وبعد اعتماد البلدين لميثاق التعاون بينهما لتوقيع المغرب وإسبانيا سنة 2023 على 19 اتفاقية للتعاون بين البلدين في مجالات مختلفة منها الهجرة والضمان الاجتماعي والماء والنقل، والبيئة والسكان والطاقة والتنمية المستدامة والزراعة والرياضة والتربية والتعليم والتكوين المهني والمقاولات الصغرى والمجال العلمي والثقافي والتشغيل والصحة والسياحة، وذلك على هامش الدورة الثانية عشرة للاجتماع رفيع المستوى بين البلدين بحضور اسباني قوي ترأسه بيدرو شانسيث . لذلك، وتكريسا لمنطق الحوار المفضي الى التعاون المشترك ومن ثمة الربح الثنائي فإن زيارة رئيس الوزراء الاسباني ليوم غد لتعبر عن رغبة البلدين في تجديد طاقة وحيوية التعاون البنيوي على أساس اللقاء المباشر والتناظر بين الطرفين ضمانا لشد عضد العلاقة وتمنيعها.