يبدو أن الهدوء النسبي الذي ساد قطاع التعليم منذ مجيء حكومة عزيز أخنوش أصبح في مهب الريح بعدما أعلنت النقابات التعليمية التصعيد ضد وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، وأعلنت عن سلسلة من الأشكال الاحتجاجية ضد النظام الأساسي الجديد، يرتقب أن تُشل الحركة في القطاع. وتأتي هذه التوترات بعدما أعلن التنسيق النقابي الرباعي في قطاع التعليم، الذي يضم الجامعة الوطنية للتعليم التابعة للاتحاد المغربي للشغل، والنقابة الوطنية للتعليم التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والجامعة الحرة للتعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والنقابة الوطنية للتعليم التابعة للفدرالية الديمقراطية للشغل، مقاطعة الاجتماع الذي كان سيجمع الهيئات النقابية الأربع بالوزير بنموسى، غدا الثلاثاء، مع اعتصام إنذاري لأعضاء المجالس الوطنية للنقابات يوم 2 نونبر المقبل أمام مقر وزارة التربية الوطنية بالرباط. وأدانت النقابات الأربع بنموسى، واتهمته ب"الخروج عن المنهجية التشاركية، والانفراد بإحالة مرسوم النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية على مجلس الحكومة للمصادقة عليه دون إتمام النقاش حول كل مقتضياته"، معتبرة ذلك "خرقا سافرا للمنهجية التشاركية". إضراب عام في المقابل، أعلن التنسيق الوطني لقطاع التعليم الذي يضم أزيد من 17 تنسيقية خوض إضراب عام وطني بالقطاع لمدة ثلاثة أيام، بدءا من غد الثلاثاء، "مصحوب باعتصام في المؤسسات التعليمية يومي الثلاثاء والأربعاء 24 و25 أكتوبر 2023، ووقفات احتجاجية أمام المديريات الإقليمية الخميس 26 أكتوبر 2023". وأكد التنسيق على الاستمرار في تنظيم الوقفات الاحتجاجية خلال "فترات الاستراحة طيلة أيام الأسبوع المتبقية، والانسحاب من المجالس التعليمية والأندية ومجموعات 'واتساب' الخاصة بالمؤسسات وحمل الشارات السوداء طيلة أيام العمل". وفي تعليقه على هذه التطورات قال محمد خفيفي، نائب الكاتب الوطني الجامعة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، إن "التوتر كبير في القطاع، حيث تدعم النقابات الحركات الاحتجاجية وتركت الحرية للمنخرطين في الانخراط في الحركية الاحتجاجية"، وذلك في إشارة إلى مساندتها الضمنية للإضراب الوطني الذي ينطلق غدا. وأضاف خفيفي في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: "نرفض النظام الأساسي وما جاء فيه، ونستنكر السرعة والطريقة التي لا ترقى إلى مستوى إشراك النقابات. والوزارة تعاملت باستهتار ولا مسؤولية معنا". وشدد المسؤول النقابي ذاته على أنه "آن الأوان لتصحيح الوضع في قطاع التعليم"، مردفا: "نطالب بالزيادة العامة في الأجور والاستجابة للنقاط الخلافية. غير ذلك سيعرف القطاع احتقانا وتوترا كبيرا وطويلا"، وذلك في تهديد واضح منه للوزارة والحكومة. كما شدد خفيفي على أن رفض النقابات الاجتماع مع بنموسى يأتي انطلاقا من أن "اللقاء صوري وشكلي للاستهلاك الإعلامي"، وزاد: "لنا كلمة واحدة هي رفض النظام الأساسي، ولا يمكن أن يستمر القطاع في السير في هذا التوجه". "إسقاط النظام الأساسي الجديد" من جهته، أكد عبد الله غميمط، الكاتب العام الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي، أن الإضراب الوطني الذي تشارك فيه النقابة إلى جانب التنسيقيات الأخرى "لم يكن اختيارا، وإنما هو دفاع عن النفس ردا على التصعيد الذي مارسته وزارة التربية الوطنية ضد رجال ونساء التعليم". وأضاف غميمط، في تصريح لهسبريس، أن النظام الجديد "تراجعي وجاء مخيبا لانتظارات الجميع وتصعيد تجاه القطاع"، معتبرا أن "مسؤولية هدر الزمن المدرسي الذي سيكون التلاميذ من ضحاياه الرئيسيين تتحملها الوزارة الوصية على القطاع والحكومة". وتابع المتحدث: "المعركة ابتدأت اليوم، والمطلب الأساسي هو إسقاط النظام الأساسي الجديد، ومفاوضات حقيقية تنتج عنها زيادة حقيقية في الأجور صافية تبلغ أكثر من 3000 درهم"، مشددا على رد الاعتبار لرجل التعليم، ومتعهدا بالاستمرار في الإضرابات والخطوات النضالية التصعيدية ضد الوزارة في الأسابيع والأيام المقبلة. وختم النقابي ذاته: "الكرة في ملعب الوزارة، والمسؤولية تتحملها، وعليها أن تنصت للنقابات والتنسيقيات ومختلف مكونات الحركة النقابية"، مطالبا الوزير بالتحلي ب"الجرأة والإرادة السياسية ليضع حدا لسياسة النعامة التي لجأ إليها مختلف الوزراء في الحكومات المتعاقبة على تسيير القطاع".