يمكننا تعريف الديوان الشعري " ستائر حالمة" بالقول إنه تجربة شعرية تحتفي بالطبيعة وجمال سحر الجنوب، وتختزل تجربة الشاعر في الكتابة، إنها استمرار لقصائده الشعرية السابقة التي احتفظت بالطبيعة بدورها، في دواوينه الشعرية السابقة: " مراثي القمر" و" أنغام درعة"، التي أقامها الشاعر على مآسي وأحزان الماضي، ربما هي تجربة سنوات من الكتابة لذلك فعندما نطالع القصائد الجديدة للشاعر لحسن أيت بها، نجد هذه التجربة قد اكتملت وتبلورت وتمثلت كتجربة شعرية خاصة وفريدة من نوعها، فنقرأ له مثلا: "من عمق الكآبة تحولت الكتابة مع مرو الزمن إلى حكاية". ص:10 ولا يمكن فهم الشاعر إلا بالعودة للبيئة التي نشأ فيها والتي مات فيها كل شيء، والتي يرمز لها بالجنوب، يقول: " في الجنوب وبعد أن مات كل شيء مات الشجر من داخل الشجر ماتت القلوب من داخل الإنسان". ص: 39. ويقول أيضا: " في الجنوب مات الرمل الذي يحمل آلامي مات النخل وأصبح جذعا بلا جذور". ص:40 كما يتحدث أيضا عن المجتمع الذي يعيش فيه، لأن الشاعر عاش بسيطا يتقبل الطبيعة والاشياء ويقبل على الحياة بنفس راضية يقول: " في الجنوب لاح لي وأنا جالس قرب الدار أناس بسطاء يحمل كل واحد منهم عودا من نخل الوادي". ص: 43. هذه التجربة التي بدأها الشاعر وهو يكتب قصائد على شكل خواطر، لتصبح في الأخير حكاية الشاعر الذي يحملها معه أينما حال وارتحل. كذلك نجد في عمق الديوان دلالة الموت في كل شيء، كأن الشاعر مرآة لمنطقته، وأحيانا يصف لنا هذا الموت في الحياة التي يعيشها أهل الجنوب، ويتقاسمها معهم يقول: " جف الوادي من منبعه فتذبل الحياة وتموت من كبوتها الأحصنة" ص: 46. ومع نهاية الوادي ستكون نهاية الشاعر ونهاية الحياة، وبهذا التمثل يصبح الوادي ذلك الفردوس المفقود يقول: " فمتى انتهى ذاك الوادي ستكون نهاية لحياتي إني أحب الموت هل أخاف عذاب الموت" ص: 79. ومن خلاله يسترجع الشاعر فقده للأشياء، ودلالة الفقد في الديوان تحيل على الحلم، ولأن من فقد الاشياء يراها في الحلم، فإن الشاعر فقد الطبيعة التي كان يراها في طفولته، وتترآى له على شكل صور يقول: " بمد يدي من ظلال شجرة رمان ونخل تغمر السلال وأسقى من ماء الأنهار". ص: 81. وهناك إشارات كثيرة للمعجم الدال على الطبيعة تدل على أن الشاعر تمثلها في شعره وتعلق بها وهو يحيى حياته فيها.