لم تفلح وزارة التربية الوطنية في كبح احتجاجات رجال ونساء التعليم بالرغم من الميزانية الضخمة التي خصصتها للنظام الأساسي الجديد لقطاع التربية الوطنية خلال الأربع سنوات المقبلة، والمقدرة بحوالي مبلغ 20 مليار درهم. وفي هذا السياق أعلنت تنسيقيات ونقابات تعليمية عن خطوات احتجاجية غير مسبوقة احتجاجا على النظام الأساسي الجديد الذي تقول إنه غير منصف وأن المبالغ المخصصة له لا أثر لها على الشغيلة. وقفات وتوقف عن العمل وتعرف مختلف المؤسسات التعليمية بالمملكة، ابتداء من اليوم الثلاثاء، شللا شبه تام في ظل انخراط كبير لرجال ونساء التعليم في إضراب وطني لمدة 3 أيام، في خطوة تصعيدية موحدة ضد وزارة بنموسى، بعدما دعت للإضراب مختلف الهيئات النقابية والتنسيقيات. وفي هذا السياق، دعا المجلس الوطني للتنسيقية الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي التأهيلي، إلى خوض اضراب وطني يومي الثلاثاء والأربعاء 24 و 25 أكتوبر 2023، وتجسيد وقفات احتجاجية بالمؤسسات وأمام الأكاديميات الجهوية يوم 25 أكتوبر 2023. وأعلن المجلس الوطني إصراره على مواصلة النضال والصمود من خلال تنظيم الوقفات الاحتجاجية الصباحية والمسائية خلال باقي أيام الأسبوع بصيغة ساعتين مجتمعتين: الساعة الثانية والساعة الثالثة. كما دعا المنضوين تحت لوائه إلى مواصلة عملية الانسحاب من مجالس المؤسسة وجمعيات دعم مدرسة النجاح والجمعيات الرياضية ومن جميع أنشطة الحياة المدرسية ومجموعات الواتساب الادارية، وكذا مقاطعة التكوينات والندوات واللقاءات التربوية. وقال عضو المجلس الوطني للتنسيقية، عبدالسلام شطري، إن هذه الصيغ الجديدة التي تم الإعلان عنها جاءت لإثارة انتباه المسؤولين على الشأن التعليمي، وردا على سياسة التسويف والتماطل التي تنهجها وزارة التربية الوطنية، وفق تعبيره. وقال إنه عوض أن تلتقط الوزارة الدرس من خلال محطة 5 أكتوبر التي استجاب لها الأساتذة بشكل كبير والجلوس إلى طاولة الحوار مع المتضررين، سارعت إلى نهج سياسية الهروب إلى الامام وبادرت إلى نشر النظام الأساسي في الجريدة الرسمية ظانا منها أن ذلك سيطفئ لهيب الاحتجاج، وفق تعبيره. إظهار لأزمة القطاع وفي سياق متصل، أعلن التنسيق الوطني لقطاع التعليم، عن خوض إضراب عام وطني بالقطاع أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس 24 و25 و26 أكتوبر الجاري مصحوبا باعتصام في المؤسسات التعليمية يومي الثلاثاء والأربعاء 24 و25 أكتوبر 2023، ووقفات احتجاجية أمام المديريات الإقليمية الخميس 26 أكتوبر 2023. وقرر التنسيق المكون من نقابة الFNE و16 تنسيقية أخرى في القطاع الاستمرار في الوقفات الاحتجاجية خلال فترات الاستراحة طيلة أيام الأسبوع المتبقية، والانسحاب من المجالس التعليمية والأندية ومجموعات الواطساب الخاصة بالمؤسسات وحمل الشارات السوداء طيلة أيام العمل، فضلا عن حملات إعلامية وتعبوية بمقرات العمل من الاثنين 30 أكتوبر إلى السبت 4 نونبر 2023. ودعت الهيئات ضمن بيان مشترك إلى خوض إضراب عام وطني يومي الثلاثاء والأربعاء 7 و8 نونبر 2023 مصحوبا بمسيرة مركزية من البرلمان في اتجاه وزارة التربية الوطنية بالرباط يوم الثلاثاء 7 نونبر 2023 ابتداء من الساعة الحادية عشرة صباحا مع الاستمرار في التوقفات عن العمل خلال فترة الاستراحة طيلة باقي أيام الأسبوع. ودعا البيان أطر الدعم إلى مقاطعة العمل ب 38 ساعة والعمل فقط ب 24/21، ومقاطعة جميع التكليفات بالحراسة العامة وجميع المهام المضافة بالقرارات الوزارية والخارجة عن الاختصاص بالنسبة لأطر الدعم.كما دعا أساتذة التربية المدنية إلى مقاطعة البطولات المدرسية. وتأتي الخطوات التصعيدية التي أعلن عنها التنسيق الوطني لقطاع التعليم بعد اجتماع عقد يوم السبت الماضي بمقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالرباط والذي خصص "لمناقشة مستجدات الساحة التعليمية وما يعتري قطاع التعليم من غليان متصاعد، وكذا مجموعة من القضايا التنظيمية والنضالية". وقال البيان إن اللقاء استحضر ما سماها "الهجمة الشرسة غير المسبوقة" على نساء ورجال التعليم وتعرضهم لكل أشكال "الظلم والحيف والتمييز"، وكذا مواصلة الحكومة لبرامجها "التصفوية" ومنطقها "الضبطي التحكمي". وقال عبدالله غميمط، الكاتب العام الوطني للجامعة الوطنية للتعليم FNE وعضو لجنة التنسيق الوطني لقطاع التعليم إن الشغيلة التعليمية لجأت إلى تنويع صيغها النضالية بسبب إصرار وزارة التربية الوطنية على تمرير النظام الأساسي الجديد دون تحقيق مطالبها. وقال إن الصيغ المعلن عنها من طرف التنسيق الوطني وباقي العاملية بالقطاع تعبر عن الأزمة التي وصل إليها القطاع، مؤكدا على أن القطاع ليس بخير رغم محاولات الوزارة لتلميع المشهد، وفق تعبيره. ودعا غميمط في تصريح لجريدة "العمق" إلى تدارك الأمر وإعادة النظام الأساسي إلى طاولة الحوار . داعيا الحكومة والوزارة الى التحلي بالارادة السياسة الصادقة من أجل الاستجابة لملفات الشغيلة التعليمية بمختلف فئاتها، وخاصة الأستاذ الذي بدون الاهتمام به وبوضعيته لن يكون هناك نظام تربوي جيد ، وفق تعبيره. نقابات تعتصم أمام الوزارة وقرر التنسيق النقابي الرباعي المشارك في صياغة النظام الأساسي الجديد مقاطعة للاجتماع المزمع عقده مع وزير التربية الوطنية غدا الثلاثاء، مؤكدة على أنها ستعمل على تسطير برنامج نضالي تصعيدي ينطلق باعتصام إنذاري لأعضاء مجالسها الوطنية يوم الخميس 02 نونبر 2023 أمام مقر وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بالرباط. واعتبرت النقابات أن لجؤها إلى لغة التصعيد مرده إلى "اختيار وزارة التربية الوطنية الخروج عن المنهجية التشاركية والانفراد بإحالة مرسوم النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية على مجلس الحكومة للمصادقة عليه بتاريخ 27 شتنبر 2023 دون إتمام النقاش في كل مقتضياته ودون الأخذ بالمطالب الملحة والعادلة لعموم الأسرة التعليمية ولا بما ورد في اتفاق المبادئ العامة الواردة في محضر 14 يناير 2023". وعبرت النقابات المشار إليها عن إدانتها الشديدة ل "ما أقدمت عليه وزارة التربية الوطنية من خرق سافر للمنهجية التشاركية والانفراد بإخراج نظام أساسي معيب لا يستجيب لتطلعات وانتظارات نساء ورجال التعليم ولا يجيب عن المشاكل الفئوية المتراكمة"، معبرة عن استغرابها "من تصريحات وزير التربية الوطنية المستفزة، وتؤكد على أن الذاكرة التعليمية تحتفظ بالاتفاق المرحلي الذي وقعت عليه النقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية ووزير التربية الوطنية والذي يمكن الرجوع إليه للوقوف على الملفات والقضايا التي تمت مناقشتها مع الوزارة". وأكدت النقابات الأربع رفضها لمضامين النظام الأساسي الصادر بالجريدة الرسمية عدد د 7237 بتاريخ 9 أکتوبر 2023، معلنة دعمها المبدئي والميداني لكل نضالات الشغيلة التعليمية، داعية الحكومة إلى "الزيادة في الأجور والتعويضات بما يحمي القدرة الشرائية لكافة رجال ونساء التعليم والتعاطي بالجدية اللازمة مع المطالب المحقة والملحة لعموم الشغيلة التعليمية وبإعادة النظر في مقتضيات النظام الأساسي الجديد بما ينصف كل الفئات المتضررة ويرتقي بأوضاعها المادية و الاجتماعية ويعيد الاعتبار لها". وأكد الكاتب العام الوطني للنقابة الوطنية للتعليم، يونس فيراشين، في تصريح لجريدة العمق، على أن هذه الصيغ الجديدة في نضالات الشيغلة مبررة، بالنظر إلى ما سماه ب"تهرب" الوزارة من تحقيق مطالب الشغيلة التي ظلت تطالب بها منذ سنوات. وقال فيراشين إن الوزارة خرقت المنهجية التي تم الاتفاق حولها منذ بداية الاجتماعات وفضلت إخراج نظام أساسي من جانب واحد وهي الآن ترى نتائج هذه الخطوة. وأوضح المتحدث ضمن تصريحه أن هذه الخظوات التصعيدية هي رسالة ليس فقط للوزارة بل للحكومة وللدولة للعمل على إيجاد حل جدري للمطالب العادلة والمشروعة لرجال ونساء التعليم. آباء يدعون إلى التضحية دعت الفيدرالية الوطنية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ بالمغرب، مختلف الأطراف المعنية بموضوع التعليم إلى تقديم أقصى حد من التضحيات وجعل مصلحة الوطن والمصلحة الفضلى للتلميذ فوق كل اعتبار. والتمست الفيدرالية في بيان لها من الجميع مراعاة حقوق المتعلمين والمتعلمات من أجل ضمان الزمن الطبيعي والعادي للمتعلم. ودعت إلى اعتماد الحوار والتواصل البناء وإلى التفاعل بشكل إيجابي والحرص على تعويض الزمن المدرسي المهدور والتشبث بروح المسؤولية الوطنية والتربوية التعليمية تجاه أبنائنا وبناتنا بالمدرسة العمومية. وقالت الهيئة ذاتها إن الوضع الراهن والمرتبط باستمرار الإضرابات والتوقف الدراسي في صفوف تلميذات وتلاميذ المدرسة العمومية بسبب مطالب هيئة التدريس وترافعها عن تجويد مسار النظام الأساسي الجديد ( قالت ) إنه مقلق. وأضاف البيان أن الوضعية الراهنة مقلقة بسبب ما قد تنتجه من هدر للزمن المدرسي، وما يشكله ذلك من ضرب للمبدأ الدستوري القاضي بجعل التعليم الجيد حقا من حقوق المتعلم ويتعارض مع المادة 26 من القانون الإطار 51.17 التي نصت على ميثاق المتعلم بوصفه الوثيقة التعاقدية التي تفرض على كل الجهات المسؤولة ضمان حقوقه وعلى رأسها الاستفادة من زمن التعلم المقرر كاملا غير منقوص، وفق تعبير المصدر. وطالبت الفيدرالية بتدخل فوري ومستعجل لإنقاذ الموسم الدراسي الحالي، خصوصا أن المنظومة تعرف مشاريع ستمس بشكل مباشر جودة الخدمات المقدمة بالمدرسة المغربية، على حد تعبير البيان.