رأيت ما لا يعجبني، وإن كان فيه ما يعجب.. عند ترديد النشيد الوطني لصبيحة الإثنين.. رأيت تلميذات المؤسسة متحمسات بترديد النشيد، وسمعت صوتهن يملأ فضاء المؤسسة... أما التلاميذ فصوتهم ضائع هناك أو لا صوت لهم.. فجلهم تقريبا صامت يقف وكأنه يقف على شوك، ينظر بسخط، وكأنه ليس نفس النشيد الوطني الذي يتم ترديده عندما يلعب المنتخب الوطني، وكأن هناك وطنا نكرهه ومنتخبا وطنيا نحبه، وقد رأيت الكثير منهم يهتف النشيد في المقهى بحماس فما الذي تغير والأوطان تبنى بالمدرسة وليس بالكرة... ؟ صحيح أن عدد الإناث أكثر من عدد الذكور اليوم وفي كل الأقسام أكثر من النصف إناث.. لكن هذا ليس ما يزعجني في الأمر، فلا دخل لأحد في اختيار مولوده، بل إن رغبة الآباء والأمهات اليوم في الأنثى أكبر، لكن الشيء الذي استفزني هو لماذا هذا الفتور المقرف في كثير من تلاميذنا الذكور؟ المكلفة أنثى، أغلب الجادين في العمل إناث، في الأنشطة مجمل من يشارك إناث، وكثيرا ما نبحث عن تلميذ ليمثل دور رجل فلا نجد فنضطر إلى صناعة شارب لأنثى ونلبسها جلبابا لتؤدي دور ذكر في مسرحية... أمام مكتب الحارس العام صف من الذكور الذين يبحثون عن ورقة السماح بالدخول، لا تسألهم عن التمارين ولا عن المقرر فأكثرهم لن يسمعك، إن قلت له يا ولدي هذا السروال لا يليق بك، قال لك وأنت هل ستدرسني أم تدرس السروال..! الآباء اليوم يراقبون الفتاة ويلبون كثيرا من رغباتها، ويحرصون على أن تدخل في الوقت وتخرج في الوقت، والأم تحرص أن تعلمها فنون الطبخ وفنون الحياة، وتخاف على شرفها كي لا يلعب بها ذئب، والبنت تبادلهم نفس الحب والكلام الجميل والعناق... "واللي ما ولدشي بنات ما يشبعشي من الحنية".. لكن الولد رجل لا خوف عليه في التمثل الاجتماعي فهو رجل لا يعيبه إلا جيبه، وكأنه لا شرف له ليضيعه، ولا طموح له ليحققه، وليس معنيا بالأخلاق والجد والمثابرة.. ما دام المجتمع لا يحاسب إلا الأنثى فليكبر عابثا لاعبا فباااقي غايدير عقلو... قد تختلفون معي كثيرا أو قليلا وقد أبدو مبالغا في الأمر.. لكن هذا خاطري وعبرت عنهم مرتجلا هكذا.. فقد انتابني خوف على مستقبل الأسر والوطن والأمة، وشعرت أن هذا الوطن سيمشي في المستقبل أعرج لأنه سيمشي برجل واحدة، كما كان أعرج في الأمس القريب عندما أهملت المرأة وبقيت أمية لأن التعليم للذكر فقط والأنثى رأيها أعوج، وينبغي أن تظل في بيت أبيها تنتظر زوجا ينقلها إلى بيته... نحتاج أن يقوم هذا الوطن على قدمين صلبتين علما وعملا، في تكامل أدوار بلا صراع ولا صدام ولا عقد.. وأرى أن قدما في حاجة إلى ساعات إضافية داخل الأسرة والمدرسة والنوادي الثقافية والرياضية والإعلام، وحصصا مكثفة من الترويض الطبي لتعود إليها الحياة لتمشي جنبا إلى جنب مع القدم الأنثى.. وإلا... وإلا سننقرض.