حبيبتي ها أنا ألتقيك بعد كل هذا الغياب، لقد كنا لسنوات نلتقي بعيدا عن أعين الناس إلا العشاق منهم، وهل يكشف العاشق موعد لقاء محبوبته إلا للعشاق ! كان ذاك الركنُ محرابَنا نتعانق فيه بخشوع، وأحيانا تنفلت منا دمعة حب دون أن يراها أحدنا في ظلمة الركن، ومع ذلك أظنك سمعت يوما شهقة هاربة أو زفرة راحة. لأمر أو لأمور ما هجرتك لن أسردها لك فأنا أعلم أنه لا مسوغ لخيانة حبيب، ولا أتصورك تقتنعين بما أراه قاهرا شجعني على الخيانة، وقد رأيتِ ورأى الكثيرون بشاعة خيانتي وأنا أعانق غيرك نهارا جهارا بجرأة حد الوقاحة. لكن ما لا تعلمين أن الخيانة نتيجة حتمية لانهيارات تصيب الحب بعد زلزال شديد لا تتوقف هزاته الارتدادية.. وما لا تعلمين أن بعد كل خيانة يشعر الخائن بمغص، يشعر بألم ضعفه، يغرس فيه الندم سكاكينه، يتعمد أن يترك أشلاءه منثورة على التراب وبعضها يختفي إلى حين أو إلى الأبد.. ولأنك لم تجربي الخيانة يا حبيبتي فلن تفهمي أنها انهيار تام وفشل شامل، والخائن ليس سعيد أبدا ولا فرحا ولا بطلا إنه خائن وكفى. حتى في غيابك أقصد غيابي أظل أحبك حبا تعجز أعمالي عن ترجمته، أتجرع ذكرى الوصال وحسرة البعد وورم الغيرة... وعندما شعرت بوخزات الحنين إليك أتيتك بكل حضني فذبنا في بعض، شعرت حينها أنني بك أكون، وأنت الوحيدة التي تستطيعين أن تضمدي الكثير من جراحي وخيباتي، والكثير من أحزاني وإخفاقاتي.. كان لقاؤك راحة وطمأنينة وبشرى "بشر المشائين في الظلم".