أعلن ضباط كبار في الجيش الغابوني استيلاءهم على السلطة في بيان متلفز من القصر الرئاسي، صباح اليوم الأربعاء، عقب إعلان لجنة الانتخابات فوز الرئيس علي بونغو بولاية ثالثة. وظهر العسكريون عبر التلفزيون الحكومي، معلنين إلغاء الانتخابات التي أجريت السبت، وحل جميع مؤسسات الدولة وإغلاق الحدود. وقال متحدث باسم العسكريين في البيان الذي بثه التلفزيون: "اليوم، 30 غشت 2023،، باسم الشعب الغابوني، قررنا نحن قوات الدفاع والأمن المتحدين في إطار لجنة نقل واستعادة المؤسسات (CTRI)، الدفاع عن السلام من خلال وضع حد للنظام القائم". وتابع: "لهذا الغرض، تم إلغاء الانتخابات العامة لشهر غشت 2023 ونتائجها المزورة، ونعلن إغلاق الحدود حتى إشعار آخر، وحلّ جميع المؤسسات الحكومية". وقرأ البيان ضابط برتبة عقيد، ووقفت خلفه مجموعة من الضباط بينهم عناصر من الحرس الجمهوري المكلف بحماية الرئاسة فضلا عن عناصر من الجيش والشرطة. ومن بين الضباط الأربعة الكبار، اثنان من الحرس الجمهوري واثنان من الجيش. وشملت المؤسسات التي أُعلن عن حلها الحكومة ومجلس الشيوخ والجمعية الوطنية والمحكمة الدستورية ولجنة الانتخابات. وجاءت الخطوة بعد ساعات من تأكيد مركز الانتخابات في الغابون "CGE"، فوز بونغو رسميًا بولاية رئاسية ثالثة، بنسبة 64.27 بالمئة من أصوات الناخبين. وأعلن رئيس لجنة الانتخابات ميشيل ستيفان بوندا، أن المرشح ألبرت أوندو أوسا، منافس بونغو الأبرز، جاء في المركز الثاني بحصوله على 30.77 من الأصوات. واتهم أوسا السلطات التابعة للرئيس الحالي بتزوير الانتخابات التي أجريت في دورة واحدة وبلغت نسبة المشاركة فيها 56 بالمئة، وهو ما رفضه بونغو. وكانت الغابون قد شهدت تعديلا دستوريا تمكن بونغو بموجبه من الترشح لفترة رئاسية ثالثة، وهو ما أثار معارضة الرأي العام في بلاده واعتبره "تلاعبًا" بالدستور للاستحواذ على السلطة. كما أن الوضع الاقتصادي المتردي في الغابون في ظل حكم بونغو زاد من معارضيه خاصةً وسط فئة الشبّان، مع امتعاض واسع من الفساد في الطبقة الحاكمة. وينتمي بونغو إلى أسرة تحكم الغابون منذ نحو 55 عامًا في إطار نظام توريث، وهو ما لم تعد تقبله الأجيال الجديدة في البلاد، بحسب تقارير إعلامية. ويعتقد مراقبون أن الانقلاب كان معدًا له مسبقا، خاصة أن فوز بونغو كان متوقعًا، وأن التعامل مع انقلاب النيجر شجّع عليه، حيث لم يستطع أحد أن يغيّر موقف المجلس العسكري الانقلابي رغم تهديد المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" بالتدخل العسكري لإعادة النظام الدستوري برئاسة محمد بازوم المحتجز منذ 26 يوليو/ تموز الماضي. جدير بالذكر أن المغرب تربطه بالغابون علاقات سياسية متميزة منذ فترة طويلة انعكست على المستوى الاقتصادي، وهو ما ترجمه الحضور القوي للشركات المغربية على التراب الغابوني باستثمارات تغطي أكثر القطاعات الاستراتيجية. وأعطى الملك محمد السادس وعلي بونغو زخما لهذه العلاقات الاستثنائية، التي أرسى أسسها الملك الراحل الحسن الثاني والرئيس الغابوني السابق عمر بونغو. وفي فبراير الماضي زار الملك محمد السادس العاصمة الغابونية ليبروفيل وأجرى بالقصر الرئاسي، مباحثات مع علي بونغو أونديمبا، شكلت مناسبة للتأكيد على أهمية العلاقات العميقة والغنية والمتينة المتجذرة بين البلدين.