تمر تركيا بتجربة استثنائية عنوانها المرور للدور الثاني لانتخاب الرئيس، دور بتوجهين يقودهما الرئيس الحالي أردوغان والمرشح للرئاسة أوغلو اسمان لهما وزنهما في الساحة السياسة التركية، وكلاهما له توجه لا يشبه الآخر، ذلك أن اردوغان قد استبق الأمر وشكل تحالفا حزبيا سياسيا شكل الفارق في الدور الأول بالرغم من عدم بلوغ الرئيس الحالي لعتبة 50% ناهيك على أن المعارض الشرس داوود أغلو قد تمكن من التنافس مع رجل قاد الشأن التركي لما يروب من 22 سنة والوصول إلى نسبة قريبة جدا من اردوغان، لذلك فالاشارات التي يمكننا أن نستشفها من هذا الوضع التركي السياسي الجديد تتجلى في ثلاث نقاط أساسية: – أولاها تتمثل في تغير عقليات الشباب التركي بنسبة قليلة ودعوتهم للتغيير غير أن هذا الأمر لم يجهز على حظوظ المرشحين البارزين وإنما ساهم بدرجة كبيرة في تبيان تلكم التغيرات التي أصبحت ترخي بظلالها على الممارسة السياسية التركية وخاصة بعد الانقلاب وتوالي الأزمات الدولية مثل كورونا والزلزال ، هي حتما ظروف محيطة ساهمت بشكل كبير في الانتقال من نظرية الثابث الى المتحول السياسي – ثانيها: نحصرها في الملفات الكبرى التي تقودها الرئاسة الحالية والتي لا تروق نسبة المصوتين الذين أعطوا أصواتهم وبفارق كبير عن الرئاسيات السابقة للمعارضة كوجود السوريين فوق الأراضي التركية وكذا علاقة تركيا بروسيا وخاصة في ظل الحرب الروسية الاوكرانية ناهيك عن مشاكل غلاء الأسعار ، هذه متغيرات من بين أخرى تمثل أس التغير التصاعدي للمعارضة على حساب الأغلبية – ثالثها: يمثل ذلكم الرباط الذي أسسه أردوغان مع قواعد حزبية تدين للرجل بما أنجزه طيلة مدة حكمه من جهة ، ناهيك عن اصطفاف جوكير رئاسيات تركيا لسنة 2023 الخاسر في الدور الاول الرابح في الدور الثاني سنان والذي وبذكاء سياسي من التكثل السياسي الاغلبي أعلن اصطفافه الى جانبها ومن ثمة مطالبة أنصاره بالتصويت لاردوغان. لذلك وجب الجزم بأن سياسة الثابث والمتحول قد أصبحت ترخي بظلالها على المشهد السياسي الحديث والذي أخذها كمعادلة أساسية تقترن بصنع المفاجئات السياسية بل وحتى تجاوز نتائج البارومترات السابقة للانتخابات، إنه فعلا وضع يؤدي بنا الى الاعلان عن مصطلح جديد في الممارسة السياسية الدولية والذي يأخذ من ظاهرة العولمة مقوما أساسيا له في صناعة الخريطة السياسية. د. العباس الوردي استاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط والمدير العام للمجلة الافريقية للسياسات العامة