البكاء عاطفة نبيلة، دليل صدق، وعنوان لطف، ورسالة رحمة.. لكن هل ينفع البكاء يوم الملحمة؟ الواجب أن نحول هذا الجرح إلى فعل نافع للناس الثابتين في أرضهم، الرافضين للتهجير، المواجهين للجحيم باستعلاء وهمة واستنهاض عظيم. لا التلاوم ينفع، ولا توزيع الاتهامات مفيد.. إنما العمل العمل. كل بما يملك، وبما يعرف، وبما يفهم.. الدعاء سلاح، المقاطعة سلاح، التوعية سلاح، الدعم سلاح، تخديل العدو سلاح، الوقفات سلاح، المسيرات سلاح، الاعتصامات سلاح، الضغط على مصالح (إسرائيل، أمريكا، فرنسا، كندا، بريطانيا، إيطاليا، ألمانيا) سلاح، الاحتجاج أمام قنصلياتهم وسفاراتهم سلاح.. توحيد الوجهة سلاح. هذا الدم دمنا، هذا الجرح جرحنا، هذا العرض عرضنا، هذا الشرف شرفنا.. ليس طفلهم وحدهم، هو طفلنا. ليس ثأرهم وحدهم، هو ثأرنا. ليست قضيتهم وحدهم، هي قضيتنا هي أرضنا، قدسنا، قبلتنا، هوى قلوبنا.. لا بكاء اليوم، إنما العمل العمل.. كل بما يعرف، وبما يفهم، وبما يملك. عدونا مجرم، جبان، غادر، فشل في انتزاع العزيمة من الطفل اليتيم، ولم تخضع الأرملة لإرادته، ولم يسلب غزة أنفتها، عزتها، كرامتها، نخوتها، بطولتها.. ولم يجرؤ على الاقتراب من المقاومين. كيف نقبل على أنفسنا تضييع حق المرابطين؟ كيف نقبل أن ننشغل بالبكاء هزيمة على الاستجابة لنداء الحياة؟ أو ليس هذا هو أول دور لدم الشهيد؟، أو ليست الشهادة على الناس في القرآن استنهاض للهمم وحجة على البرايا والأمم؟ لا بكاء اليوم، إنما العمل العمل.. كل بما يعرف، وبما يفهم، وبما يملك.