مديرية الضرائب تفتح شبابيكها نهاية الأسبوع لتمكين الأشخاص الذاتيين المعنيين من التسوية الطوعية لوضعيتهم الجبائية    تساقطات ثلجية مرتقبة بعدد من مناطق المغرب    رأس السنة الجديدة.. أبناك المغرب تفتح أبوابها استثنائيًا في عطلة نهاية الأسبوع    المنتخب المغربي يشارك في البطولة العربية للكراطي بالأردن    الدحمي خطاري – القلب النابض لفريق مستقبل المرسى    غياب الطبيب النفسي المختص بمستشفى الجديدة يصل إلى قبة البرلمان    بيت الشعر ينعى الشاعر محمد عنيبة الحمري    العام الثقافي قطر – المغرب 2024 : عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية    استخدام السلاح الوظيفي لردع شقيقين بأصيلة    الفقيه أحمد الريسوني... الهندوسي: عوض التفكير المقاصدي، الرئيس السابق للإصلاح والتوحيد يخترع الخيال العلمي في الفقه!    إسرائيل تغتال 5 صحفيين فلسطينيين بالنصيرات    الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تصعد رفضها لمشروع قانون الإضراب    تعاونيات جمع وتسويق الحليب بدكالة تدق ناقوس الخطر.. أزيد من 80 ألف لتر من الحليب في اليوم معرضة للإتلاف    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    اكتشاف جثة امرأة بأحد ملاعب كأس العالم 2030 يثير الجدل    البطولة الوطنية.. 5 مدربين غادروا فرقهم بعد 15 دورة    مقتل 14 شرطيا في كمين بسوريا نصبته قوات موالية للنظام السابق    كندا ستصبح ولايتنا ال51.. ترامب يوجه رسالة تهنئة غريبة بمناسبة عيد الميلاد    "التجديد الطلابي" تطالب برفع قيمة المنحة وتعميمها    "الاتحاد المغربي للشغل": الخفض من عدد الإضرابات يتطلب معالجة أسباب اندلاعها وليس سن قانون تكبيلي    أسعار الذهب ترتفع وسط ضعف الدولار    صناعة الطيران: حوار مع مديرة صناعات الطيران والسكك الحديدية والسفن والطاقات المتجددة    بلعمري يكشف ما يقع داخل الرجاء: "ما يمكنش تزرع الشوك في الأرض وتسنا العسل"    "ال‬حسنية" تتجنب الانتقالات الشتوية    أسعار النفط ترتفع بدعم من تعهد الصين بتكثيف الإنفاق المالي العام المقبل    طنجة تتحضر للتظاهرات الكبرى تحت إشراف الوالي التازي: تصميم هندسي مبتكر لمدخل المدينة لتعزيز الإنسيابية والسلامة المرورية    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    حلقة هذا الأسبوع من برنامج "ديرها غا زوينة.." تبث غدا الجمعة على الساعة العاشرة    حملات متواصلة لمحاربة الاتجار غير المشروع في طائر الحسون أو "المقنين"    تدابير للإقلاع عن التدخين .. فهم السلوك وبدائل النيكوتين    الحبس موقوف التنفيذ لمحتجين في سلا    وكالة بيت مال القدس واصلت عملها الميداني وأنجزت البرامج والمشاريع الملتزم بها رغم الصعوبات الأمنية    سنة 2024 .. مبادرات متجددة للنهوض بالشأن الثقافي وتكريس الإشعاع الدولي للمملكة    الممثل هيو جرانت يصاب بنوبات هلع أثناء تصوير الأفلام    الثورة السورية والحكم العطائية..    اعتقال طالب آخر بتازة على خلفية احتجاجات "النقل الحضري"    كيوسك الخميس | مشاهير العالم يتدفقون على مراكش للاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة    الإعلام الروسي: المغرب شريك استراتيجي ومرشح قوي للانضمام لمجموعة بريكس    الضرورات ‬القصوى ‬تقتضي ‬تحيين ‬الاستراتيجية ‬الوطنية ‬لتدبير ‬المخاطر    "البام" يدعو إلى اجتماع الأغلبية لتباحث الإسراع في تنزيل خلاصات جلسة العمل حول مراجعة مدونة الأسرة    مباراة ألمانيا وإسبانيا في أمم أوروبا الأكثر مشاهدة في عام 2024    "أرني ابتسامتك".. قصة مصورة لمواجهة التنمر بالوسط المدرسي    المسرحي والروائي "أنس العاقل" يحاور "العلم" عن آخر أعماله    الصين: أعلى هيئة تشريعية بالبلاد تعقد دورتها السنوية في 5 مارس المقبل    جمعيات التراث الأثري وفرق برلمانية يواصلون جهودهم لتعزيز الحماية القانونية لمواقع الفنون الصخرية والمعالم الأثرية بالمغرب    مصطفى غيات في ذمة الله تعالى    جامعيون يناقشون مضامين كتاب "الحرية النسائية في تاريخ المغرب الراهن"    التوجه نحو ابتكار "الروبوتات البشرية".. عندما تتجاوز الآلة حدود التكنولوجيا    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    الوزير قيوح يدشن منصة لوجيستيكية من الجيل الجديد بالدار البيضاء    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المختصون التربويون والاجتماعيون بين شطط رؤساء المؤسسات وتواطؤ الإدارات المركزية لوزارة التربية الوطنية
نشر في العمق المغربي يوم 15 - 10 - 2023

أحدث النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية سنة 2003 أطرا جديدة تتمثل في الملحقين التربويين والاجتماعيين. وإذا كان الهدف من إحداث هذه الأطر التي أصبحت تحمل اسم المختصون التربويون والاجتماعيون في النظام الأساسي الجديد لسنة 2023، فإن هؤلاء الأطر توجد في وضعية بغاية التعقيد داخل منظومة التعليم في المغرب. ما يحول دون تحقيق الأهداف التي بادر صانع القرار التربوي إلى إحداثها.
يُعاني المختصون التربويين والاجتماعيين في المدرسة العمومية المغربية من عدة مشاكل تقف أمام تحسين وضعيتهم الوظيفية، وتحول دون استفادة المنظومة التعليمية من مؤهلاتهم ومن التكوينات التي تلقوها في مراكز التكوين.
علاوة على ذلك، تواجه هذه الفئة من رجال ونساء التعليم عدم توفر الظروف المناسبة للاشتغال، سواء من حيث الظروف الصحية (مختبرات لا تتوفر على شروط الصحة والسلامة مثلا)، أو من حيث غياب لوازم الاشتغال (تجهيز المختبرات المدرسية، توفير مكاتب مستقلة للمختصين التربويين والاجتماعيين وتجهيزها...إلخ). وذلك رغم أن النظام الأساسي الجديد ينطلق من الارتقاء بالموارد البشرية، وعملها في ظروف وبيئة عمل ملائمين، يستجيبان لشروط الصحة والسلامة (المذكرة التقديمية والمادة 4 من المرسوم رقم 2.23.819 بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية).
كما تواجه هذه الفئة كذلك الاجهاز المتدرج على مكتسباتها، من قبيل استثنائهم من الحق في الترقية بالشواهد العليا (المادة 81 من المرسوم المذكور)، بعدما كانوا يستفيدون من هذا الحق إلى غاية آخر فوج من رجال التعليم استفاد من هذا الحق. إضافة إلى إضافة عراقيل لم تكن موجودة بالنسبة للحركة الانتقالية الخاصة بهذه الفئة، من خلال تضمين القرارات الوزارية الخاصة بتنظيم هذه العملية رأي المدير الإقليمي ومدير الأكاديمية. ما يُشكل ربطا لهذه الحركة التي لا تزال تدار بطريقة ورقية بمزاجية المدير الإقليمي على خلاف باقي الفئات...إلخ.
بيد أن أبرز إشكال يعاني منه المختص التربوي والاجتماعي هو الشطط في استعمال السلطة من طرف الرؤساء المباشرين على مستوى المؤسسات التعليمية، وتواطئ المديريات الإقليمية مع هؤلاء الرؤساء من أجل التعسف على هذه الأطر، من خلال ملء الخصاص الذي يعرفه قطاع التربية الوطنية من الموارد البشرية، على حساب حقوق الأطر المذكورة.
من هذا المنطلق فإن هذه الورقة لن تتطرق لكل المشاكل التي يعاني منها هؤلاء الأطر، بقدر ما تُركّز على الشطط والتعسفات التي يتعرضون لها على مستوى المهام (أولا)، وعلى مستوى عدد ساعات العملّ (ثانيا)؛
أولا: التعسف في فرض مهام غير أصلية على المختصين التربويين والاجتماعيين
غالبا ما يغفل رؤساء المؤسسات التعليمية ارتباط القواعد القانونية فيما بينها وشرح بعضها لبعضها الآخر، ينطلقون من الطريقة المبهمة والمقصودة التي أورد بها المرسوم رقم 2.23.819، بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية، مهام المختصون التربويون والاجتماعيون، من أجل الخلط بين مهام فئات المختصين عامة والمختصين التربويون بشكل خاص. ما يسمح لهم بإسناد مهام غير قانونية لهذه الأطر.
توضيحا لذلك، فقد جاء في المادة 15 من المرسوم المذكور بأن المختص التربوي يقوم بمهام
· المساعدة في أعمال الإدارة المدرسية
· الإشراف على المختبرات المدرسية
· الإشراف على المكتبات المدرسية تدبير الأنشطة التربوية والأنشطة الموازية
· المشاركة في الأنشطة التربوية والموازية.
قد يظهر في الوهلة الأولى أن هذه المادة تتحدث عن فئة واحدة من إطار مختص تربوي يقوم بهذه المهام كلها. بيد أن العودة إلى مجموعة من الوقائع والقواعد القانونية في مراسيم وقوانين أخرى يُبين أن الحقيقة غير ذلك، وهي أن هناك وجود لثلاث فئات من إطار مختص تربوي، تقوم كل واجدة منها بمهمة واحدة من المهمات الثلاث أعلاه (مع بقاء المهمة الرابعة وهي المشاركة في الأنشطة التربوية والموازية مشتركة بين كل أطر القطاع).
كان موقف رؤساء المؤسسات ومعهم المديريات الإقليمية ليكون صائبا ومقبولا لو أن الوزارة لم تعتمد في توظيف هذه الفئات على ثلاث أنواع من المباريات تفتح في وجه ثلاث فئات مختلفة؛ ولو أن الوزارة لا تقوم عند إعلان هذه المباريات ونتائجها، وتكوين الناجحين، وتعيين الخريجين من المراكز الجهوية، بالفصل بين مهام الإشراف على المختبرات المدرسية وبين الحراسة والتوثيق التربوي (مباريات 26 دجنبر 2009 ومباريات نونبر 2021على سبيل المثال).
علاوة على ذلك، يتجاهل هؤلاء الرؤساء ومعهم المديريات الإقليمية والجهوية أن المادة 35 من المرسوم سالف الذكر تؤكد على أن توظيف المختصين التربويين والاجتماعيين يكون على أساس "شهادة التكوين المسلمة من المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين التي يتم الولوج إليها عن طريق مباراة، تراعى فيها التخصصات المطلوبة، للحاصلين على شهادة الإجازة والشواهد المشار لها في مرسوم 2.12.90. حيث إن إشارة المادة إلى جملة "مراعاة التخصصات المذكورة" لدليل آخر على تخصص كل فئة من فئات المختصين التربويين بمهمة واحدة فقط من المهام المذكورة في المادة 15.
بالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن ينتبه هؤلاء الرؤساء إلى أن المهام التي ينبغي أن يمارسها المختصون التربويين والاجتماعيين هي بالضرورة مهام تتقاطع مع مهام الهيئة التي ينتمون إليها، وذلك لأن مذكرة تقديم هذا المرسوم، كجزء لا يتجزأ منه، تؤكد على أن مهام أطر كل هيئة من الهيئات الثلاث لمنظومة التربية الوطنية تتكامل وتتقاطع من أجل خلق الانسجام في الهيئة الواحدة وبالتالي في المنظومة كلها. وحيث ان المختصون المذكورون ينتمون من حيث الهيئة، حسب المادة 10 من المرسوم المذكور، إلى هيئة التربية والتعليم، وحيث إن المادة 28 من المرسوم سالف الذكر تؤكد على أن إسناد المهام يكون بقاعدة إسناد مهام الأطر المماثلة الخاضعة لهذا المرسوم، فإن مهام المختصون التربويون لا يُمكن أن تتقاطع مع مهام الإدارة المدرسية التي هي من صلب مهام هيئة أخرى (المتصرفون التربويون تحديدا)، بموجب المادة 54 من المرسوم المذكور. بل تتقاطع فقط مع الأطر هيئة التربية والتعليم (هيئة التدريس تحديدا) الذين لا يستفيدون مثلهم تماما من أي تعويض عن الأعباء ويلجون القطاع بنفس الشواهد عكس الأطر الإدارية.
وجذير بالذكر أن الأطر الإدارية التي يتم القياس عليها، من أجل فرض المهام أطر الدعم التربوي والاجتماعي، مثل إطار محضر مختبر وحارس الداخلية والخارجية يستفيدون من التعويضات في الأنظمة الأساسية القديمة. ما يجعل القياس غير منطقي مع وجود عدة فوارق؛
علا خلاف ذلك، جاء في الفصل الخامس من المرسوم 675.77.2 ليوم 17 أكتوبر 1975 بتاريخ 11 شوال 1975 (17 أكتوبر 1975) بتغيير وتتميم المرسوم الملكي رقم 1199.66 في 19 ذي الحجة 1386 (30 مارس 1967) بمثابة النظام الأساسي الخاص بالموظفين الإداريين بوزارة التربية الوطنية، بأن هذه الأطر الإدارية تستفيد من تعويضات.
كما أن الأطر الإدارية التي لا تستفيد من هذه التعويضات، مثل إطار محضر مختبر، تستفيد من التعويضات الخاصة بموظفي الإدارات المركزية والموظفين المشتركين بالإدارة العمومية وفقا للمرسوم الملكي رقم 1199.66 في 19 ذي الحجة 1386 (30 مارس 1967) بمثابة النظام الأساسي الخاص بالموظفين الإداريين بوزارة التربية الوطنية.
وأتى المرسوم رقم 2.75.687 بتاريخ 11 شوال 1395 (17 أكتوبر 1975) بشأن التعويض عن الاختصاص الممنوح لموظفي المختبرات المدرسية، ليُنير هذا الغموض ويفصل في هذا التعويض، حينما منح للمحضرين في المختبرات المدرسية والجامعية العاملين بمؤسسات التعلم تعويضا عن الاختصاص (الفصل الأول)، يُحدد قدره في مبلغ 2.776 درهما يؤدى شهريا.
علاوة على ذلك، يتجاهل هؤلاء الرؤساء أن المرسوم الجديد يرتكز في صياغة مضامينه، وفقا لمذكرة تقديمه، على أساس مبدأ التكوين كشرط لتولي المهام والمناصب، وعلى أساس ملائمة التكوين مع متطلبات الوظيفة، وعلى أساس إلزامية التكوين الأساس كمدخل لتأهيل الموارد البشرية والرفع من أدائها وكفاءتها المهنية. ولا يُعيرون الاهتمام للمادة 69 من المرسوم رقم 2.23.819، إذ إن إهمال هذه المادة التي تُلزم المختصون التربويين بالتكوين المستمر من أجل تطوير مهاراتهم وتحسين مردوديتهم، تجعل هؤلاء الرؤساء يساهمون في ضرب أهداف النظام التربوي في الصميم، ويتسببون في تبذير الموارد البشرية عوض تدبيرها؛ فكيف يتم نقل موارد بشرية مكونة في مجال معين (الإشراف على المختبر، أو التوثيق والحراسة التربوية، أو الدعم الاجتماعي) من أجل توظيفها في مجالات أخرى إدارية لم تتلقى فيها أي تكوين كالحراسة العامة والمديريات الاقليمية. حيث إن ذلك يؤثر سلبا على المهام التي من المفترض القيام بها من طرف كل فئة منهم، مثلما يؤثر سلبا كذلك على المهام الإدارية التي يقوم بها شخص لم يتلق التكوين فيها.
من زاوية أخرى. ففي الوقت الذي تؤكد فيه المذكرة التقديمية للمرسوم 2.23.819 على تثمين الاستحقاق والانصاف وتكافؤ الفرص بين جميع الموظفين والموظفات، من خلال ربط ترقيتهم بنظام دقيق لتقييم الأداء يقوم على أساس ما ذكرته المادة 52، وهو جودة الممارسة المهنية واستثمار التكوين المستمر، فإن المختص التربوي، الذي يتم التعسف عليه عبر تكليفه بمهام إدارية لا تمت بصلة لمجال تكوينه وتخصصه، يكون ضحية غياب الانصاف وعدم تكافؤ الفرص في الترقية: أولا لأن تقييم ممارسته المهنية لا يُمكن أن تكون إلا ناقصة وغير إيجابية في مجال إداري لم يتلقى بشأنه أي تكوين، كما أن اعتماد استثمار تكوينه في هذه المهام غير ممكن بسبب اختلاف ما يمارسه من مهام تكليف مع ما تلقاه من تكوين. ما يجعل فرصته في الترقي وفي خدمة المنظومة التعليمية أقل من زملائه الذين يمارسون في مهامهم الأصلية التي على أساسها يتم تقييم عملهم.
في نفس السياق، فإذا كان المرسوم المذكور يؤكد في مذكرة تقديمه على ربط المسؤولية بالمحاسبة، ويُخصص في المادة 64 مجموعة من للعقوبات التأديبية تُطبق على الموارد البشرية في القطاع، فإن تكليف المختص التربوي أو الاجتماعي بمهام إدارية غير أصلية وتقع خارج اختصاصه وتكوينه هو في الحقيقة رمي له أمام محرقة العقوبات؛ حيث إن نسبة احتمال ارتكاب أخطاء جسيمة يتحمل مسؤوليتها تكون أكبر وأكثر احتمالا عند ممارسة مهام لم يتم تلقي أي تكوين بشأنها.
ناصية الكلام بالنسبة لموضوع التعسف في المهام، ينبغي ان ينتبه الرؤساء المذكورين أن بقيامهم محاولة فرض مهام إدارية على أطر المختصين التربويين والاجتماعيين هو مخالفة صريحة للمرسوم المذكور، وخاصة في المادة الخامسة التي تنص صراحة على أن كرامة المختص التربوي واحترامه محفوظان من خلال منع إلزامه بمهام غير تلك المسندة إليه طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، أي المهام التي تم توظيفه من أجلها كما سبق الإشارة إلى ذلك في المادة 15.
ثانيا: التعسف في فرض عدد ساعات عمل غير قانوني وغير عادل.
لا يتوقف التعسف ضد المختصين التربويين في محاولة الفرض التعسفي لمهام غير أصلية لا ترتبط بهم، بل يمتد كذلك ويمس بمبدأ أساسي جعله المشرع قيمة سامية في الدستور وهو قيمة العدل؛ فإذا كان الفصل 162 من الدستور يؤكد، من خلال تخصيص مؤسسة الوسيط بمهمة إشاعة مبادئ العدل والانصاف في تدبير الإدارات والمؤسسات العمومية، وكانت النظام الأساسي الجديد مبني، وفقا لمذكرة تقديم المرسوم بتنفيذه، على أساس التلازم بين الحقوق والواجبات، فإن ترك عدد ساعات عمل اشتغال المختص التربوي والاجتماعي دون تحديد قانوني يضع هذه الأطر أمام تعسف رؤسائهم المباشرين الذين يستغلون غياب قواعد قانونية تخص هذا الموضوع من أجل فرض عدد ساعات عمل لا توازي الأجر الذي يتقاضاه المختص التربوي والاجتماعي.
إن عدم تمتيع المختص التربوي والاجتماعي بجدول حصص يتكون من عدد ساعات عمل مماثلة للأطر الذين يشترك معهم أطار المختص التربوي والمختص الاجتماعي نفس الهيئة حسب المادة 9 و10، ونفس نظام التعويضات كما تبرز المادة 58 من المرسوم المذكور (12 أو 24 ساعة عمل أسبوعيا). والسعي إلى فرض جدول عمل إداري خاص بأطر الإدارة المدرسية (38 ساعة) دون سند قانوني على هذه الفئة، رغم عدم تماثل أطرها مع أطر الهيئة المذكورة يتنافى مع مبادئ العدل؛ ،خاصة مع عدم استفادة المختص التربوي والاجتماعي مثل بقية هيئة التربية والتعليم من أي تعويض تكميلي عن الأعباء، على خلاف أطر هيئة الإدارة المدرسية التي تستفيد من التعويضات التكميلية (المادة 91) والتعويضات عن الاعباء الإدارية (المادة 91).
توضيحا لذلك، يستند بعض رؤساء المؤسسات في محاولة فرض 38 و36 ساعة عمل غير العادلة على المختصين التربويين والاجتماعيين استنادا على مذكرتين كلاهما لا يعنيان في الحقيقة إطار المختص التربوي ولا الاجتماعي، وهما المذكرتان 190 بتاريخ 11 شتنبر 1981 والمذكرة 26 بتاريخ 6 فبراير 1980.
فالمذكرتان المذكورتان تخصان بشكل حصري أطرا إدارية تم وضعها في طور الانقراض وفقا لمرسوم 2.02.854 الصادر في 8 ذي الحجة 1423 (10 فبراير 2003) بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية، وذلك سواء بالنسبة لإطار محضر المختبر (المادة 73)، أو بالنسبة لإطار حارس الداخلية والخارجية (المادة 71).
كما أن المختص التربوي لا يُشكل امتداد لأي إطار إداري وارد في المذكرة 190 (إطار محضر مختبر أو حارس الداخلية أو الخارجية) ولا للإطار الإداري الوارد في المذكرة 26 (إطار محضر المختبر)؛ أولا لأن مرسوم 2.02.854 الصادر سنة 2003 لم يذكر ما يُفيد أن الملحق التربوي يحل محل الأطر المذكورة، على عكس مرسوم 2.23.819 لسنة 2023 الذي يؤكد في المادة 75 أن إطار مختص تربوي يحل محل إطار ملحق تربوي. ثانيا، لأن هناك فروقات جوهرية بين إطار مختص تربوي (ملحق تربوي سابقا) وبين الأطر المذكورة في هذه المذكرات على عدة مستويات؛
في هذا المقام، وعلى مستوى الولوج إلى التوظيف، نجد أن المختص التربوي يلج القطاع بدرجة أعلى (السلم 10)، وعبر مباراة تفتح في وجه من تتوفر فيه شروط أعلى (شهادة الإجازة)، وتكوين في المراكز الجهوية للتربية والتكوين، كما يتبين ذلك في المادة 15 من مرسوم 2.12.90 لسنة 2023. بينما يلج إطار محضر المختبر وإطار حارس الخارجية والداخلية، هذا القطاع وفق ما يتضح من المادتين 79 و81 من المرسوم رقم 2.85.742 الصادر في 18 من محرم 1406 (4 أكتوبر 1985)، وحسب الفصل 54 من المرسوم 675.77.2، بدرجة أقل وهي الدرجة الرابعة (السلم7)، وبتعيين (ليس مباراة) للحاصلين على شهادة البكالوريا أو للمعلمين غير الرسميين المزاولين للمهمة لمدة سنتين حين صدور المرسوم المذكور، وللتقنيين (الذين تفتح أمامهم مباراة إطار مساعد إداري وليس مختص تربوي كما تبين ذلك المادة 36 المرسوم الحالي [المرسوم رقم 2.23.819]).
وعليه لا يُمكن قياس عدد ساعات عمل مختص تربوي بعدد ساعات عمل هذه الأطر (38 ساعة)، ولا يُمكن تطبيق المذكرات التي تنظم عدد هذه الساعات (190 و26) بسبب عدم التماثل الذي تحرص عليه المادة 28 من المرسوم 2.12.90 لسنة 2023 (إسناد المهام يكون بقاعدة إسناد مهام الأطر المماثلة الخاضعة لهذا المرسوم).
في ذات الصدد، يُشكل فرض 36 ساعة على المختص التربوي مهام الإشراف على المختبر قياسا بعدد ساعات العمل التي تنظمها المذكرة 26 ل6 فبراير 1980 بالنسبة لإطار محضر مختبر، فرضا تعسفيا وقياسا غير عادل لعدة أسباب أخرى؛
فإذا كان المختص التربوي– مهام الإشراف على المختبر إطار غير إداري ينتمي لهيئة التربية والتعليم (المادة 10 من المرسوم 2.12.90 لسنة 2023)، فإن إطار محضر المختبر هو موظف إداري وفقا لما جاء في ديباجة المذكرة 26 نفسها (الموظفين الإداريين الذين يتم تعيينهم للقيام بمهام تحضير المختبر)، وفي المرسوم المعتمد لإقرارها وهو المرسوم 675.77.2.
ناصية الكلام، ينبغي أن ينتبه رؤساء المؤسسات التعليمية ومديري المديريات الإقليمية والأكاديمية إلى النصوص القانونية وقراءتها في شموليتها دون تجزيئ من أجل حفظ حقوق فئة المختصين التربويين والاجتماعيين، والعمل على استفادة المنظومة التعليمية من مهاراتهم وتكوينهم بغية الارتقاء بالمنظومة في شموليتها.
*عبد الحق مربوط (باحث في القانون العام)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.